نمو الاقتصاد الأمريكي الأقل من المتوقع ولماذا يزدهر الذهب وينخفض الدولار

فاجأت بيانات نمو الاقتصاد الأمريكي الأسواق بشكل مفاجئ، حيث سجل الاقتصاد الأمريكي نموًا أقل من المتوقع في الربع الأخير من 2024. أظهرت البيانات أن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 2.3% فقط، بينما كانت التوقعات تشير إلى نمو قدره 2.7%. هذه الأرقام قوبلت بتفاعل سريع في الأسواق المالية، إذ تأثرت أسعار العملات والسلع بشكل ملحوظ.

معدلات الشكاوى من البطالة في أمريكا

في جانب آخر، أظهرت بيانات معدلات الشكاوى من البطالة في الولايات المتحدة أن عدد طلبات إعانة البطالة بلغ 207 آلاف طلب، في حين كانت التوقعات تشير إلى 224 ألف طلب. يعكس هذا الرقم تحسنًا نسبيًا في سوق العمل، رغم تراجع النمو الاقتصادي.

رد فعل الأسواق على البيانات الاقتصادية الأمريكية

بعد صدور هذه البيانات، شهدت الأسواق تحركات غير متوقعة. انخفض مؤشر الدولار الأمريكي بشكل كبير، حيث تراجع إلى 107.8 نقطة. في الوقت نفسه، سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا قويًا، حيث ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة أكثر من 1% لتصل إلى 2821.4 دولارًا للأوقية، بينما ارتفعت العقود الفورية للذهب بنسبة 0.73% إلى 2779 دولارًا للأوقية.

من جهة أخرى، شهدت عوائد السندات الأمريكية هبوطًا جماعيًا، ما يعكس قلق الأسواق من تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. على الرغم من ذلك، ارتفعت العقود الآجلة للأسواق الأمريكية، حيث صعدت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.52% في تداولات ما قبل الافتتاح، كما ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر إس آند بي 500 بنسبة 0.3%. ومع ذلك، لا تزال العقود الآجلة لمؤشر داو جونز تسجل تراجعًا بنسبة 0.12% في تلك الفترة.

العملات الرقمية تواصل الارتفاع

لم تقتصر التحركات الاقتصادية على الأسواق التقليدية فقط، بل امتدت لتشمل العملات الرقمية. فقد شهدت البيتكوين ارتفاعًا بنسبة 3% لتصل إلى 104.9 ألف دولار، بينما ارتفعت الإيثريوم بنسبة 4.7% لتصل إلى 3249 دولارًا. تزامن هذا الارتفاع مع إشارات إيجابية من الفيدرالي الأمريكي وكذلك تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، التي دعمت التفاؤل في الأسواق الرقمية.

 

 

لماذا يرتفع الذهب ويهبط الدولار؟

يُعزى التراجع في معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي إلى الحاجة المتزايدة لخفض أسعار الفائدة. هذا الخفض قد يساعد في تحفيز الاقتصاد الأمريكي، ويعزز من تحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة. رغم تحذيرات رئيس الفيدرالي، جيروم باول، بضرورة التريث في اتخاذ قرارات خفض الفائدة، فإن البيانات الاقتصادية التي تشير إلى تراجع نمو الاقتصاد الأمريكي قد تضغط على الفيدرالي لتغيير خططه. قد يؤدي الضغط المتزايد من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى دفع الفيدرالي إلى اتخاذ خطوات أسرع لخفض الفائدة مقارنة بما كان مخططًا له في البداية.

توجهات الفيدرالي الأمريكي في ضوء البيانات الاقتصادية

في خطوة لافتة، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بإزالة الإشارة إلى التقدم المحرز في تحقيق هدف التضخم من بيان السياسة النقدية في يناير. هذا القرار منح البيان طابعًا متشددًا يشير إلى استمرار تشديد السياسة النقدية في المستقبل القريب. ورغم ذلك، يرى العديد من الخبراء في سيتي بنك أن التضخم في الولايات المتحدة قد يستمر في الانخفاض، حيث من المتوقع أن ينخفض مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي على أساس 12 شهرًا في الأشهر القادمة، مع استبعاد الارتفاعات السريعة في الأسعار التي شهدتها بداية العام 2024.

ارتفاع الذهب مع تراجع الدولار: كيف تفاعلت الأسواق؟

في الآونة الأخيرة، شهدت الأسواق تحركات ملحوظة نتيجة لتراجع الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار الذهب. يعتبر هذا التغير نتيجة لتأثيرات عدة عوامل اقتصادية، حيث لم تكن البيانات الأمريكية الأخيرة متوافقة مع توقعات الأسواق، مما أدى إلى تأثيرات واسعة على العديد من الأصول. في هذا المقال، سنتناول الأسباب التي أدت إلى هذا التوجه في الأسواق وكيف تفاعلت أسعار الذهب والدولار مع هذه المتغيرات.

