تراجع أسعار الذهب العالمية للجلسة الخامسة على التوالي في تعاملات يوم الخميس، مسجلة أدنى مستوى لها في ثمانية أسابيع. تأثرت الأسعار سلبًا بسبب قوة الدولار الأمريكي وارتفاع العائدات على السندات الأمريكية. كما ساهمت حالة عدم اليقين بشأن سرعة خفض الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الضغط على المعدن الثمين.
الدولار الأمريكي يرتفع والعوائد تؤثر على الذهب
شهد مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا ليصل إلى أعلى مستوى له في عام 2024. هذه الزيادة في قيمة الدولار جعلت الذهب أكثر تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة. كما شهدت عائدات السندات الأمريكية ارتفاعًا كبيرًا، حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ يوليو الماضي، مما أضاف ضغوطًا إضافية على الذهب.
تحليل الخبراء: تأثير العوامل الاقتصادية على المعدن الأصفر
علق محلل الأسواق المالية على تراجع الذهب قائلًا: “في الوقت الحالي، يتأثر الذهب بشكل كبير بالدولار الأمريكي والعوائد على السندات. لذلك، يتعرض المعدن الأصفر لضغوط هبوطية على المدى القصير.”
يشير رودا إلى أن قوة الدولار والعوائد المرتفعة تتسبب في جذب المستثمرين نحو الأصول التي تقدم عوائد أعلى، مما يضعف الطلب على الذهب الذي يعتبر ملاذًا آمنًا. بالتالي، تراجعت أسعار المعدن الثمين مع انخفاض الطلب عليه في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
العوامل التي تساهم في تراجع أسعار الذهب
تتعدد الأسباب التي أدت إلى تراجع أسعار الذهب في الآونة الأخيرة، ولكن يبقى العامل الرئيس هو التحركات الاقتصادية الكبرى مثل ارتفاع أسعار الفائدة ورفع الدولار لقيمته. مع توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو سياسة نقدية أكثر تشددًا، يعاني الذهب من نقص الدعم الذي كان يحظى به في أوقات سابقة. ومع استمرار رفع العوائد على السندات الأمريكية، يتزايد الضغط على أسعار الذهب.
الذهب في ظل التوقعات المستقبلية
بعض المحللين يتوقعون أن تستمر ضغوط البيع على الذهب إذا استمر الدولار في قوته الحالية. في المقابل، يتوقع آخرون أن يستفيد الذهب في حال تغيرت الظروف الاقتصادية أو تراجعت العوائد على السندات.
التضخم وتأثيره على الذهب
وفقًا للبيانات الاقتصادية التي صدرت يوم الأربعاء، ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 0.2% في أكتوبر، ما جعل معدل التضخم السنوي يصل إلى 2.6%. وبذلك، تباطأ ارتفاع التضخم في الأشهر الأخيرة مقارنةً بالشهر الماضي، حيث كان قد سجل 2.4% في سبتمبر. ورغم أن الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا ضد التضخم، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من جاذبية الذهب. فالذهب لا يحقق عوائد، وبالتالي يصبح أقل جذبًا في ظل العوائد المرتفعة على السندات.
المخاوف من التضخم تؤثر على قرارات الفيدرالي
بينما يتوقع بعض المحللين أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في خفض الفائدة في الشهر المقبل، فإنهم يشيرون إلى أن السياسة النقدية قد تظل مشددة في المستقبل. المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي لا يزالون حذرين بشأن تقليص أسعار الفائدة بشكل سريع، وذلك بسبب المخاطر المحتملة التي يشكلها التضخم. هذه المخاوف تجعل الأسواق تتوقع أن يتواصل الضغط على أسعار الذهب في الفترة المقبلة.
