تراجع سعر الذهب وسط تأثيرات الاقتصاد العالمي

شهد سعر الذهب تراجعًا ملحوظًا من أعلى مستوى له على الإطلاق، على الرغم من أن الانخفاض الذي حدث يبدو محدودًا. هذا التراجع في السعر يأتي في وقت يشهد فيه الطلب على الدولار الأمريكي انتعاشًا متواضعًا، مما أدى إلى تقلبات ملحوظة في الأسواق العالمية. ومع ذلك، يظل الذهب يحتفظ بمكانته كملاذ آمن في ظل استمرار المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي.

تأثيرات الحرب التجارية على سعر الذهب

من المتوقع أن تستمر مخاوف الأسواق العالمية بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في دعم سعر الذهب. تواصل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى في التأثير على الاقتصاد العالمي، مما يجعل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين. كما أن الاتجاه الهبوطي في الدولار الأمريكي قد يساهم في الحد من الخسائر في سعر الذهب مقابل الدولار الأمريكي.

سعر الذهب وسط التحولات الاقتصادية

في صباح يوم الجمعة، تراجع سعر الذهب إلى أدنى مستوى له في اليوم عند حوالي 2920 دولارًا للأونصة. هذا التراجع جاء بعد فترة من الارتفاعات، حيث كان الذهب قد سجل أعلى مستوى له في الجلسة السابقة. ومع استمرار القلق حول السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي، يظل الذهب في مرمى اهتمام المستثمرين كأداة تحوط ضد التضخم المحتمل. بالرغم من بعض عمليات جني الأرباح التي شهدها المعدن الأصفر، يبقى هناك توقعات إيجابية بأن الذهب قد يواصل الصعود.

أسباب استمرار الطلب على الذهب

مما لا شك فيه أن أحد الأسباب الرئيسية وراء الطلب المستمر على الذهب هو التخوف من التصعيد في الحرب التجارية العالمية. فقد فرض ترامب رسوماً جمركية جديدة على الصلب والألمنيوم، وكذلك رسومًا إضافية على الواردات الصينية، ما عزز حالة من عدم اليقين الاقتصادي في الأسواق. كما أن سياسات ترامب الحمائية تهدد بارتفاع التضخم، مما يجعل الذهب الخيار الأنسب للتحوط ضد المخاطر التضخمية.

الضغط على الأسواق المالية بسبب السياسات الأمريكية

بالإضافة إلى ذلك، يساهم ضعف الدولار الأمريكي في رفع الطلب على الذهب. مع تدني قيمة الدولار، يفضل المستثمرون شراء الذهب كأداة استثمارية بديلة. وعلاوة على ذلك، تستمر تقلبات الأسواق المالية في دفع المستثمرين إلى شراء الذهب كوسيلة لحماية رأس المال.

تستمر الأسواق العالمية في التأثر بالقرارات الاقتصادية الأمريكية، خصوصًا بعد إعلان ترامب عن المزيد من الرسوم الجمركية. هذا ما دفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الماضية.

في هذا السياق، يُتوقع أن تظل الأسواق العالمية تحت تأثير السياسة الأمريكية، ما يعزز من الاتجاه نحو الذهب كملاذ آمن. يضاف إلى ذلك أن بعض التوقعات تشير إلى احتمالية أن تقوم الولايات المتحدة بتخفيض أسعار الفائدة، وهو ما قد يعزز من طلب المستثمرين على الذهب باعتباره خيارًا أكثر أمانًا في ظل التقلبات الاقتصادية.

التوجه نحو الذهب في ظل المخاوف الجيوسياسية

بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية، تسهم المخاوف الجيوسياسية في دعم الطلب على الذهب. فقد تراجعت الآمال في التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما زاد من القلق بشأن الاستقرار السياسي في المنطقة. تصاعد الهجمات على محطات النفط الروسية واستخدام الطائرات بدون طيار قد يؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب كأداة تحوط ضد المخاطر الجيوسياسية.

وفي الوقت نفسه، يواصل الدولار الأمريكي التراجع، حيث انخفض إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر الماضي. هذا التراجع في الدولار يعزز من الطلب على الذهب، ويزيد من استثماره كأداة تحوط ضد تقلبات الأسواق.

تحليل فني للذهب: هل يواصل الارتفاع؟

من منظور فني، يظهر أن سعر الذهب قد يواجه تحديات في حال استمر في الاتجاه التصحيحي الحالي. ولكن، في حالة كسر مستوى 2900 دولار للأونصة، فقد يشهد المعدن النفيس مزيدًا من الانخفاضات. ومع ذلك، فإن أي تراجع جديد قد يكون فرصة شراء للمتداولين الذين يعتقدون أن الاتجاه الصعودي سيستمر.

أسواق المعادن النفيسة الأخرى: الفضة والبلاتين

تعتبر المخاوف المستمرة من السياسات الحمائية لترامب أحد العوامل الرئيسة التي تدفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الذهب. ومن الجدير بالذكر أن الذهب لا يزال يشهد صعودًا متواصلًا منذ بداية العام. ومن المتوقع أن تساهم الرسوم الجمركية التي قد يفرضها ترامب في وقت لاحق من العام في مزيد من الضغط على الأسواق.

الذهب قد يتجه نحو منطقة 2834 دولارًا في حال حدوث مزيد من التراجعات، في حين أن الدعم عند مستوى 2880 دولارًا سيظل يشكل نقطة محورية للمستثمرين. من المتوقع أن يواصل الذهب تسجيل مكاسب للأسبوع الثامن على التوالي، في ظل المخاوف المتعلقة بالتعريفات الجمركية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.

اما بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تتباين النتائج. بينما تسجل الفضة مكاسب جيدة، حيث  انه ارتفعت بنسبة 1.2% هذا الأسبوع، تواصل العقود الآجلة للبلاتين التراجع. يُتوقع أن يخسر البلاتين 3.2% خلال الأسبوع الحالي، وهو ما يعكس التأثيرات السلبية للظروف الاقتصادية العالمية.

أما النحاس، فقد شهد خسائر أسبوعية، متأثرًا ببعض عمليات جني الأرباح بعد ارتفاعه الكبير في الأسابيع الأخيرة. الانخفاضات التي شهدها النحاس جاءت في وقت كان فيه المعدن الأحمر في صعود ملحوظ، وذلك بسبب التفاؤل المرتبط بالاقتصاد الصيني وآفاق صناعة الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تراجعت المشاعر تجاه الصين بسبب المخاوف من تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

هل يستمر سعر الذهب في الصعود؟

بناءً على الاتجاهات الحالية، فقد يبدو أن الذهب قد يواصل تسجيل المكاسب في المستقبل القريب. التوترات الجيوسياسية، جنبًا إلى جنب مع السياسات الاقتصادية الأمريكية، تعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن. وبالنظر إلى أن الاقتصاد الأمريكي يواجه تحديات تضخمية قد تؤثر على النمو، من المرجح أن تظل أسعار الذهب في صعود مستمر.

مقالات ذات صلة