شهد الجنيه الإسترليني تراجعًا ملحوظًا يوم الجمعة بعد أن أظهرت البيانات الاقتصادية انكماشًا في الناتج التجاري البريطاني خلال نوفمبر للمرة الأولى منذ أكثر من عام. كما أظهرت الأرقام انخفاضًا أكبر من المتوقع في مبيعات التجزئة لشهر أكتوبر.
وسجل الجنيه الإسترليني أدنى مستوى له مقابل الدولار الأمريكي منذ مايو، حيث انخفض بنسبة 0.56% إلى 1.2512 دولار. وفي حال استمرت البيانات الاقتصادية في إظهار مؤشرات ضعف، فقد يضطر بنك إنجلترا إلى اتخاذ خطوات أكثر قوة لخفض أسعار الفائدة، بما يتجاوز التوقعات الحالية في الأسواق.
من جانب آخر، أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولي (S&P Flash Composite) البريطاني تراجعًا إلى 49.9 في نوفمبر، وهو أدنى من مستوى 50.0 الذي يمثل الاستقرار.
لأول مرة في 13 شهرًا، مقارنة بـ 51.8 في أكتوبر.
وفي هذا السياق، أشار سانجاي راجا، كبير الاقتصاديين في دويتشه بنك، إلى أن بيانات مؤشر مديري المشتريات تمثل اختبارًا حقيقيًا لميزانية الحكومة البريطانية.
وخاصة في ضوء تأثير الإجراءات الجيوسياسية على الشركات. وكانت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، قد أعلنت في أكتوبر عن زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء.
وأوضح راجا أن هناك ضغوطًا متزايدة على خطط التوظيف، حيث أظهرت بيانات قطاعي التصنيع والخدمات تراجعًا في خطط التوظيف.
بينما بدأت أسعار المدخلات.
خاصة في قطاع الخدمات، في التماسك نتيجة تأثير الضرائب الجديدة. وأضاف أن التحدي الأساسي أمام صناع السياسات هو تقييم ما إذا كان التأثير التضخمي من زيادة الضرائب يتفوق على الطلب الضعيف الناتج عن تباطؤ الاقتصاد.
فيما يتعلق بالأسواق المالية، تراجعت عائدات السندات الحكومية البريطانية.
بينما رفعت الأسواق قليلاً من توقعاتها بشأن إجراءات تيسير إضافية من بنك إنجلترا. كما أظهرت بيانات أخرى أن مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة شهدت انخفاضًا بنسبة 0.7% في أكتوبر مقارنة بشهر سبتمبر.
وهو تراجع أكبر من المتوقع وأشد انخفاض منذ يونيو.
ورغم تراجع الجنيه الإسترليني مقابل معظم العملات الرئيسية مثل الين الياباني والفرنك السويسري، إلا أنه حافظ على استقراره نسبيًا مقابل اليورو.
الاقتصاد البريطاني يواجه ركوداً وضغوطاً: التأثيرعلى الجنيه الإسترليني
يشهد الاقتصاد البريطاني بوادر ركود بعد أن أثرت سياسة الحكومة البريطانية المناهضة للأعمال سلباً على النشاط الاقتصادي. كما تعرض الجنيه الإسترليني لضغوط شديدة، حيث كشف مؤشر مديري المشتريات في المملكة المتحدة عن تراجع ملحوظ في الأداء الاقتصادي. في تقريره الأخير، أشار الاستطلاع إلى تدهور حاد في معنويات السوق بعد إعلان ميزانية أكتوبر.
ووفقاً لتقرير S&P Global، انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب في المملكة المتحدة إلى 49.9 في نوفمبر.
مقارنة بـ 51.8 في أكتوبر، وهو ما يتناقض مع التوقعات التي كانت تشير إلى استقرار الرقم. كما دخل قطاع التصنيع في مرحلة الانكماش.
حيث هبط مؤشر مديري المشتريات إلى 48.6 من 49.9، مما يعكس التباطؤ العالمي في هذا القطاع، وهو ما يصعب على المملكة المتحدة تجنبه.
أما قطاع الخدمات، الأكثر أهمية في الاقتصاد البريطاني، فقد بدأ يعاني من ضغوط متزايدة.
حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات إلى مستوى 50، بعد أن كان 52 في الشهر السابق، ما يشير إلى تباطؤ واضح في النشاط الاقتصادي. الشركات في المملكة المتحدة أبلغت عن انخفاض ملحوظ في الثقة نتيجة للميزانية الأخيرة.
وفي تعليق له، قال كريس ويليامسون، كبير خبراء الاقتصاد في S&P Global Market Intelligence: “إن أول مسح بعد الميزانية يبعث على القلق، حيث أفادت الشركات بتراجع الإنتاج لأول مرة منذ أكثر من عام.
فيما انخفضت مستويات التوظيف للشهر الثاني على التوالي.” وأضاف أن الضغوط التضخمية على الشركات تتزايد مجدداً، مع بداية تراجع أعداد العمالة.
من جهته، أكد سانجاي راجا، كبير خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك في المملكة المتحدة، أن الضغوط على خطط التوظيف تتزايد.
حيث شهد كل من قطاعي التصنيع والخدمات تراجعاً في الخطط المستقبلية للتوظيف. كما بدأت أسعار المدخلات، خصوصاً في قطاع الخدمات، في الاستقرار مع استمرار تأثيرات الإجراءات الضريبية التي فرضتها الميزانية.
وفقاً لتقرير S&P Global، زادت تكاليف الشركات بشكل ملحوظ في نوفمبر، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً في قطاع الخدمات بأسرع وتيرة منذ يوليو الماضي.
توقعات الجنيه الإسترليني لعام 2025: تحليل وتوجهات السوق
في سيناريو صعب لبنك إنجلترا، يُحتمل أن يقوم البنك بتخفيض أسعار الفائدة في حال ظهور إشارات تدل على ضعف سوق العمل. ولكن، سيواجه البنك تحديات بسبب احتمالية عودة التضخم للارتفاع، مما سيقيد تحركاته.
على صعيد أسواق العملات، شهد زوج الجنيه الإسترليني/اليورو تحركات ملحوظة.
حيث ارتفع إلى 1.2094 بعد صدور بيانات اقتصادية ضعيفة من منطقة اليورو.
ليعود وينخفض لاحقًا إلى 1.2020 بعد بيانات المملكة المتحدة. وفيما يخص الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي.
تعرض لضغوط قوية، متراجعًا إلى مستويات قياسية عند 1.2512، نتيجة لاستمرار النمو القوي في الاقتصاد الأمريكي، المتوقع أن يحقق المزيد من التوسع في المستقبل مع السياسات الاقتصادية الموجهة نحو النمو.
بالمقابل، في المملكة المتحدة، تواجه الشركات تحديات كبيرة بسبب زيادات ضريبية ضخمة ورفع الحد الأدنى للأجور وتعديلات في قوانين العمل.
مما ينعكس سلبًا على الاقتصاد ويزيد من الضغوط على الجنيه الإسترليني. في هذا السياق، أشار الخبير ويليامسون إلى أن ثقة الأعمال قد انخفضت بشكل حاد منذ الانتخابات العامة.
مسجلة أدنى مستوياتها منذ أواخر عام 2022.
وفقًا لتوقعات بنك الاستثمار، يتوقع أن يشهد زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا بنهاية 2024 و2025.
مما يعكس توجهات السوق في الفترة القادمة. على الرغم من ذلك، فإن الأوضاع السياسية والاقتصادية في منطقة اليورو قد تساهم في دعم الجنيه الإسترليني لفترة أطول.
ما يخلق توازنًا بين التحركات السلبية والإيجابية.
بعد إصدار البيانات الاقتصادية الأخيرة، أظهرت أسواق المال أن توقعات المستثمرين بشأن تخفيض أسعار الفائدة من بنك إنجلترا قد زادت.
حيث تم تعديل التوقعات من تخفيضين إلى ثلاثة تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس في الأشهر الاثني عشر القادمة. ومع أن احتمالية خفض الفائدة في ديسمبر لا تزال منخفضة، إلا أن التوقعات تشير إلى خفض الفائدة في فبراير 2025.
وفي هذا السياق، أوضح ماثيو رايان، رئيس استراتيجية السوق في شركة “إيبوري”، أن الجنيه الإسترليني شهد تراجعًا حادًا بعد البيانات الأخيرة، حيث انخفض إلى ما دون 1.25 دولار أمريكي.