شهد الجنيه الإسترليني انتعاشًا قويًا في بداية هذا الأسبوع، متفوقًا على العملات الرئيسية الأخرى بعد موجة بيع حادة شهدتها أسواق العملات يوم الجمعة الماضي. فقد تراجع الجنيه يوم الجمعة بعد تراجع مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة بوتيرة أسرع من المتوقع خلال شهر أكتوبر، بالإضافة إلى تراجع مؤشر مديري المشتريات المركب S&P Global/CIPS لشهر نوفمبر إلى ما دون مستوى 50.0 لأول مرة منذ أكتوبر 2023.
يرجع انتعاش الجنيه الإسترليني في الأساس إلى التوقعات القوية في الأسواق بأن بنك إنجلترا قد يكون من البنوك المركزية الغربية التي ستتبنى سياسة نقدية أكثر اعتدالًا. حيث يتوقع المتداولون أن يبقي بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير عند 4.75٪ في اجتماع ديسمبر المقبل.
مع احتمال خفض الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس لتصل إلى 4٪ بحلول عام 2025، وفقًا لتقارير وكالة رويترز.
من ناحية أخرى، أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني (ONS) انخفاضًا في مبيعات التجزئة بنسبة 0.7% على أساس شهري.
حيث تجنب المتسوقون الإنفاق قبيل إعلان أول ميزانية ضريبية وإنفاقية من الحكومة الجديدة في 30 أكتوبر. كما سجل مؤشر مديري المشتريات المركب انخفاضًا إلى ما دون مستوى 50.0.
ما يشير إلى ركود في قطاع الخدمات وتراجع النشاط في قطاع التصنيع.
وفي تعليقاته، أكد كريس ويليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في S&P Global Market Intelligence.
أن نتائج المسح الاقتصادي بعد الميزانية كانت غير مبشرة. ومع ذلك، حذر نائب محافظ بنك إنجلترا، كلير لومبارديلي.
من التسرع في اتخاذ قرارات بناءً على تقرير واحد فقط، مؤكدًا أن نهج تخفيف السياسة سيكون تدريجيًا.
في المقابل، أبدت عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، سواتي دينغرا، دعمها لنهج أقل تدريجيًا في خفض أسعار الفائدة، مشيرة إلى أن التضخم في المملكة المتحدة لا يختلف بشكل كبير عن باقي الاقتصادات المتقدمة، وأن السياسات النقدية الحالية تُثقل كاهل الاستثمار.
ملخص يومي لحركة الأسواق: ارتفاع الجنيه الإسترليني وانخفاض الدولار الأمريكي
بدأ الجنيه الإسترليني يوم الاثنين بقوة مقابل الدولار الأمريكي (USD)، حيث سعى لتمديد تعافيه وتجاوز مستوى المقاومة المهم عند 1.2600. شهد زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي ارتفاعًا مع بداية الأسبوع.
مع تراجع مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) بنسبة 0.5٪ بالقرب من مستوى 107.00.
كما تراجعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.33٪ مع تفاعل الأسواق مع قرار الرئيس المنتخب دونالد ترامب ترشيح سكوت بيسنت وزيرًا للخزانة للإشراف على السياسات الاقتصادية والضريبية. ورغم بعض ردود الفعل السلبية، أعرب محللون عن ارتياحهم لهذا التعيين.
مشيرين إلى أنه قد يكون خيارًا مناسبًا لاحتواء المخاوف الاقتصادية المتعلقة بالرسوم الجمركية.
وفي تصريح له لصحيفة وول ستريت جورنال، أكد بيسنت أنه سيركز على تنفيذ السياسات المتعلقة بالتعريفات الجمركية، وتخفيض الإنفاق، والحفاظ على مكانة الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
وفي سياق البيانات الاقتصادية، أظهرت نتائج مؤشر مديري المشتريات العالمي لشهر نوفمبر تحسنًا كبيرًا في التوقعات الاقتصادية الأمريكية.
حيث ارتفع المؤشر المركب إلى 55.3، وهو أعلى مستوى له في 31 شهرًا، بفضل انتعاش قطاع الخدمات وتباطؤ الانكماش في قطاع التصنيع.
