سعر الذهب يتمسك بالتحيز السلبي حول 3100 دولار قبيل تقرير الوظائف غير الزراعية

يستمر سعر الذهب في مواجهة ضغوط سلبية منذ بداية الأسبوع، رغم تحركاته الأخيرة التي أظهرت بعض الارتفاعات. في الوقت الذي تراجعت فيه بعض العملات الأساسية، بقي المعدن النفيس محط اهتمام الأسواق. على الرغم من هذه الارتفاعات المؤقتة، فإن الاتجاه العام لا يزال يميل نحو الانخفاض. هذا الموقف السلبي يعكس تفاعل الأسواق مع المخاوف الاقتصادية المتزايدة، التي أثارها التصعيد التجاري، بالإضافة إلى تطورات السياسة النقدية الأمريكية.

الذهب يرتفع ثم يتراجع: سجل قياسي مؤقت

في البداية، شهدت أسعار الذهب قفزة ملحوظة، حيث بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 3168 دولارًا للأوقية (الأونصة)، بعد الإعلان المفاجئ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة. هذا الارتفاع كان نتيجة مباشرة للتوترات التجارية المتزايدة. ومع ذلك، سرعان ما انخفضت الأسعار بشكل حاد بعد هذا الارتفاع، حيث تراجع سعر الذهب بأكثر من 100 دولار عن أعلى مستوى له، وهو ما وصفه المحلل كارستن فريتش من كوميرزبانك بكونه غير مفاجئ.

الضغط على الذهب في البداية كان ناتجًا عن عمليات تصفية للمراكز من قبل المتداولين الذين كانوا يتوقعون مزيدًا من الانخفاضات في الأسواق المالية. هذا النوع من البيع هو رد فعل طبيعي في الأوقات التي يتم فيها تقليص المخاطرة. مع ذلك، عادةً ما يستعيد الذهب خسائره بسرعة، وهو ما قد يكون ما يحدث الآن في ظل التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

توقعات الأسواق: خفض أسعار الفائدة والذهب

تتجه التوقعات في الوقت الحالي إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس بحلول نهاية العام، وهو ما سيؤثر بشكل إيجابي على الذهب. في ظل هذه التوقعات، أصبح هناك زخم متزايد في الأسواق للذهب، حيث يتوقع المستثمرون أن يُصبح المعدن النفيس أكثر جذبًا في ظل انخفاض أسعار الفائدة. عادةً ما تتناسب أسعار الذهب بشكل عكسي مع ارتفاع أسعار الفائدة، حيث يميل الذهب إلى الارتفاع عندما تكون الفائدة منخفضة.

إعفاء الذهب من الرسوم الجمركية وزيادة المخزونات

إحدى العوامل التي ساعدت على دعم سعر الذهب هي إعفاء المعدن النفيس من الرسوم الجمركية المفروضة على بعض السلع. لم تعد هناك حاجة لفرض رسوم على الذهب، ما يعني أن الطلب عليه قد ينخفض مع تراجع الحاجة لشحنه إلى الولايات المتحدة. في هذا السياق، تشير البيانات إلى أن مخزونات الذهب في بورصة كومكس قد ارتفعت بشكل كبير خلال العام الجاري.

من جانب آخر، شهدت الأسواق أمس زيادة إضافية قدرها 18 طنًا، لكن من المتوقع أن يتوقف هذا التدفق من الذهب في المستقبل القريب أو على الأقل يتراجع بشكل ملحوظ. إذا استمر هذا الاتجاه، فقد نرى تراجعًا في مخزونات الذهب، مما يؤثر على التوقعات المستقبلية.

الفضة تحت الضغط وتراجع المعادن الأخرى

تعد الفضة من المعادن التي تأثرت بشدة خلال الفترة الأخيرة. حيث انخفض سعرها بشكل حاد بنسبة 6% في بعض الأحيان، ليصل إلى حوالي 31.2 دولارًا للأوقية. يُعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، بما في ذلك الأثر السلبي للتوترات التجارية وأزمة الطلب الصناعي. على الرغم من أن الفضة تعد من المعادن الثمينة التي تتمتع بقدرة على التحوط ضد التضخم، إلا أن فقدانها جميع مكاسبها التي حققتها منذ بداية مارس قد يعكس ضعفًا في الطلب الصناعي.

ارتفاع نسبة الذهب إلى الفضة

نظرًا لانخفاض الفضة، ارتفعت نسبة الذهب إلى الفضة إلى 99، وهي أعلى مستوى لها منذ يوليو 2020. تعكس هذه النسبة العلاقة العكسية بين سعر الذهب والفضة، حيث ارتفع الذهب في الوقت الذي تراجعت فيه الفضة. هذا التباين في الأداء يعكس المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ما سيؤثر سلبًا على الطلب الصناعي على الفضة.

في المقابل، لم تشهد المعادن الأخرى مثل البلاتين والبلاديوم نفس الانخفاض الحاد الذي شهدته الفضة. على الرغم من تراجع الأسعار، إلا أن هذه المعادن لا تزال تتمتع بقدرة على جذب الاستثمارات. ويعود ذلك إلى وجود طلب صناعي أكبر على هذين المعدنين مقارنة بالفضة.

البلازما والبلاديوم: تقلبات أقل حدة

على الرغم من تراجع أسعار البلاتين والبلاديوم، فإن هذه المعادن لم تشهد التراجع الكبير الذي شهدته الفضة. يبدو أن الطلب الصناعي على البلاتين والبلاديوم لا يزال قويًا نسبيًا، وإن كان بشكل أقل حدة مقارنة بالفترة السابقة. يلاحظ المحللون أن هذه المعادن تتمتع بميزة أكبر في السوق الصناعي مقارنة بالفضة، مما يساهم في استقرار أسعارها نسبياً. ومع ذلك، فإن الوضع الاقتصادي العام قد يظل يؤثر على أدائها في الفترة المقبلة.

خاصةً في ظل التوقعات بشأن الرسوم الجمركية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.

أسباب انخفاض الطلب على المعادن الثمينة

إن تراجع الطلب على المعادن الثمينة يعود إلى العديد من العوامل، في مقدمتها الاضطرابات التجارية التي شهدتها الأسواق مؤخراً. الرسوم الجمركية الأمريكية، على سبيل المثال، قد تساهم في زيادة تكاليف المواد الخام المستخدمة في التصنيع.

مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الصناعي على الفضة والبلاتين. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال هناك قلق من تأثير هذه الرسوم على النمو الاقتصادي العالمي بشكل عام، مما يساهم في زيادة التقلبات في أسواق المعادن.

توقعات المستقبل للذهب والمعادن الثمينة

تظل أسواق الذهب والمعادن الثمينة في حالة ترقب بسبب العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية. يتعين على المستثمرين متابعة تأثيرات الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي.

بالإضافة إلى بيانات التضخم وأسعار الفائدة التي قد تحدد مسار الأسواق في المستقبل. من المتوقع أن يستمر الذهب في التحرك ضمن نطاق ضيق، حيث يتفاعل مع الأحداث الاقتصادية والتجارية. في الوقت نفسه، قد تظل المعادن الأخرى مثل الفضة والبلاتين تحت ضغط في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة.

إجمالاً، تشير التوقعات إلى أن الذهب سيظل من أهم المعادن التي يتطلع إليها المستثمرون كملاذ آمن في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة.

في حين أن الفضة والبلاتين قد يعانيان من تقلبات أكبر في ظل تأثيرات الرسوم الجمركية والسياسات النقدية العالمية.

مقالات ذات صلة