أسعار الذهب تواصل الانخفاض الحاد خلال تعاملات اليوم الجمعة، حيث يتجه نحو تسجيل أسوأ أسبوع له منذ أكثر من ثلاث سنوات. هذا التراجع الكبير جاء نتيجة قوة الدولار الأمريكي في الأسواق، وسط التوقعات بوجود احتمالات لخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في المستقبل القريب.
خلال هذا الأسبوع، حافظ الدولار الأمريكي على مسار صعودي قوي، وذلك بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات. أدى هذا الصعود إلى زيادة تكلفة السبائك الذهبية بالنسبة لحاملي العملات الأخرى، مما جعل الذهب أقل جذباً كاستثمار آمن. هذا التوجه أدى إلى تقليص الطلب على المعدن الأصفر، مما عزز من تراجع أسعاره.
وأشار محلل الأسواق إلى أن ضعف الذهب يعود بشكل رئيسي إلى التوقعات التي تشير إلى تباطؤ في خفض أسعار الفائدة في عام 2025 تحت إدارة ترامب. هذه التوقعات قد تؤثر على أداء الذهب خلال الأشهر القادمة.
حيث أن المعدن الأصفر غالباً ما يستفيد من انخفاض أسعار الفائدة، في حين أن التوقعات بثبات الفائدة أو زيادتها قد تدفعه للتراجع.
الأسواق المالية تراقب عن كثب أي تغيرات في السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأمريكي، والتي قد يكون لها تأثير كبير على حركة أسعار الذهب. في الوقت نفسه، هناك عوامل أخرى تؤثر على أسعار الذهب، مثل تقلبات الأسواق العالمية والتطورات الاقتصادية في مختلف البلدان.
من المتوقع أن يستمر الضغط على الذهب خلال الأسابيع المقبلة إذا استمر الدولار في تعزيز مكاسبه. وبالتالي، يمكن أن يبقى الذهب تحت ضغط بيع من قبل المستثمرين الذين يفضلون الأصول التي توفر عوائد أعلى في بيئة اقتصادية تشهد انتعاشاً في الأسواق المالية.
على الرغم من ذلك، يبقى بعض الخبراء متفائلين بمستقبل الذهب على المدى الطويل.
مشيرين إلى أن الأزمات الاقتصادية والتضخم قد يعيدان إشعال الطلب على الذهب كملاذ آمن. لكن في الوقت الحالي، تشير البيانات إلى أن السوق يفضل الأصول الأخرى، مما يجعل التوقعات بالنسبة للذهب سلبية على المدى القصير.
أسعار الفائدة المرتفعة تؤثر على أسعار الذهب
تستمر أسعار الفائدة المرتفعة في زيادة التكلفة البديلة لحيازة الذهب. حيث يؤدي ارتفاع الفائدة إلى تفضيل المستثمرين للأصول التي تقدم عوائد أفضل من السبائك. في الوقت ذاته، أشار جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي.
إلى أن النمو الاقتصادي المستمر وسوق العمل القوية، بالإضافة إلى التضخم المرتفع، يبررون الحذر في خفض أسعار الفائدة بسرعة. هذا التصريح أضاف مزيدًا من الضغط على الذهب.
حيث يفضل المستثمرون الأصول التي توفر عوائد أكثر تنافسية في ظل هذا الوضع الاقتصادي.
وفقًا للأداة التي تتابع التوقعات حول أسعار الفائدة، والمقدمة عبر منصة “إنفستنغ” السعودية، فإن الأسواق تتوقع فرصة بنسبة 59٪ لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر المقبل. هذا الاحتمال كان أكبر في اليوم السابق، حيث بلغت النسبة 83٪. تعكس هذه التوقعات حالة من الترقب في الأسواق المالية بشأن السياسة النقدية المقبلة لبنك الاحتياطي الفيدرالي.
من جانبه، أشار مات سيمبسون، كبير المحللين في “سيتي إندكس”، إلى أن تعليقات باول قد تحد من مكاسب الذهب مع اقتراب العام الجديد. لكنه أضاف أنه في حال استمرت الاضطرابات السياسية في عهد الرئيس ترامب، فإن الذهب قد يستفيد من تدفقات الاستثمارات التي تفضل الملاذات الآمنة في أوقات عدم الاستقرار.