الذهب: ملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي

يعتبر الذهب أحد الأصول الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي. عندما تسجل الأسواق المالية تقلبات كبيرة، يميل المستثمرون إلى تحويل أموالهم إلى الذهب باعتباره وسيلة للحفاظ على القيمة في ظل انخفاض الثقة في الأصول الأخرى. ومن المعروف أن الذهب يحقق ارتفاعًا خلال الفترات التي يعاني فيها الدولار من ضعف.

 

 

تراجع الدولار الأمريكي: الأسباب والعوامل المؤثرة

من الواضح أن تراجع الدولار الأمريكي كان أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في ارتفاع الذهب. الدولار، الذي يعد عملة الاحتياطيات العالمية، يعتبر مقياسًا رئيسيًا لتقييم قوة الاقتصاد الأمريكي. لكن البيانات الاقتصادية الأخيرة، خاصة تلك التي أظهرت تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، أدت إلى تراجع الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى.

العوامل التي ساهمت في تراجع الدولار تشمل

  1. ضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية: أظهرت تقارير الناتج المحلي الإجمالي (GDP) في الولايات المتحدة نموًا أقل من المتوقع، ما دفع الأسواق إلى تعديل توقعاتها بشأن الفائدة.
  2. التوقعات بتقليص الفائدة: مع ضعف الاقتصاد الأمريكي، يعتقد العديد من المحللين أن البنك الفيدرالي سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو. هذه التوقعات تضع ضغطًا على الدولار، حيث إن خفض الفائدة يقلل من العوائد على الأصول المقومة بالدولار.
  3. الضغط السياسي: قد يؤثر الضغط السياسي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرارات الفيدرالي، حيث يدعو بشكل متكرر إلى خفض الفائدة بشكل أسرع لدعم الاقتصاد.

كيف تفاعلت الأسواق مع هذه المتغيرات؟

تفاعل السوق بشكل ملحوظ مع هذه التطورات، حيث شهدنا تحركات واضحة في العملات والمعادن الثمينة. الذهب، الذي يعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات التوتر الاقتصادي، شهد ارتفاعًا كبيرًا. في المقابل، تراجع الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ.

تحركات الذهب:

سجلت أسعار الذهب ارتفاعًا بنسبة كبيرة، حيث تجاوزت العقود الآجلة للذهب حاجز 2800 دولار للأوقية، بينما ارتفعت العقود الفورية أيضًا بمعدل ملحوظ. هذا الارتفاع يعكس بشكل أساسي هروب المستثمرين من الدولار نحو الأصول الأكثر أمانًا مثل الذهب.

تراجع الدولار الأمريكي:

شهد مؤشر الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفض إلى مستويات لم يشهدها منذ فترة طويلة. هذا التراجع يعكس المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي وتوقعات السوق بشأن سياسة الفائدة المستقبلية للبنك الفيدرالي. مع تراجع قيمة الدولار، أصبحت السلع المقومة بالدولار مثل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين في الخارج.

التأثيرات المحتملة على الأسواق العالمية

تستمر الأسواق العالمية في مراقبة هذه التحولات عن كثب. في الوقت الذي تستمر فيه العوامل المحلية، مثل البيانات الاقتصادية الأمريكية، في التأثير على الأسواق، يلعب الوضع العالمي دورًا كبيرًا في تشكيل التوقعات. التغيرات في السياسة النقدية الفيدرالية الأمريكية قد تؤثر على اقتصادات أخرى، سواء من حيث تدفقات رأس المال أو توقعات النمو. إذا استمر الدولار في التراجع، قد نشهد تحولات أكبر في الأسواق العالمية، بما في ذلك أسواق العملات والمعادن الثمينة.

تستمر البيانات الاقتصادية الأمريكية في التأثير على أسواق المال بشكل كبير. تراجع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة قد يكون له تبعات واسعة، خاصة على السياسات النقدية للفيدرالي الأمريكي. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الذهب وتراجعت قيمة الدولار، مما يعكس توجهات السوق نحو الأصول الآمنة في ظل عدم اليقين. تتجه الأنظار نحو الاجتماعات المقبلة للفيدرالي الأمريكي، التي قد تكون محورية في تحديد اتجاهات الاقتصاد الأمريكي في الفترة القادمة.

 

مقالات ذات صلة