تعد أستراليا واحدة من الاقتصادات المتقدمة التي تتسم بتنوع سوق العمل واستقراره نسبيًا، على الرغم من التحديات التي قد تطرأ نتيجة للأزمات الاقتصادية أو الأحداث غير المتوقعة. تُظهر بيانات مسح القوى العاملة الشهري، في يناير 2025، عدة اتجاهات هامة تتعلق بمعدلات البطالة، التوظيف، ونسبة العمالة مقارنة بعدد السكان.
معدل البطالة: ثبات نسبي رغم التحديات
استقر معدل البطالة في أستراليا عند 4.0% في يناير 2025، حيث بقي دون تغيير مقارنة بالشهر السابق. رغم الزيادة الطفيفة في عدد العاطلين عن العمل والتي وصلت إلى 615,100 شخصًا، إلا أن التغير الشهري في هذا المعدل كان ضئيلًا. يُلاحظ أن البطالة بين الشباب بقيت عند 9.0%، مما يشير إلى استمرارية التحديات التي يواجهها هذا الفئة العمرية في دخول سوق العمل.
كما أن تقرير المكتب الأسترالي للإحصاء أشار إلى أهمية الحذر عند تفسير هذه البيانات في ظل الانقطاعات التي شهدتها الاتجاهات خلال فترة جائحة كوفيد-19. فقد ساهمت تلك التغيرات في حدوث تقلبات كبيرة في اتجاهات سوق العمل، وهو ما يستدعي أخذ الحيطة عند استخدام هذه الأرقام لتحليل الوضع الراهن.
ارتفاع التوظيف وعدد العاملين: زيادة معتدلة
تشير البيانات إلى أن التوظيف في أستراليا شهد ارتفاعًا طفيفًا بلغ 33,700 شخصًا في يناير 2025، ليصل إجمالي عدد العمالة إلى 14,616,400 شخصًا. كان هذا الارتفاع بمعدل نمو بلغ 0.2%. كما أن أعداد العاملين بدوام كامل قد شهدت زيادة بنحو 19,900 شخصًا.
ليصل الإجمالي إلى 10,083,500، بينما زاد عدد العاملين بدوام جزئي بنحو 13,800 شخص ليصل إلى 4,532,900 شخصًا.
معدل المشاركة: استقرار في النشاط الاقتصادي
ظل معدل المشاركة في القوى العاملة عند مستوى 67.2% في يناير 2025، دون تغير عن الشهر السابق. يشير ذلك إلى أن نسبة الأفراد الذين هم في سن العمل والذين يشاركون بنشاط في سوق العمل لم تشهد تغيرات كبيرة.
مما يعكس استقرارًا نسبيًا في القدرة على الانخراط في النشاط الاقتصادي.
نسبة العمالة إلى السكان: زيادة طفيفة
توزعت المشاركة بين الجنسين، حيث كانت أعلى بين الرجال (71.3%)، بينما ارتفعت بين النساء إلى 63.2%. هذه الأرقام تشير إلى استمرار الفجوة بين الجنسين في المشاركة الاقتصادية.
بلغت نسبة العمالة إلى السكان في أستراليا 64.5% في يناير 2025، مما يعكس ارتفاعًا طفيفًا مقارنة بالشهر السابق. توفر هذه النسبة مقياسًا مهمًا لقياس مستوى العمالة مقارنة بعدد السكان في البلاد. التغيرات التي طرأت على هذه النسبة، وإن كانت صغيرة، تشير إلى تحسن طفيف في استيعاب سوق العمل.
ساعات العمل: زيادة طفيف في إجمالي ساعات العمل
شهدت ساعات العمل الشهرية في جميع الوظائف زيادة طفيفة بنحو 1.9 مليون ساعة (0.1%).
ليصل إجمالي ساعات العمل إلى 1,976 مليون ساعة في يناير 2025. هذه الزيادة تعكس تحسنًا طفيفًا في عدد الساعات التي يتم العمل بها على مستوى البلاد. ومع ذلك، فقد تم تسجيل انخفاض طفيف في ساعات العمل المعدلة موسميًا بنسبة -0.4%، ليصل إجمالي ساعات العمل إلى 1,971 مليون ساعة.
