يشهد الدولار الكندي أداءً أضعف مقارنةً بمعظم العملات الرئيسية. وتراقب الأسواق عن كثب تطورات السياسة التجارية الأمريكية. خلال الجلسة الأخيرة، ارتفع الدولار الكندي بشكل طفيف أمام نظيره الأمريكي، لكنه ظل أقل أداءً من اليورو والين والجنيه الإسترليني.
صرّح شون أوزبورن، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي في “سكوتيا بنك”، أن الدولار الكندي يواصل التداول قرب مستوياته الأخيرة. وأوضح أن الأسواق لم تتفاعل بعد مع التوجهات الجديدة المحتملة في السياسة الاقتصادية الأمريكية.
الدولار الكندي يواجه صعوبات في الانطلاق
يستقر السعر الفوري للدولار الكندي في نطاق تداول ضيق، مما يعكس الحذر السائد في الأسواق. منذ بداية الأسبوع، تمسك السعر بالنطاق بين 1.3805 و1.39، دون أي اختراق مؤثر.
صباح الخميس، سجل الدولار الكندي مكاسب محدودة، لكنه فشل في تجاوز سقف المقاومة 1.39. ويبدو أن هذا السقف يمثل عقبة أمام أي تقدم إضافي. ومن المرجح أن يتحرك السعر نحو قاعدة النطاق خلال الجلسات القادمة.
يرى أوزبورن أن فقدان الدعم عند 1.38 قد يدفع السوق نحو اختبار مستوى تصحيحي مهم عند 1.3745. هذا المستوى يمثل نقطة دعم رئيسية قد تُظهر مدى مرونة الدولار الكندي في مواجهة التحديات المقبلة.
السياسة التجارية الأمريكية تثير القلق
تؤثر السياسة التجارية الأمريكية بشكل متزايد على مسار الدولار الكندي. فقد أعلنت واشنطن نيتها مراجعة شروط اتفاقية التجارة مع كندا والمكسيك، ما يثير مخاوف حول تداعيات محتملة على الصادرات الكندية.
علاوة على ذلك، تُشير تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين إلى توجه أكثر حمائية في العلاقات التجارية. هذا الاتجاه قد يضغط على الدولار الكندي، خاصة إذا ترافق مع تباطؤ اقتصادي عالمي.
وفي الوقت نفسه، لم يبدُ بنك كندا المركزي أي إشارات على تغيير وشيك في السياسة النقدية. تظل أسعار الفائدة دون تعديل، رغم الضغوط التضخمية وارتفاع تكاليف المعيشة. يعتقد كثيرون أن البنك يفضل مراقبة التطورات الدولية قبل اتخاذ قرار حاسم.
الأسواق تنتظر مؤشرات اقتصادية جديدة
تركز الأسواق حاليًا على البيانات الاقتصادية الكندية القادمة، خاصة أرقام الناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة. من المتوقع أن تقدم هذه البيانات صورة أوضح عن صحة الاقتصاد الكندي في ظل الظروف الحالية.
في الأسبوع المقبل، ستنشر هيئة الإحصاء الكندية تقرير الناتج المحلي الإجمالي لشهر فبراير. تشير التوقعات إلى نمو ضعيف بنسبة 0.1%، مما يعكس تباطؤًا في النشاط الاقتصادي. هذا النمو الضعيف قد يعزز التوقعات بتثبيت أسعار الفائدة لفترة أطول.
بالمقابل، أظهرت البيانات الأمريكية الأخيرة مرونة نسبية. ارتفعت طلبات السلع المعمرة بنسبة تفوق التوقعات، ما منح الدولار الأمريكي دفعة قصيرة الأجل. ورغم ذلك، فإن التصريحات السياسية تظل المحرك الأساسي لاتجاهات السوق.
الدولار الأمريكي يتمسك بالقوة المؤقتة
رغم بعض التراجعات، لا يزال الدولار الأمريكي قويًا نسبيًا مقابل سلة العملات. ويستفيد من التفاؤل بشأن الاقتصاد الأمريكي، إلى جانب غياب إشارات واضحة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن تغيير أسعار الفائدة.