توقعات متباينة بشأن التضخم والفائدة في الولايات المتحدة
بينما يتوقع ألبرتو موسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، أن يتراجع التضخم بشكل تدريجي، حذرت لوجان، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، من تأثيرات تخفيض الفائدة بشكل مفرط. إذ قد يؤدي ذلك إلى إعادة إشعال الضغوط التضخمية التي تم الحد منها في الفترة الأخيرة.
الترقب لبيانات اقتصادية هامة
في الوقت الحالي، يترقب المستثمرون صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) وطلبات إعانة البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة. من المقرر أن تُنشر هذه البيانات اليوم في الساعة 16:30 بتوقيت الرياض. يتوقع أن تحمل هذه البيانات إشارات إضافية حول مسار الاقتصاد الأمريكي، حيث يُنظر إليها باعتبارها مؤشرات رئيسية على وضع التضخم وسوق العمل في البلاد.
تأثير تصريحات رئيس الفيدرالي على الأسواق
من جهة أخرى، يتطلع المستثمرون أيضًا إلى تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، المقرر أن يلقيها لاحقًا اليوم. ستلقي كلمته الضوء على استراتيجية الفيدرالي في التعامل مع التضخم ورفع أسعار الفائدة، مما قد يؤثر على أسواق المال والسلع.
الاستعداد لتأثيرات مستقبلية على الذهب والأسواق المالية
كل هذه التطورات تأتي في وقت حساس للأسواق المالية، حيث يتزايد القلق من التقلبات الاقتصادية المحتملة. المستثمرون في أسواق الذهب وأسواق الأسهم يعكفون على مراقبة هذه البيانات وتلميحات الفيدرالي، إذ يمكن أن تؤثر هذه العوامل بشكل كبير على قراراتهم الاستثمارية في الأيام القادمة.
في ضوء هذه العوامل، يتوقع بعض الخبراء استمرار تراجع أسعار الذهب على المدى القصير إذا استمر الدولار في قوته واستمرت العوائد في الارتفاع. ومع ذلك، قد يتغير الاتجاه في حال حدوث تغييرات في سياسة الفائدة أو في حالة تزايد المخاوف الاقتصادية. لكن في الوقت الحالي، لا يزال الذهب يُعتبر تحوطًا ضد التضخم في بعض الحالات، ولكنه يواجه صعوبة في الحفاظ على جاذبيته في ظل السياسة النقدية الحالية.
تسوية العقود الآجلة للذهب
عند التسوية، انخفضت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر بنسبة 0.75%، أي ما يعادل 19.8 دولار، ليصل إلى 2586.50 دولار للأوقية. وكانت الأسعار قد لامست مستوى 2625 دولارًا في وقت سابق من الجلسة، قبل أن تتعرض لتراجع ملموس في ظل الضغوط الاقتصادية.
الذهب الفوري والعقود الآجلة
في الأسواق الفورية، سجل الذهب انخفاضًا بنسبة 0.72% ليصل إلى 2554 دولارًا للأوقية. كما تراجعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 1.05% إلى 2559 دولارًا للأوقية. هذا التراجع جاء بالتوازي مع ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 0.18% ليصل إلى 106.57 نقطة، مما جعل الذهب أكثر تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة.
تأثير الدولار على المعادن الثمينة
تأثرت المعادن الثمينة الأخرى بنفس الضغوط الناجمة عن ارتفاع الدولار. حيث سجلت الفضة انخفاضًا بنسبة 0.5% لتصل إلى 30.19 دولار للأوقية، وهو أدنى مستوى لها منذ 19 سبتمبر الماضي. كما شهدت أسعار البلاتين تراجعًا بنسبة 0.6% لتسجل 931.74 دولار، في حين انخفض البلاديوم بنسبة 0.3% ليصل إلى 930.50 دولار.
وتستمر الضغوط على أسعار الذهب بفعل الارتفاعات في الدولار والعوائد على السندات. ومع استمرار هذه العوامل الاقتصادية، يتوقع الكثير من المحللين استمرار الهبوط في أسعار المعدن الأصفر في الفترة المقبلة.