أما في ما يتعلق بتوقعات السياسة النقدية، فإن الأسواق منقسمة حول احتمالية اتخاذ بنك الاحتياطي الفيدرالي إجراءات جديدة في اجتماعه المقبل في ديسمبر.
التحليل الفني: الجنيه الإسترليني يواجه صعوبة في تجاوز مستوى 1.2600
واجه الجنيه الإسترليني بعض التحديات في الصعود فوق مستوى 1.2600 بعد انخفاضه دون الدعم النفسي عند 1.2500 مقابل الدولار الأمريكي. رغم تعافيه الحالي، قد يستخدم بعض المتداولين هذا الارتداد لبناء صفقات بيع جديدة، في ظل استمرار الاتجاه العام الهبوطي. يشير المتوسط المتحرك الأسي لمدة 200 يوم (EMA) إلى مستوى مقاومة بالقرب من 1.2800.
من جانب آخر، ارتد مؤشر القوة النسبية (RSI) لمدة 14 يومًا بعد أن كان في منطقة ذروة البيع، لكنه لا يزال داخل نطاق 20.00-40.00.
مما يشير إلى بقاء الزخم الهبوطي قويًا في السوق.
أداء اقتصادي مخيب للآمال في المملكة المتحدة وتأثيره على المستقبل المالي
تعهد رئيس الوزراء البريطاني بتحقيق نمو اقتصادي مستدام بنسبة 2.5% سنويًا وتحسين مستويات المعيشة، في مواجهة تحديات كبيرة للاقتصاد الذي يعاني من ركود الإنتاجية المستمر منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. وفقًا لأحدث التقارير الاقتصادية، شهد التضخم في المملكة المتحدة تسارعًا أكبر من المتوقع في أكتوبر.
حيث ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2.3% مقارنة بالعام الماضي، مدفوعة بزيادة فواتير الطاقة. في الوقت نفسه، لا يزال التضخم في قطاع الخدمات مرتفعًا بنسبة 5%، ما يعكس الضغوط المستمرة على الاقتصاد المحلي.
يواجه الاقتصاد البريطاني أيضًا تزايدًا في معدلات البطالة، حيث يعاني العديد من المواطنين من صعوبة في العثور على وظائف مستقرة.
وهو ما يزيد من أعباء الأسر البريطانية. ومع استمرار التضخم المرتفع، فإن القوة الشرائية للمستهلكين تتأثر سلبًا، مما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وهو أحد محركات الاقتصاد الرئيسية.
ذلك في ظل نمو اقتصادي قوي في الولايات المتحدة واستمرار السياسات التي تدعم هذا النمو.
في حين يواجه الاقتصاد البريطاني تحديات إضافية، مثل الزيادات الضريبية الضخمة ورفع الحد الأدنى للأجور.
بالإضافة إلى الأعباء المترتبة على التعديلات في قوانين العمل.
توقعات سياسة بنك إنجلترا وتوجهات السوق المستقبلية
من حيث السياسة النقدية، أظهرت الأسواق زيادة في توقعات المستثمرين حول عدد تخفيضات أسعار الفائدة التي قد يجريها بنك إنجلترا في العام المقبل.
حيث رفعت التوقعات من تخفيضين إلى ثلاثة. في الوقت الحالي، تظل احتمالات خفض الفائدة في ديسمبر منخفضة.
لكن من المتوقع أن يتم خفض الفائدة بشكل كبير في فبراير 2025. هذا التوجه من قبل بنك إنجلترا يهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي والتخفيف من الضغوط التضخمية.
لكنه قد يؤدي إلى تأثيرات غير مباشرة على قيمة الجنيه الاسترليني وزيادة التحديات بالنسبة للأسواق المالية.
من المهم ملاحظة أن العطلات الأمريكية هذا الأسبوع قد تؤثر سلبًا على المعنويات في الأسواق وعلى السيولة.
ما يستدعي الحذر عند اتخاذ قرارات استثمارية حتى عودة الأسواق إلى مستويات السيولة الطبيعية بعد العطلات.