شهدت سويسرا في ديسمبر 2024 تغييرات ملحوظة في مؤشر أسعار المستهلك، إذ سجلت الأسعار زيادة بنسبة 1.3% على أساس سنوي، مما يعكس استمرار الضغوط التضخمية على الاقتصاد المحلي. ووفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن الحكومة السويسرية، توقع الخبراء أن يكون هذا الارتفاع ناتجًا عن عدة عوامل من أبرزها زيادة أسعار الطاقة وتباطؤ زيادة أسعار المواد الغذائية. في الوقت ذاته، كانت الأسعار في بعض القطاعات الأخرى قد شهدت استقرارًا أو انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالشهر السابق.
التغيرات السنوية في مؤشر أسعار المستهلك السويسرية
على مدار عام 2024، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 1.3% في ديسمبر مقارنة بنفس الشهر من العام السابق. هذا الارتفاع يعتبر معتدلاً نسبياً، ويعكس تأثيرات متباينة للعديد من العوامل الاقتصادية. من بين هذه العوامل، كانت أسعار الطاقة، التي شهدت زيادة طفيفة، هي من أبرز المساهمين في هذا الارتفاع. في المقابل، حدث انخفاض طفيف في أسعار المنتجات المصنعة، مما ساعد في موازنة التضخم الكلي. كما تباطأت زيادة أسعار المواد الغذائية، مما أدى إلى استقرار الأسعار في هذا القطاع.
من الجدير بالذكر أن أسعار الخدمات، بما في ذلك خدمات النقل والتبغ، ظلت مستقرة خلال العام.
حيث تم الحفاظ على نفس المعدلات التي تم تسجيلها في الشهر السابق. هذه الثبات في الأسعار يعكس التوازن الذي تحقق في بعض القطاعات الاقتصادية بالرغم من الارتفاعات في أخرى.
الزيادة الشهرية في الأسعار
على مدار شهر ديسمبر 2024، سجل مؤشر أسعار المستهلك ارتفاعًا بنسبة 0.2% مقارنة بشهر نوفمبر.
وهي زيادة محدودة إلا أنها تعكس تحسنًا طفيفًا في الأسعار بعد الانخفاض الذي حدث في نوفمبر بنسبة -0.1%. يمكن تفسير هذه الزيادة بشكل رئيسي من خلال ارتفاع أسعار الخدمات، لا سيما في قطاع النقل، الذي شهد زيادة ملحوظة. علاوة على ذلك، ارتفعت أسعار الطاقة، وخاصة المنتجات النفطية، مما ساهم في دفع الأسعار إلى الأعلى. لكن في المقابل، تراجعت أسعار المنتجات المصنعة بشكل طفيف، مما ساعد في الحد من ارتفاعات الأسعار بشكل عام.
مؤشر أسعار المستهلك المنسق
من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك المنسق بنسبة 1.8% في ديسمبر 2024 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
وهو ما يعكس ارتفاعًا طفيفًا مقارنة بشهر نوفمبر الذي سجل فيه المؤشر زيادة بنسبة 1.7%. على الرغم من هذا الارتفاع، إلا أن المؤشر لا يزال ضمن الحدود المقبولة التي تهدف إلى ضمان استقرار الأسعار في الاقتصاد السويسري. هذا المؤشر المنسق يعتبر أداة هامة في قياس التضخم المعدل الذي يأخذ في الاعتبار الأسعار على مستوى أوسع يشمل أيضًا الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
وعلى صعيد التغيرات الشهرية، ارتفع المؤشر المنسق بنسبة 0.2% مقارنة بشهر نوفمبر، بعد أن كان قد شهد انخفاضًا طفيفًا بنسبة -0.1% في الشهر السابق. هذا التحسن يعكس استمرار تأثيرات زيادات أسعار الطاقة والخدمات على الاقتصاد السويسري. كما أن التوقعات تشير إلى استمرار هذه الزيادة في المؤشر خلال الأشهر القادمة، خاصة إذا استمر الارتفاع في أسعار النفط والغاز.
