سجل الجنيه الإسترليني أكبر خسارة أسبوعية له منذ يناير الماضي، حيث انخفض بشكل ملحوظ خلال الجلسة الأوربية اليوم الجمعة تحت تأثير ضعف البيانات الاقتصادية في المملكة المتحدة وارتفاع الدولار الأمريكي. جاء ذلك في وقت تتزايد فيه التوقعات بأن السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ستدفع النمو والتضخم في الولايات المتحدة إلى مستويات أعلى.
وفقًا للبيانات، انكمش الاقتصاد البريطاني بشكل غير متوقع في سبتمبر، كما تباطأ النمو بشكل كبير خلال الربع الثالث من العام.
ما أسهم في انخفاض الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ مايو الماضي، حيث بلغ 1.2675 دولار. ومن المتوقع أن يشهد الجنيه خسارة تقدر بنحو 2% هذا الأسبوع، وهي أكبر خسارة له منذ بداية العام.
من جهة أخرى، أشار ترامب إلى أنه سيقوم بفرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات بعض أبرز شركاء الولايات المتحدة التجاريين.
بالإضافة إلى خفض الضرائب داخليًا وتخفيف القيود على عدة قطاعات مثل الطاقة والعملات المشفرة. هذه التوقعات قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة وتعزيز النمو المحلي.
ما جعل الدولار يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ نحو عام، مما ساهم في تآكل مكاسب الجنيه الاسترليني مقابل الدولار.
للأسف، سجل الجنيه الاسترليني انخفاضًا لأول مرة منذ يوليو مقابل الدولار بنسبة 0.4%. وكان الجنيه قد استمر في الصعود خلال معظم عام 2024 بفضل التوقعات بأن أسعار الفائدة في المملكة المتحدة ستبقى مرتفعة لفترة أطول مقارنة بنظيراتها الأمريكية. ومع تزايد احتمالات أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض تدريجي في أسعار الفائدة.
يتزايد جاذبية الدولار نظرًا لتوقعات التضخم المرتفعة والنمو المستدام في الولايات المتحدة.
على جانب آخر، تشير أسواق المال إلى أن المتداولين يتوقعون أن يقوم بنك إنجلترا بتخفيض أسعار الفائدة إلى حوالي 2% بحلول ديسمبر.
مقارنة مع 3.84% المتوقعة من بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقال أحد الاستراتيجيين: “إذا استمرت البيانات الاقتصادية في المملكة المتحدة في الإشارة إلى تراجع النمو.
فمن المحتمل أن يركز بنك إنجلترا على تنشيط الاقتصاد بشكل أكبر.”
أثر تباطؤ الاقتصاد في المملكة المتحدة على الجنيه الإسترليني
تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني في اليوم الذي أعلنت فيه المملكة المتحدة عن تباطؤ اقتصادي حاد.
حيث شهد الجنيه انخفاضًا مقابل اليورو والدولار الأمريكي. فقد تراجع زوج الجنيه الإسترليني/اليورو إلى 1.20، بينما استقر الجنيه الإسترليني/الدولار عند 1.2660 بعد أن تراجع عن مكاسبه السابقة.
الاقتصاد البريطاني نما بنسبة 0.1% فقط في الربع الثالث من العام، وهو ما جاء أقل من توقعات السوق التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.2%. هذه البيانات أظهرت تراجعًا حادًا في النمو مقارنة بتوقعات بنك إنجلترا التي وردت في تقرير السياسة النقدية لشهر نوفمبر.
مما زاد من القلق بشأن إمكانية حدوث ركود اقتصادي في المملكة المتحدة.
نتيجة لذلك، ارتفعت التوقعات في السوق حول احتمالية قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في الأشهر المقبلة.
الأمر الذي يفسر ضعف الجنيه الإسترليني. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن وتيرة الخفض ستكون بطيئة نسبيًا مقارنة ببقية الاقتصادات الكبرى، مما قد يمنح بعض الدعم للجنيه الإسترليني. إلا أنه إذا قرر البنك تسريع وتيرة خفض الفائدة، فقد يواجه الجنيه المزيد من الضغوط.
وفي حين أن التوقعات بشأن التضخم في المملكة المتحدة ما تزال ضعيفة.
إلا أن البيانات الأخيرة تعكس احتمالات تراجع النمو الاقتصادي.
وهي عوامل نادرًا ما تدعم العملة المحلية. وأشار مكتب الإحصاء الوطني إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة نما بنسبة 0.1% فقط خلال الأشهر الثلاثة حتى نهاية سبتمبر.
وهو أقل من توقعات السوق التي كانت تشير إلى 0.2%.
تأتي هذه الأرقام مخيبة للآمال في وقت حساس بالنسبة للحكومة البريطانية الجديدة تحت قيادة كير ستارمر.
حيث شهدت الفترة الماضية رسائل سلبية حول الاقتصاد، بما في ذلك الميزانية الأخيرة التي شملت زيادات ضريبية أثقلت كاهل القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
وفي هذا السياق، يرى العديد من المحللين أن بنك إنجلترا قد يكون مضطراً للقيام بخفض أسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل، في محاولة لدعم الاقتصاد والتخفيف من الضغوط على الجنيه الإسترليني.
تحذير من تدهور سوق العمل في بريطانيا: بيانات جديدة تُظهر التحديات
حذر تقرير تحليلي حديث من بنك دويتشه من أن سوق العمل في المملكة المتحدة يشهد تدهورًا تدريجيًا.
رغم استمراره في إظهار بعض المرونة في الوقت الراهن. وفقًا لما ذكره سانجاي راجا، كبير الاقتصاديين في دويتشه بنك، فإن “الشقوق بدأت تظهر في سوق العمل.
رغم استقرار الوضع بشكل نسبي حتى الآن”.
ووفقًا لآخر بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، التي أظهرت زيادة في عدد الوظائف بمقدار 220 ألف وظيفة خلال الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر.
إلا أن راجا يشير إلى أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع بشكل كامل. ففي تحليل أعمق، تبين أن عدد الموظفين قد انخفض بمقدار 134 ألفًا مقارنة بالشهر السابق (حتى 24 أغسطس).
كما ارتفع عدد حالات التسريح من العمل إلى 90 ألفًا في سبتمبر، مما يعكس تحديات أكبر في سوق العمل.
ويشدد راجا على أن مؤشر البطالة التقليدي الذي يقيسه مكتب الإحصاءات الوطنية يعاني من بعض القصور بسبب أساليب جمع البيانات.
ولا يقدم صورة دقيقة حول الوضع الفعلي لسوق العمل. بناءً على ذلك، يتجه العديد من الاقتصاديين إلى مصادر بيانات بديلة، والتي تبرز صورة أكثر قلقًا بشأن حالة الاقتصاد البريطاني.
تظهر البيانات البديلة انخفاضًا في التوظيف بمقدار 24 ألف وظيفة في الربع الأول من 2024، إلى جانب تراجع ملحوظ في الرواتب.
حيث سجلت أحدث بيانات هيئة الإيرادات والجمارك ثلاثة أشهر متتالية من الانكماش في الرواتب (بنقص قدره 42 ألف وظيفة بين أغسطس وأكتوبر). كما سجلت الوظائف الشاغرة انخفاضًا كبيرًا بنسبة 14% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس تباطؤًا أكبر في الطلب على العمالة.
إضافة إلى ذلك، يشير راجا إلى أن الزيادة المرتقبة في اشتراكات التأمين الوطني لأصحاب العمل ستكون أحد العوامل التي تضغط على سوق العمل.
وهو ما ستتم متابعته عن كثب في الفترة المقبلة. فبعد إعلان الحكومة عن رفع ضريبة التأمين الوطني على الشركات في ميزانية أكتوبر.
إلى جانب خفض الحد الأدنى المطبق لهذه الضريبة، يتوقع الخبراء أن يتفاقم الوضع في الأشهر القادمة.