شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في التعاملات الآسيوية يوم الأربعاء، مدعومة بجاذبية الملاذ الآمن. جاء هذا الارتفاع بعد أن دخلت الرسوم الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ، مما أدى إلى فرض رسوم بنسبة 104٪ على الواردات الصينية. في وقت لاحق، تراجع الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ ستة أشهر، مما ساهم في تعزيز جاذبية الذهب باعتباره استثمارًا آمنًا.
ارتفاع أسعار الذهب في ظل التوترات التجارية
عند الساعة 02:35 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 1.6% ليصل إلى 3,031.02 دولارًا للأوقية، في حين قفزت عقود الذهب الآجلة المستحقة في يونيو بنسبة 1.9% لتصل إلى 3,046.61 دولارًا للأوقية. كانت الأسعار قد شهدت تراجعًا في وقت سابق من الأسبوع، حيث انخفض الذهب إلى أقل من 3000 دولار للأوقية في أدنى مستوى له منذ 13 مارس.
على الرغم من هذا التراجع، ارتفعت الأسعار بعد الإعلان عن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفات جمركية على الصين بنسبة 104%. كان هذا القرار الأبرز في سلسلة من الإجراءات التي شهدت زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، بما في ذلك زيادات بنسبة 50% على بعض المنتجات.
تأثير الرسوم الجمركية على أسواق المعادن
فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية على عدة دول، بما في ذلك 20% على الاتحاد الأوروبي و24% على اليابان.
مما أثار المخاوف من مزيد من الاضطرابات الاقتصادية. وردت الصين بتعهدات بمواصلة “القتال حتى النهاية” في حال تنفيذ الرسوم، مما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق. استحوذت البنوك المركزية على أكثر من خمس إجمالي الذهب في السوق كل عام، وهو ما يقول المحللون إنه أمر غير مسبوق.
من جانب آخر، شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا حادًا بنسبة 0.7% إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر.
مما جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. في السياق ذاته، ارتفعت أسعار المعادن الأخرى مثل الفضة والبلاتين، حيث سجلت عقود الفضة الآجلة زيادة بنسبة 1.8%، بينما ارتفعت عقود البلاتين بنسبة 0.5%.
هل لا يزال الذهب الخيار الأمثل في ظل التقلبات الاقتصادية؟
رغم الانخفاضات الحادة التي شهدتها أسعار الذهب مؤخرًا، يظل الذهب خيارًا مفضلاً للمستثمرين الذين يسعون إلى التحوط من المخاطر الاقتصادية. فقد تراجعت أسعار الذهب بشكل غير متوقع بعد أن بلغ المعدن الأصفر مستويات قياسية في بداية الأسبوع. ومع ذلك، يُتوقع أن يرتفع الذهب مرة أخرى مع استمرار المخاوف من الركود العالمي.
طلب متزايد على الذهب في ظل الوضع الاقتصادي العالمي
تعد المخاوف من الركود العالمي وارتفاع التضخم من أبرز الأسباب التي تدفع المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة مثل الذهب. على الرغم من التقلبات الأخيرة، يرى المحللون أن الذهب سيظل يحظى بالطلب القوي في الفترة القادمة.
وقال كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في بنك “بيكتون” أستراليا: “يُعتبر الذهب وسيلة للتحوط ضد التضخم.
وتعتبر التعريفات الجمركية عوامل تضخمية قد تؤثر على الاقتصاد العالمي على المدى الطويل.” كما أضاف أنه في حال حدوث ركود عالمي، سيتجه العديد من المستثمرين إلى الذهب كخيار آمن، خاصة في ظل انخفاض أسعار الفائدة على السندات.
أسعار الذهب ترتفع بسبب الطلب المتزايد من البنوك المركزية
من العوامل الأخرى التي ساهمت في ارتفاع أسعار الذهب هو الطلب المتزايد من البنوك المركزية. بعد تجميد أصول روسيا بالدولار الأمريكي بعد غزو أوكرانيا، بدأ العديد من البلدان في تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي.
مما دفعهم إلى شراء المزيد من الذهب.
وفقًا للبيانات من مجلس الذهب العالمي، قامت البنوك المركزية بشراء أكثر من ألف طن من الذهب سنويًا منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
وهو ضعف الكمية التي تم شراؤها في العقد السابق. هذا الطلب من البنوك المركزية يعكس رغبة قوية في الحفاظ على احتياطيات ذهبية يمكن الاعتماد عليها في حالة حدوث تقلبات اقتصادية أو مالية.
البنوك المركزية وأهمية الذهب كأصل آمن
تتجه العديد من الدول، بما في ذلك روسيا والصين والهند، نحو تخزين الذهب كجزء من استراتيجيتها الاقتصادية. على الرغم من أن الولايات المتحدة تحتفظ بأكبر كمية من الذهب، إلا أن دولًا أخرى قد تزايدت في استثماراتها في المعدن الأصفر نتيجة للتوترات السياسية والاقتصادية.
ماذا سيحدث إذا فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على أسعار الذهب؟
في حال فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على الذهب المستورد، فإن المستهلكين الأمريكيين سيكونون الأكثر تأثرًا. كما توقع بيكتون، قد ترتفع أسعار الذهب داخل الولايات المتحدة، بينما قد يشهد الطلب العالمي على الذهب بعض التغيرات الطفيفة.
ومع ذلك، فإن سيناريو فرض الرسوم الجمركية على الذهب لا يبدو مرجحًا في الوقت الحالي. من الجدير بالذكر أن سوق الذهب عالمي، ويتداول مئات المليارات من الدولارات من الذهب يوميًا.
ما يجعلها قادرة على تحمل أي اضطرابات قد تحدث نتيجة للرسوم الجمركية.
في ضوء الاضطرابات الاقتصادية الحالية والتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
يظل الذهب واحدًا من أبرز الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون. ومع استمرار المخاوف من الركود الاقتصادي وتزايد الطلب من البنوك المركزية.
يتوقع المحللون أن يظل الذهب في مقدمة الاستثمارات المفضلة خلال الفترات المقبلة.
النحاس يتراجع بسبب المخاوف التجارية
على الرغم من الارتفاع في أسعار الذهب، شهدت أسعار النحاس انخفاضًا ملحوظًا في الأسواق العالمية. يأتي هذا التراجع في ظل تقييم المستثمرين لتداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية على المعادن الصناعية. تعتبر الصين أكبر مستهلك للنحاس في العالم، وأي تغيير في تجارتها قد يؤثر بشكل كبير على الطلب العالمي على المعدن.
تراجعت العقود الآجلة للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.6%، مما يعكس القلق من تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي. ومع ذلك، شهدت العقود الآجلة للنحاس التي تنتهي في مايو ارتفاعًا بنسبة 0.6%، مما يشير إلى بعض التفاؤل في السوق على المدى القصير.