أكد لويس دي غيندوس، نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، أن التضخم في منطقة اليورو يسير في الاتجاه الصحيح رغم الارتفاع الطفيف الذي شهدته بعض القطاعات في الأشهر الأخيرة. وأوضح دي غيندوس أن العوامل الأساسية مثل تعويضات الموظفين والتضخم في قطاع الخدمات تسير نحو الاستقرار، مما يدعم التوقعات التي تشير إلى تراجع التضخم إلى نحو 2% بحلول نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل. تأتي تصريحات دي غيندوس في وقت يراقب فيه المستثمرون عن كثب سياسات البنك المركزي الأوروبي وتأثيرها على الأسواق المالية.
وأشار دي غيندوس إلى أن هذه الاتجاهات تدعم التوقعات المبدئية للبنك المركزي الأوروبي فيما يتعلق بالتحكم في التضخم، معربًا عن تفاؤله حيال قدرة البنك على تحقيق استقرار الأسعار رغم التحديات الاقتصادية الحالية. وأكد أن التوقعات الحالية تشير إلى استقرار التضخم على المدى المتوسط، رغم استمرار حالة من عدم اليقين التي تؤثر على الأسواق، مثل تأثير الرسوم الجمركية والسياسات المالية المتغيرة.
تناول دي غيندوس تأثير الأسواق العالمية على منطقة اليورو، مؤكدًا أن البنك المركزي الأوروبي يراقب عن كثب تطورات العوائد على السندات الألمانية والتعديلات في التوقعات المتعلقة بتخفيضات الفائدة. وأبرز أهمية التمييز بين التقلبات قصيرة الأجل والقوى الاقتصادية المتوسطة والطويلة الأجل التي قد تؤثر في الأسواق. وأوضح أن البنك ملتزم باتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق أهداف التضخم المحددة.
تطرق دي غيندوس إلى السياسات التجارية والإجراءات التنظيمية الجديدة في الولايات المتحدة.
مشيرًا إلى أنها تشكل مصدرًا رئيسيًا لعدم اليقين العالمي. وأشار دي غيندوس إلى خطط الاتحاد الأوروبي لزيادة الإنفاق الدفاعي وتأثير ذلك المحتمل على الاقتصاد الأوروبي. وأوضح أن هذه الخطط قد تؤدي إلى زيادة النفقات الحكومية.
مما قد يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، لكن البنك المركزي سيظل حذرًا في تقييم تأثير هذه السياسات على التضخم والأسواق المالية.
كيف ستؤثر توقعات التضخم على قرارات الفائدة
تلعب توقعات التضخم دورًا محوريًا في تحديد قرارات السياسة النقدية للبنوك المركزية، وبالأخص قرارات الفائدة. عندما يكون التضخم في مسار تصاعدي ويتجاوز الأهداف المحددة.
يصبح من المحتمل أن يتجه البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم وضمان استقرار الأسعار. رفع الفائدة يؤدي إلى تقليل الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، مما يساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي ولكن يحد من الضغوط التضخمية.
من جهة أخرى، إذا أشارت توقعات التضخم إلى استقرار الأسعار أو انخفاضها إلى مستويات أدنى من الأهداف المرجوة.
قد يتجه البنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة أو حتى خفضها. تخفيض الفائدة يهدف إلى تحفيز الاقتصاد من خلال تشجيع الاقتراض والاستثمار، وبالتالي دعم النمو الاقتصادي دون القلق المفرط من التضخم.
في حالة البنك المركزي الأوروبي، الذي يستهدف التضخم عند مستوى قريب من 2%، فإن استقرار التضخم أو انخفاضه يدعم استمرار أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية لفترة أطول. ومع ذلك، إذا ارتفعت توقعات التضخم بفعل عوامل مثل ارتفاع تكاليف الطاقة أو تغييرات في السياسات التجارية العالمية، قد يضطر البنك إلى اتخاذ قرارات أكثر تشددًا ورفع أسعار الفائدة.
تؤثر توقعات التضخم أيضًا على الأسواق المالية، حيث تعد مؤشرات هامة للمستثمرين في اتخاذ قراراتهم بشأن الأصول المختلفة. على سبيل المثال، توقعات التضخم المرتفعة قد تدفع المستثمرين إلى شراء الأصول المرتبطة بالتضخم مثل السندات المحمية بالتضخم أو الذهب.
بينما قد تؤدي توقعات التضخم المنخفضة إلى زيادة الطلب على السندات الحكومية التقليدية.
تجدر الإشارة إلى أن تأثير توقعات التضخم لا يقتصر على قرارات الفائدة فقط.
بل يشمل أيضًا السياسات النقدية غير التقليدية مثل التيسير الكمي أو التدخلات في سوق الصرف الأجنبي. إذا استمرت المخاوف التضخمية في الارتفاع، قد يلجأ البنك المركزي الأوروبي إلى تقليص سياسات التحفيز المالي أو اتخاذ إجراءات مباشرة للحد من التضخم، مما ينعكس بدوره على النمو الاقتصادي والاستثمار.
تأثير الرسوم الجمركية على التضخم في منطقة اليورو
تُعد الرسوم الجمركية أحد الأدوات التجارية التي تستخدمها الدول لحماية صناعاتها المحلية وتحقيق التوازن في ميزان التجارة. ومع تصاعد التوترات التجارية عالميًا، أصبح لتلك الرسوم تأثير ملموس على التضخم في منطقة اليورو. تؤدي الرسوم الجمركية إلى زيادة تكاليف الاستيراد، ما ينعكس بدوره على أسعار السلع والخدمات، ويشكل ضغطًا تصاعديًا على معدلات التضخم في الدول الأوروبية.
تتأثر منطقة اليورو بشكل كبير بالرسوم الجمركية بسبب اعتمادها الكبير على الواردات.
خاصة في قطاعات مثل الطاقة، والمواد الخام، والسلع الصناعية. عند فرض رسوم جمركية على هذه الواردات، ترتفع تكلفة الإنتاج للمصانع والشركات.
والتي غالبًا ما تنقل هذه التكاليف إلى المستهلك النهائي عن طريق رفع الأسعار. هذا الارتفاع في الأسعار يساهم في ارتفاع معدلات التضخم، مما يعيق جهود البنك المركزي الأوروبي في الحفاظ على استقرار الأسعار.
إحدى الآثار المباشرة للرسوم الجمركية هي ارتفاع أسعار المواد الخام والسلع الأساسية.
وهو ما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وصعود أسعار السلع المصنعة. في الوقت الذي يحاول فيه البنك المركزي الأوروبي إبقاء التضخم عند مستوى 2%، قد تؤدي الرسوم الجمركية إلى تجاوز هذا المستوى.
مما يضع البنك في موقف صعب بين الحاجة لرفع أسعار الفائدة للحد من التضخم وبين الحاجة لدعم النمو الاقتصادي.
تتأثر بشكل خاص القطاعات الأوروبية التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية، مثل صناعة السيارات والآلات والإلكترونيات. مع ارتفاع تكلفة المكونات المستوردة بسبب الرسوم الجمركية، تجد الشركات نفسها مضطرة لرفع أسعار منتجاتها.
مما يساهم في رفع التضخم بشكل عام. كما تتأثر السلع الاستهلاكية اليومية، وهو ما يضغط على القدرة الشرائية للمستهلك الأوروبي ويحد من الاستهلاك.
وهو أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي في المنطقة. لا تقتصر آثار الرسوم الجمركية على السلع المصنعة فقط، بل تمتد إلى قطاع الطاقة، حيث تعتمد العديد من دول منطقة اليورو على واردات الطاقة، مثل النفط والغاز.