على الرغم من الضغوط التي تواجه الذهب بسبب سياسات الفائدة، يرى سيمبسون أن المعدن النفيس قد يشهد انتعاشًا في حال مرور الأسبوع المقبل في الولايات المتحدة دون أحداث اقتصادية هامة. مع قلة البيانات الاقتصادية المتوقعة، قد يحصل الذهب على فرصة لتعويض بعض خسائره. من المتوقع أن يعيد الذهب اختبار مستوى 2600 دولار للأونصة إذا تحققت هذه الظروف.
هذه التوقعات تشير إلى أن الذهب قد يشهد بعض التقلبات في الفترة القادمة. على الرغم من الظروف الاقتصادية الحالية، لا يزال البعض يرى في الذهب ملاذًا آمنًا وسط التحديات العالمية. يبقى الذهب خيارًا مفضلًا لبعض المستثمرين الذين يبحثون عن حماية في أوقات الأزمات الاقتصادية.
أسعار المنتجين في الولايات المتحدة ترتفع وتضغط على الأسواق
أظهرت البيانات الصادرة يوم الخميس أن أسعار المنتجين في الولايات المتحدة ارتفعت في أكتوبر.
مما يعكس توقفًا في التقدم نحو خفض التضخم. هذه الزيادة تشير إلى أن الجهود المبذولة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي للحد من التضخم قد تواجه صعوبة في تحقيق نتائج ملموسة في المدى القصير. مع استمرار ارتفاع الأسعار في القطاع الإنتاجي، يبقى الوضع الاقتصادي في حالة من الترقب.
ينتظر المستثمرون بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية التي من المتوقع صدورها اليوم الساعة 16:30 بتوقيت الرياض. بالإضافة إلى ذلك، ستكون هناك تعليقات من عدة مسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من اليوم. هذه التصريحات قد تكون محورية في توجيه الأسواق المالية وتحديد اتجاهات السياسة النقدية في المرحلة القادمة.
حركة أسعار الذهب والدولار
تراجعت أسعار الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 2562.61 دولار للأوقية، مسجلًا انخفاضًا بأكثر من 4% منذ بداية الأسبوع. في الجلسة السابقة، سجل الذهب أدنى مستوى له في شهرين، حيث هبط بأكثر من 220 دولارًا عن ذروته القياسية التي حققها الشهر الماضي. هذا التراجع يعكس استمرار الضغط الذي يتعرض له الذهب بسبب ارتفاع الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار الفائدة.
من ناحية أخرى، انخفضت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.2%، لتسجل 2567.10 دولار للأوقية. في المقابل، استقر مؤشر الدولار عند مستوى 106.57 نقطة. يعتبر الدولار القوي أحد العوامل الرئيسة التي تؤثر سلبًا على أسعار الذهب.
حيث يجعل المعدن النفيس أكثر تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى.
أداء المعادن الأخرى
شهدت المعادن الثمينة الأخرى أيضًا انخفاضًا في الأسعار. تراجعت الفضة بنسبة 0.3% في المعاملات الفورية، لتصل إلى 30.37 دولار للأوقية. في المقابل، سجل البلاتين زيادة طفيفة بلغت 0.1% ليصل إلى 940.45 دولار للأوقية. أما البلاديوم، فقد شهد ارتفاعًا بنسبة 0.5% ليصل إلى 945.75 دولار للأوقية. بالرغم من هذه الارتفاعات الطفيفة، فإن المعادن الثلاثة تتجه نحو تسجيل انخفاضات أسبوعية، وهو ما يعكس التقلبات الكبيرة التي تشهدها الأسواق المالية في الوقت الحالي.
الآفاق المستقبلية للأسواق
يتوقع العديد من المحللين أن يستمر الضغط على أسعار الذهب والمعادن الأخرى إذا استمرت قوة الدولار وارتفاع أسعار الفائدة. ومع استمرار بيانات التضخم في الولايات المتحدة، قد يكون من الصعب على الذهب التعافي في المدى القريب. قد تساهم أي تغييرات في السياسة النقدية الأمريكية أو بيانات اقتصادية جديدة في تحديد مسار الأسعار خلال الأسابيع المقبلة.
الأسواق تترقب بشغف أي مؤشرات جديدة قد تساعد في تخفيف الضغط على الذهب والمعادن الأخرى.