العوامل المساهمة في ارتفاع الأسعار
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في الزيادة الملحوظة في مؤشر أسعار المستهلك في ديسمبر 2024. أولاً، تظل أسعار الطاقة أحد أكبر المحركات للتضخم، إذ أثرت زيادات أسعار النفط والغاز على القطاعات الاقتصادية المختلفة، من النقل إلى الإنتاج الصناعي. كما شهدت بعض السلع مثل المواد الغذائية والتبغ زيادات في أسعارها، مما دفع إجمالي الأسعار إلى الارتفاع.
ومع ذلك، من المتوقع أن تبقى الأسعار في بعض القطاعات الأخرى مستقرة، مثل أسعار المنتجات المصنعة التي شهدت انخفاضًا طفيفًا في ديسمبر. هذا التباين بين مختلف القطاعات يعكس تنوع العوامل الاقتصادية التي تؤثر على الأسعار في سويسرا. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة السويسرية والبنك الوطني السويسري سيواصلان مراقبة هذه التغيرات واتخاذ التدابير المناسبة لضمان استقرار التضخم.
توقعات التضخم المستقبلية
يتوقع الخبراء أن يبقى التضخم في سويسرا ضمن المعدلات المعتدلة. مع استمرار الضغوط في بعض القطاعات مثل الطاقة والنقل، من المتوقع أن تتواصل الزيادات الطفيفة في الأسعار. في الوقت ذاته، فإن الأسعار في بعض المجالات مثل المواد المصنعة قد تظل مستقرة أو تشهد انخفاضًا طفيفًا، مما يساهم في تقليل تأثير التضخم على الاقتصاد الكلي.
من المتوقع أيضًا أن يظل مؤشر أسعار المستهلك المنسق في نطاق يتراوح بين 1.7% و1.9% خلال الأشهر القادمة.
على أن يتأثر هذا الرقم بتقلبات أسعار الطاقة والعوامل الأخرى المؤثرة على الاقتصاد المحلي والعالمي. لكن التوقعات العامة تشير إلى أن التضخم سوف يظل ضمن الحدود المقبولة ولن يتسبب في تقلبات كبيرة.
السياسات النقدية والتدابير الحكومية
ستظل السياسة النقدية للبنك الوطني السويسري أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على معدلات التضخم في المستقبل. سيواصل البنك الوطني السويسري تقييم الأوضاع الاقتصادية بعناية واتخاذ القرارات المناسبة بشأن أسعار الفائدة. في حالة استمرار الضغوط التضخمية، قد يلجأ البنك الوطني إلى رفع أسعار الفائدة لضبط مستويات التضخم. ومع ذلك، سيحاول البنك دائمًا تجنب أي تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي قد يتسبب في حدوث ركود.
كما أن الحكومة السويسرية تعمل على تعزيز برامج الدعم التي تهدف إلى تقليل تأثيرات التضخم على الأسر ذات الدخل المحدود. في نفس السياق، قد يتم تطبيق بعض التدابير التي تهدف إلى الحد من الارتفاعات في أسعار الطاقة والمواد الغذائية.
وهو ما من شأنه أن يساهم في تخفيف الضغوط على الاقتصاد المحلي.
تعتبر نتائج مؤشر أسعار المستهلك السويسري في ديسمبر 2024 مؤشرًا هامًا على تطورات الاقتصاد المحلي. ورغم الزيادة الطفيفة في الأسعار، إلا أن التضخم لا يزال ضمن الحدود المقبولة، مما يعكس استقرارًا نسبيًا في الاقتصاد السويسري. من المتوقع أن يستمر التضخم في التذبذب قليلاً في المستقبل القريب، لكن من غير المحتمل أن يتسبب في أي تقلبات كبيرة تؤثر على الاقتصاد المحلي. ستظل الحكومة السويسرية والبنك الوطني في حالة يقظة للتعامل مع هذه التحديات، مع ضمان استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي.