استقرت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية في نطاقات ضيقة يوم الثلاثاء بعد انخفاض كبير في الربع الأول من العام. كان ذلك في وقت كان فيه المستثمرون يقيمون مخاطر الركود المحتمل قبيل إعلانات التعريفة الجمركية التي سيعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثاني من أبريل. وفي الساعة 04:10 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (09:10 بتوقيت جرينتش)، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز 60 نقطة، أو بنسبة 0.1%. أما العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 فقد ظلت ثابتة إلى حد كبير، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 بمقدار 20 نقطة أو بنسبة 0.1%.
تأثير المخاوف الاقتصادية على مؤشرات الأسهم الأمريكية
تعرضت مؤشرات وول ستريت الرئيسية لضغوط كبيرة في مارس، وفي الربع الأول من العام بشكل عام. كان السبب الرئيسي لذلك هو المخاوف من أن الرسوم الجمركية التي من المتوقع أن تعلن عنها إدارة ترامب قد تؤدي إلى تقليص النشاط الاقتصادي. كما يتوقع العديد من الخبراء أن تساهم تلك الرسوم في زيادة التضخم.
مما قد يؤدي إلى دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود.
خسر مؤشر S&P 500، الذي يُعد من المؤشرات الرئيسية للأسواق الأمريكية، حوالي 5% في الربع الأول من 2025. بينما شهد مؤشر ناسداك المركب، الذي يحتوي على العديد من الشركات التكنولوجية، انخفاضًا كبيرًا تجاوز 10%. أما مؤشر داو جونز الصناعي فقد فقد نحو 2% من قيمته في نفس الفترة. لكن رغم ذلك، كانت هناك تدفقات قصيرة إلى الأسهم الأمريكية، وهو ما ساعد على إعادة صافي المركز في بورصة ناسداك إلى الحياد.
مخاوف الركود بسبب الرسوم الجمركية المتوقعة
تستعد الأسواق للإعلان عن الرسوم الجمركية الجديدة التي يخطط ترامب لفرضها.
ومن المتوقع أن يكون الثاني من أبريل هو الموعد النهائي لذلك. هذه الرسوم، والتي أُطلق عليها اسم “يوم التحرير”، ستتبعها أيضًا زيادة في الرسوم الجمركية على واردات السيارات بنسبة 25% اعتبارًا من 3 أبريل.
زيادة احتمالية الركود الأمريكي
أشارت تقارير صحفية إلى أن ترامب يدرس زيادة هذه التعريفات الجمركية على مجموعة من الدول في إطار استراتيجيته التجارية لمعالجة ما يعتقد أنه اختلالات تجارية غير عادلة تؤثر على الولايات المتحدة.
تُعد هذه التدابير جزءًا من استراتيجية الرئيس الأمريكي لفرض المزيد من القيود التجارية بهدف الحد من العجز التجاري مع عدد من الدول الكبرى. وعلى الرغم من أن الهدف من هذه السياسات هو تحسين وضع الولايات المتحدة التجاري، فإن المخاوف تتزايد بشأن تأثير هذه التعريفات على التجارة العالمية والاقتصادات المختلفة.
زاد بنك جولدمان ساكس من احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة إلى 35%، وذلك بعدما كانت التقديرات السابقة تشير إلى 20%. يرجع هذا الارتفاع إلى التوقعات بزيادة متوسط معدلات التعريفة الجمركية إلى 15% و.
هو ما قد يؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي ويضعف النمو.
التأثيرات الاقتصادية الناتجة عن هذه السياسات يمكن أن تكون عميقة. ففي حال استمرت الرسوم الجمركية في الارتفاع، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع كبير في الاستثمار المحلي وفي التجارة الدولية، ما قد يتسبب في تباطؤ في النمو الاقتصادي.
البيانات الاقتصادية الأمريكية تثير القلق
من المقرر صدور العديد من البيانات الاقتصادية الأمريكية هذا الأسبوع. من بين أهم هذه البيانات، مقياس الوظائف الشاغرة الذي سيصدر عن وزارة العمل الأمريكية في وقت لاحق من هذا الأسبوع. تُعد هذه البيانات من المؤشرات الرئيسية لسوق العمل في الولايات المتحدة. وتشير التوقعات إلى أن عدد الوظائف الشاغرة في فبراير قد يصل إلى 7.69 مليون، بانخفاض طفيف مقارنة بالشهر السابق.
وتتجه الأنظار أيضًا إلى تقرير الوظائف غير الزراعية المقرر صدوره يوم الجمعة المقبل.
والذي سيسلط الضوء على حالة سوق العمل في أمريكا خلال مارس. يعد هذا التقرير من أهم البيانات الاقتصادية التي ينتظرها المستثمرون، لأنه سيعكس صحة الاقتصاد الأمريكي بشكل عام.
أخبار الشركات الكبرى في الأسواق الأمريكية
فيما يتعلق بالأخبار الاقتصادية الخاصة بالشركات، شهدت شركة PVH Corp.
التي تمتلك علامتي Calvin Klein وTommy Hilfiger، أداءً قويًا في الربع الرابع. وارتفعت أسهم الشركة في تداول ما قبل السوق بعد أن أظهرت نتائجها المالية أرباحًا وإيرادات تتجاوز التوقعات.
في الوقت نفسه.
حققت شركة Progress Software ارتفاعًا ملحوظًا في تداولات ما قبل السوق، بعد أن أعلنت عن أرباح قوية في الربع الأول وأصدرت توقعات إيجابية للعام بأسره. في المقابل، تعرضت شركات أخرى مثل Nvidia وTesla لتراجع كبير في أدائها. حيث انخفضت أسهم Nvidia بنسبة 20% في الربع الأول، بينما تراجعت أسهم Tesla بأكثر من 35%.
تأثير التوترات الجيوسياسية على الأسواق العالمية
تستمر التوترات الجيوسياسية في التأثير على الأسواق العالمية، خاصة في ظل التهديدات التي أطلقها ترامب بفرض رسوم على النفط الروسي. حيث تسببت هذه التهديدات في هبوط طفيف في أسعار النفط يوم الثلاثاء، بعد أن سجلت أعلى مستوياتها في خمسة أسابيع. وقد تسبب ذلك في قلق الأسواق بشأن تأثير هذه الرسوم على الأسعار العالمية.
من ناحية أخرى، سجلت أسعار الذهب أعلى مستوى لها على الإطلاق يوم الثلاثاء.
حيث جذب المعدن الأصفر اهتمام المستثمرين كملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق. ارتفعت أسعار الذهب بشكل كبير خلال الجلسات الأخيرة، محققة مستويات قياسية جديدة.
الآفاق المستقبلية للأسواق العالمية
الأسواق الأمريكية والعالمية ستظل في حالة ترقب للأحداث القادمة في الأيام والأسابيع المقبلة. من المقرر أن تؤدي إعلانات ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية إلى مزيد من الضغط على الاقتصاد الأمريكي والعالمي. في الوقت نفسه، لا يزال تأثير هذه السياسات على الأسعار العالمية للنفط والذهب محل قلق كبير.
بناءً على الوضع الراهن، من المتوقع أن تظل الأسواق العالمية تتأرجح بين المخاوف من الركود والمخاوف من تبعات السياسة التجارية الأمريكية. ويبدو أن الأسواق قد تدخل في مرحلة من التذبذب الكبير مع استمرار التوترات التجارية والاقتصادية على الساحة الدولية.