تُظهر أداة CME FedWatch أن الأسواق تتوقع تثبيت أسعار الفائدة في مايو، لكن التوقعات لخفض الفائدة في يونيو ما زالت قائمة. هذا التضارب في التوقعات يزيد من تقلبات السوق، ويجعل المستثمرين أكثر حذرًا.
بالنظر إلى العلاقة الوثيقة بين الاقتصادين الأمريكي والكندي، يتأثر الدولار الكندي مباشرة بتحركات نظيره الأمريكي. وفي حالة استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي، قد يواجه الدولار الكندي ضغوطًا إضافية.
الذهب والنفط يلعبان دورًا مهمًا
في خضم هذه التوترات، تتجه الأنظار نحو أسعار النفط والذهب. باعتبار كندا من كبار منتجي النفط، تؤثر أسعار الخام بشكل مباشر على الدولار الكندي. وقد ساهم التراجع الأخير في أسعار النفط في إضعاف العملة الكندية.
في المقابل، يواصل الذهب جذب المستثمرين كملاذ آمن. وشهدت الأسعار ارتفاعًا خلال الأيام الماضية، مدعومةً بمخاوف التضخم والتوترات الجيوسياسية. هذا الارتفاع قد يعوض جزءًا من الخسائر في عملات السلع، ومنها الدولار الكندي.
النظرة المستقبلية: ترقب مشوب بالحذر
تسود الأسواق حالة من الترقب مع غياب مؤشرات حاسمة من بنك كندا أو الإدارة الأمريكية. ينتظر المستثمرون أي تلميحات جديدة بشأن توجهات السياسة النقدية أو التجارية خلال الفترة المقبلة. مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، تزداد المخاوف من تغييرات مفاجئة في السياسات الاقتصادية. هذا الوضع يزيد من تقلبات الأسواق ويضعف ثقة المستثمرين في استقرار الدولار الكندي مؤقتًا.
في الوقت ذاته، لا تزال البيانات الاقتصادية الكندية ضعيفة، مما يُعقد التوقعات المستقبلية للعملة. يعتمد الأداء المستقبلي للدولار الكندي على خطط الحكومة الكندية لمعالجة التباطؤ الاقتصادي. إذا أعلنت الحكومة خطوات جريئة، فقد يتحسن موقف الدولار الكندي أمام العملات الأخرى. ولكن في حال استمر الجمود السياسي، ستبقى العملة تحت الضغط خلال الأسابيع المقبلة. من المرجح أن يستمر تداول الدولار الكندي داخل النطاق بين 1.3745 و1.39 على المدى القريب. لكن كسر هذا النطاق قد يؤدي إلى تحركات حادة، خاصة إذا صدرت بيانات مفاجئة من الجانبين.
الخلاصة والتوصيات: مزيد من اليقظة
لا يزال الدولار الكندي يعاني من ضعف الزخم مقارنةً بالعملات الكبرى مثل اليورو والدولار الأمريكي. يرجع ذلك إلى غياب محفزات داخلية واضحة تدفع العملة للصعود خلال الفترة الحالية. في هذا السياق، يُفضل أن يتوخى المستثمرون الحذر عند اتخاذ قرارات تتعلق بالدولار الكندي.
من الأفضل تجنب فتح مراكز كبيرة قبل صدور بيانات اقتصادية مهمة من كندا أو الولايات المتحدة. تاريخيًا، أثرت التصريحات السياسية بشكل مباشر على تحركات الدولار الكندي بشكل ملحوظ. لذا، فإن أي تغير في لهجة المسؤولين قد يُحدث تقلبات كبيرة في السوق. بشكل عام، تبقى النظرة للدولار الكندي سلبية ما لم تظهر بوادر تحسن محلي حقيقي. وفي حال تراجعت التوترات التجارية، قد يحصل الدولار الكندي على فرصة لتعويض خسائره. مع ذلك، سيظل المستثمرون بحاجة إلى مراقبة تطورات السياسة الأمريكية عن كثب. وفي الختام، يظل الحذر والمرونة هما الخيار الأمثل للتعامل مع المرحلة الحالية.