الجنيه الإسترليني يشهد انخفاضًا حادًا وسط ضغط اقتصادي وجيوسياسي متزايد

في تداولات اليوم، الأربعاء 9 أبريل 2025، شهد الجنيه الإسترليني تراجعًا كبيرًا أمام العديد من العملات العالمية، بما في ذلك الدولار الأمريكي واليورو، حيث سجل انخفاضًا بلغ 0.89% ليصل إلى 1.244 دولار.

كما تراجع أيضًا أمام اليورو ليصل إلى 1.135 يورو، وهو أدنى مستوى له منذ بداية العام. ويأتي هذا التراجع بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية السلبية التي تم نشرها مؤخرًا في المملكة المتحدة، حيث أظهرت الأرقام تباطؤًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في الربع الأول من 2025، بالإضافة إلى ارتفاع طفيف في معدل البطالة الذي وصل إلى 4.4%.

ما يزيد من تعقيد الوضع هو التوترات الجيوسياسية العالمية، لا سيما التصعيد في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فعلى خلفية فرض إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعريفات جمركية جديدة على المنتجات الصينية، بما في ذلك السيارات الكهربائية بنسبة 25%، أصبح المستثمرون في الأسواق المالية في حالة قلق وتوتر.

وقت كتابة هذا التقرير، كان سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي يُتداول عند حوالي 1.2770 دولار أمريكي.

مرتفعًا بنسبة 0.3% تقريبًا عن مستويات افتتاح يوم الثلاثاء.

هذا التصعيد، الذي يهدد بحدوث تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي.

دفع بالعديد من المستثمرين إلى تحويل رؤوس أموالهم إلى ملاذات آمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري، الأمر الذي زاد من الضغوط على الجنيه الإسترليني. وفي الوقت نفسه، بدأ المستثمرون يتخوفون من إمكانية حدوث ركود اقتصادي في المملكة المتحدة.

مما يزيد من الضعف المستمر في العملة الوطنية. كما أن هذه المخاوف أثرت على مستوى الطلب المحلي والعالمي على السلع البريطانية، وبالتالي على الاقتصاد بشكل عام، مما يرفع من درجة القلق حيال المستقبل الاقتصادي في بريطانيا.

التوقعات الاقتصادية لبنك إنجلترا وتأثيرها على الجنيه الإسترليني في ظل التراجع المستمر

بنك إنجلترا يواجه تحديًا كبيرًا في محاولة احتواء تداعيات تراجع الجنيه الإسترليني في ظل التوترات الاقتصادية المستمرة. إذ أظهر البنك في تصريحاته الأخيرة على لسان محافظه، أن السياسة النقدية في الفترة القادمة قد تشهد تغييرات ملحوظة.

قد تشمل تخفيض أسعار الفائدة أو حتى إقرار حوافز نقدية أخرى لدعم الاقتصاد. تراجع سعر الدولار الأمريكي يوم الثلاثاء.

حيث أدى انتعاش واضح في معنويات المخاطرة في السوق إلى الحد من الطلب على عملة الملاذ الآمن. بعد ثلاثة أيام متتالية من البيع المكثف، انتعشت الأسواق الآسيوية يوم الثلاثاء، ويبدو أن هذا التفاؤل استمر حتى بداية جلسة التداول الأوروبية.

فمع تدهور العملة المحلية، يتزايد الضغط على بنك إنجلترا، خصوصًا مع استمرار التحديات التي يواجهها الاقتصاد البريطاني في الفترة الحالية.

حيث لا تزال العديد من القطاعات الصناعية تعاني من تباطؤ النمو وعدم الاستقرار. على الرغم من تحفيزات الحكومة، والتي شملت تقديم حوافز للقطاع الخاص لتحفيز الاستثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا، إلا أن هذه الخطوات لم تكن كافية لتحسين الوضع بشكل ملموس.

ومن جانب آخر، أظهرت الأسواق المالية بعض التحولات.

حيث لجأ العديد من المستثمرين إلى تجنب العملات المرتبطة بالدولار الاسترليني بسبب الانخفاض المستمر في قيمتها. هذا التحول قد يؤدي إلى تراجع في حجم الاستثمارات الأجنبية في الأسواق البريطانية.

وهو ما يعمق من أزمة السيولة التي يعاني منها الجنيه.

إضافة إلى ذلك، توقعت بعض المؤسسات المالية الكبرى مثل “سيتي غروب” و”جي بي مورغان” أن يكون هناك تخفيض في سعر الفائدة في الوقت القريب.

وهو ما سيزيد من حدة ضعف الجنيه في الفترة المقبلة. إلا أن هذه الإجراءات قد يكون لها آثار سلبية على المواطنين البريطانيين.

حيث ستؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع الأسعار على المدى الطويل.

مستقبل الجنيه الإسترليني: بين مخاطر التقلبات العالمية والسياسات المحلية الصارمة

في ظل تراجع الجنيه الإسترليني، يواجه المستثمرون والمواطنون في المملكة المتحدة تحديات اقتصادية معقدة قد تؤثر على المستقبل القريب للعملة. حيث أن الانخفاض الكبير في قيمته أدى إلى إضعاف القدرة الشرائية للمستهلكين.

مما جعل السلع والخدمات في المملكة المتحدة تصبح أغلى مقارنة بالأسواق الأخرى. ومع استمرار المخاوف من الركود الاقتصادي.

التي ازدادت بعد البيانات السلبية التي تم نشرها مؤخرًا، أصبح الجنيه الإسترليني في وضع صعب.

ويعزى هذا الوضع إلى عدم الاستقرار السياسي في المملكة المتحدة.

حيث لا تزال الحكومة تعمل على التوصل إلى حلول لمعالجة الخلل الاقتصادي الناتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وكذلك إدارة العلاقات التجارية مع أكبر شركاء تجاريين لها.

أما على صعيد الأسواق المالية، فقد بدأت بعض المؤسسات المالية الكبرى في تقليص استثماراتها في الأصول البريطانية نتيجة للشكوك المستمرة حول السياسة الاقتصادية في بريطانيا. وقد لوحظ تزايد في الطلب على السندات الحكومية البريطانية طويلة الأجل من جانب المستثمرين في الأسواق الناشئة.

ما يسلط الضوء على التحولات المستمرة في تفضيلات المستثمرين. إذا استمرت هذه الاتجاهات في ظل غياب استجابة فعالة من الحكومة والبنك المركزي، فإن الجنيه الإسترليني قد يواجه مزيدًا من التحديات في المستقبل القريب.

وأي تحسن في العملة سيعتمد على قدرة بريطانيا على استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.

بالإضافة إلى قدرة بنك إنجلترا على تنفيذ سياسات نقدية متوازنة تساعد في تعزيز الثقة في الأسواق المالية. بالإضافة إلى التقلبات المستمرة الناجمة عن الرسوم الجمركية.

قد يتأثر سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي بمحضر اجتماع السياسة الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

على الرغم من أن الاجتماع عُقد قبل دخول رسوم ترامب الجمركية المتبادلة حيز التنفيذ.

إلا أنه قد يُلقي بعض الضوء على توقعات الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية ومدى جدية قلق صانعي السياسات من احتمال حدوث ركود اقتصادي أمريكي هذا العام.

مقالات ذات صلة