التأثيرات الاقتصادية والأزمة الصحية
تعد الأزمة الصحية التي نشأت من جائحة كوفيد-19 أحد العوامل التي أثرت بشكل كبير على سوق العمل في أستراليا. فقد تسبب ذلك في تقلبات كبيرة في الاتجاهات الشهرية للعمالة والبطالة.
وهو ما استدعى إصدار توصيات من قبل المكتب الأسترالي للإحصاء بضرورة توخي الحذر عند استخدام هذه البيانات بسبب الانقطاعات في الاتجاهات.
العمل بدوام جزئي: ارتفاع مستمر في النسبة
تستمر نسبة العمالة بدوام جزئي في أستراليا في الارتفاع.
حيث بلغ عدد العاملين بدوام جزئي 31.0% من إجمالي القوى العاملة في يناير 2025. هذه الزيادة في العمل بدوام جزئي قد تعكس تزايد الاتجاهات نحو مرونة العمل وزيادة الطلب على وظائف يمكن تنفيذها بجداول مرنة.
وهو ما يعكس تغييرات كبيرة في الهيكلية الاقتصادية للبلاد.
استجابة للتحولات في سوق العمل
تشهد أستراليا تحولات ملحوظة في سوق العمل نتيجة للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت في السنوات الأخيرة. من بين أبرز العوامل التي أثرت في هذا التحول جائحة كوفيد-19، التي أسفرت عن تأثيرات عميقة على أنماط العمل والوظائف المتاحة. وبينما حاولت الحكومة الأسترالية والجهات المعنية التكيف مع هذه التحولات، تم تنفيذ استراتيجيات وسياسات متعددة لتعزيز استقرار سوق العمل.
توجهات الحكومة الأسترالية
ركزت الحكومة الأسترالية على سياسات دعم العمالة.
حيث تم تقديم برامج تحفيزية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وذلك بهدف تعزيز القدرة على توظيف الأفراد. كما تم تعديل برامج التدريب والتعليم المهني لتلبية احتياجات السوق الجديد، حيث تزايد الطلب على مهارات مختلفة، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والصحة.
مرونة سوق العمل
أحد التوجهات البارزة في استجابة سوق العمل الأسترالي هو التوسع في فرص العمل المرنة. فقد شهدت أعداد العاملين بدوام جزئي زيادة ملحوظة، الأمر الذي يعكس تزايد قبول هذا النوع من العمل بين الأفراد والشركات. هذه المرونة سمحت للعديد من الأستراليين بمواصلة العمل رغم التحديات الاقتصادية التي واجهوها.
التوظيف والتدريب المهني
تم تعزيز برامج التوظيف من خلال تحفيز القطاعات التي شهدت نموًا سريعًا مثل الرعاية الصحية والتكنولوجيا. وقد تم تخصيص المزيد من الموارد لتدريب وتطوير المهارات للعمالة المحلية، خصوصًا في المناطق التي تفتقر إلى فرص العمل المناسبة.
دور التكنولوجيا في التحولات
شهد سوق العمل الأسترالي تحولًا ملحوظًا بفضل الابتكار التكنولوجي، الذي دفع العديد من الشركات لتطوير أساليب العمل عن بُعد. لقد ساهمت هذه التغييرات في خلق بيئة عمل أكثر مرونة، بحيث أصبح بالإمكان العمل من المنزل في العديد من القطاعات.
الاهتمام بالمساواة في سوق العمل
عكفت الحكومة الأسترالية أيضًا على تحسين فرص العمل للنساء والشباب من خلال إطلاق مبادرات تهدف إلى تعزيز المساواة في الفرص والرواتب. تتضمن هذه المبادرات تحسين مشاركة النساء في القوى العاملة، خاصة في المجالات التي كانت تاريخيًا تهيمن عليها الرجال.