في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الأجنبية. مما ألقى بظلال من القلق على الأسواق المالية. العقود الآجلة للأسواق الأمريكية شهدت تراجعًا حادًا بعد هذه القرارات التي وصفت بأنها قد تؤدي إلى حرب تجارية شاملة. هذا التراجع في الأسواق العالمية كان مدفوعًا بالتوقعات السلبية بشأن الركود العالمي المتوقع نتيجة لهذه الرسوم الجمركية.
في الساعة 06:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بمقدار 1090 نقطة، أو 2.6%. كما تراجعت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 185 نقطة، أو 3.3%، بينما هبطت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 بمقدار 705 نقاط، أو 3.6%. تعكس هذه الأرقام الوضع المتأزم الذي خلفه قرار ترامب في الأسواق الأمريكية. وهو ما يثير التساؤلات حول تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد المحلي والدولي.
الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب: أشد من المتوقع
في يوم الأربعاء، أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات الأمريكية بنسبة 10%، كما أعلنت الإدارة الأمريكية عن فرض معدلات أعلى بكثير على بعض الدول التي تصنفها الإدارة الأمريكية بأنها “جهات سيئة”. وقد تم فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 34% على الصين، تضاف إلى الرسوم الجمركية التي كانت مفروضة سابقًا بنسبة 20%. كما تم تطبيق معدلات رسوم على الاتحاد الأوروبي واليابان ودول أخرى تتراوح بين 20% و49%.
هذه الرسوم الجمركية تدخل حيز التنفيذ في 5 أبريل، حيث تبدأ الزيادات الخاصة بكل بلد في 9 أبريل. وعلل ترامب هذا الإجراء برغبة في مكافحة الممارسات التجارية غير العادلة والتلاعب بالعملات. مؤكدًا أن هذه الإجراءات تهدف إلى تجديد الصناعات الأمريكية وتقليص الدين الوطني.
الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على الواردات الأمريكية تسببت في تراجع حاد في الأسواق المالية وأثارت القلق بشأن المستقبل الاقتصادي للعالم. هذا القرار كان أكثر تشددًا من المتوقع. وتوقع الخبراء أن يؤدي إلى انكماش اقتصادي في الولايات المتحدة والعالم.
آراء المحللين حول تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي
أوضح المحللون في شركة باركليز أن قرار ترامب بفرض الرسوم الجمركية كان أشد من المتوقع، خاصة بالنسبة لأوروبا والصين. وأضافوا أن ارتفاع الرسوم الجمركية. إلى جانب حالة عدم اليقين المستمرة، قد يزيد من احتمالية حدوث ركود اقتصادي في المستقبل القريب. ولفتوا إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على الأسواق الأمريكية قد يكون ضارًا بشكل كبير. حيث من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تراجع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
كما أفاد كارل واينبرج، كبير الاقتصاديين في شركة “هاي فريكونسي إيكونوميكس”، في مذكرة له. أن هذه السياسات قد تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 10% في الربع الثاني من عام 2025. هذا الانخفاض يمكن أن يدفع أكبر اقتصاد في العالم إلى الدخول في حالة من الركود بعد انكماش طفيف متوقع في الربع الأول.
تأثير الرسوم الجمركية على الشركات الكبرى
لم تكن الشركات الأمريكية الكبرى في مأمن من تداعيات الرسوم الجمركية. تراجعت أسهم شركة أبل بشكل حاد بنسبة 7%، وهو ما يعكس التأثير الكبير لهذه الرسوم على الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الإنتاج في الصين. ووفقًا لتحليل من قبل شركة جيفريز. من المتوقع أن تؤثر الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية بشكل كبير على ربحية شركة أبل. حيث من المحتمل أن تنخفض أرباحها بنسبة 14% في السنة المالية 2025 إذا لم تحصل على إعفاء من هذه الـرسوم.
لم تقتصر التأثيرات السلبية على أبل فحسب، بل طالت أيضًا شركات أخرى مثل فايف بيلو ودولار تري وجاب، التي شهدت انخفاضًا ملحوظًا في أسهمها قبل بدء التداول. كما تراجعت أسهم شركات التجزئة الكبرى مثل نايكي وول مارت بعد فرض الرسوم الجمركية على مراكز الإنتاج الرئيسية في الصين وفيتنام وإندونيسيا.
بينما تسعى الإدارة الأمريكية إلى تجديد الصناعات الأمريكية وتقليص الدين الوطني. فإن الأسواق والشركات الكبرى تواجه تحديات كبيرة في مواجهة هذه السياسات. في ظل هذه الأوضاع. يبقى من الصعب تحديد اتجاه الاقتصاد في المستقبل. والأكيد هو أن الأسابيع المقبلة ستشهد المزيد من التقلبات في الأسواق.
رد فعل أسواق النفط: انخفاض حاد في أسعار النفط الخام
أدى إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية إلى انخفاض حاد في أسعار النفط الخام. حيث تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 4.1% إلى 71.86 دولار للبرميل، كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 4.3% إلى 68.61 دولار للبرميل. ويرجع هذا الانخفاض إلى المخاوف من أن تؤثر الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي العالمي. مما سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الوقود.
بيانات البطالة ومطالبات إعانة البطالة
فيما يتعلق بسوق العمل الأمريكي، فاجأت بيانات الرواتب في القطاع الخاص الجميع بارتفاعها في حين كانت بيانات الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص ضعيفة في وقت سابق من الأسبوع. لكن تأثير هذه الرسوم الجمركية قد يحدد ملامح السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. حيث يواجه البنك المركزي تحديًا في اتخاذ قرار بشأن خفض أسعار الفائدة.
أشارت أدريانا كوجلر، محافظة بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى أن هناك “مخاطر تصاعدية” للتضخم نتيجة للتغييرات التي أحدثها ترامب في السياسة التجارية. وأضافت أن هذه الـرسوم الـجمركية قد تؤدي إلى إضعاف النمو الاقتصادي في الأجل القصير وتزيد من تقلبات السوق. مما سيدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل كبير في وقت لاحق من هذا العام.
مستقبل السياسة الاقتصادية في ظل الرسوم الجمركية
مع دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، يبقى أن نرى كيف ستؤثر على الاقتصاد الأمريكي والعالمي على المدى الطويل. في حين أن ترامب يعول على تعزيز الصناعات الأمريكية وتقليص الدين الوطني من خلال هذه الرسوم. فإن الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة، بما في ذلك ركود اقتصادي قد يؤثر بشكل كبير على الأسواق العالمية.
إن التحدي الأكبر أمام الإدارة الأمريكية هو كيفية التوازن بين دعم الاقتصاد الوطني وحماية المصالح الاقتصادية في ظل المخاطر التي قد تهدد الاستقرار الاقتصادي العالمي. ومع استمرار حالة عدم اليقين، من المحتمل أن تظل الأسواق تحت ضغط شديد في الأسابيع القادمة. خاصة في ظل التوترات التجارية المتزايدة بين الولايات المتحدة والدول الكبرى.
