يشهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) حالة من التراجع الحاد، حيث يوشك على الدخول في سوق هابطة مع بدء تداولات يوم 7 أبريل. وقد انخفض هذا المؤشر بنسبة 17.4% منذ أن سجل أعلى مستوى له في 19 فبراير الماضي. ويُتوقع أن يبدأ المؤشر تعاملاته يوم الاثنين في منطقة سوق هابطة، مما يمثل إنذارًا للمستثمرين حول المخاطر القادمة. في الوقت الراهن، يبلغ مؤشر S&P 500 5,074.08، ويُتوقع أن يصل إلى 4,784.84 بنهاية هذا الربع، وإلى 4,434.93 في غضون عام، وفقًا لتوقعات شركة Trading Economics.
أسباب التراجع الحاد للأسواق الأمريكية
تعكس أسواق الأسهم الأمريكية أسوأ خسائرها منذ خمس سنوات. أحد العوامل الرئيسية هو الرسوم الجمركية العالية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما أثار مخاوف من حرب تجارية عالمية. كما ساهمت ارتفاعات التضخم وتوقعات الركود الاقتصادي في تفاقم الوضع، مما دفع إلى موجة بيع واسعة في السوق. بعد جلستين من عمليات البيع المكثفة في 3 و 4 أبريل، فقدت الأسواق الأمريكية أكثر من 5.4 تريليون دولار من قيمتها السوقية. في هذا السياق، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بأكثر من 1313 نقطة، بينما فقدت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 4.6%، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 3.7%.
الرسوم الجمركية: رافعة ضغط على الاقتصاد الأمريكي
فرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية ضخمة بدأ سريانها صباح يوم السبت. هذه الرسوم، التي كانت تهدف إلى حماية الصناعات الأمريكية، تتضمن تعريفات جمركية بنسبة 20% على الاتحاد الأوروبي و54% على الصين و26% على الهند و24% على اليابان. إضافة إلى ذلك، أوضح ترامب أن السيارات المصنعة في دول أخرى ستخضع لرسوم بنسبة 25%. يبقى أن نرى كيف سيؤثر هذا الهيكل الجديد من الرسوم الجمركية على حركة التجارة العالمية.
ردود فعل الصين وتأثيراتها على الأسواق
لم يتأخر رد الصين على تهديدات ترامب بفرض المزيد من الرسوم الجمركية، حيث أبدت الصين استعدادها للانتقام. هذا التصعيد في التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم يثير مزيدًا من القلق في الأسواق المالية، ويزيد من احتمالية حدوث ركود اقتصادي عالمي في حال استمرت هذه السياسات.
الركود الاقتصادي وتأثيراته على أسواق الأسهم الأمريكية
تسببت المخاوف من الركود في دفع الأسواق إلى حالة من الذعر. وفقًا لمحللي جي بي مورغان، فإن الرسوم الجمركية قد تزيد الضرائب الأمريكية بمقدار 660 مليار دولار سنويًا. ومن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة بنسبة 2% نتيجة لهذه الزيادة في الأسعار. في حال استمرت هذه السياسات الجمركية، قد يؤدي ذلك إلى حدوث ركود اقتصادي عالمي في عام 2025. وقد رفع محللو جي بي مورغان احتمالية حدوث الركود إلى 60%، بينما رفع جولدمان ساكس احتمال حدوثه إلى 35% خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
دور بنك الاحتياطي الفيدرالي في الأزمة
ستظل ردود فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي حاسمة في تحديد مصير الاقتصاد الأمريكي. في تصريحاته الأخيرة، أكد رئيس البنك الفيدرالي، جيروم باول، أنه لن يتم خفض أسعار الفائدة إلا إذا كانت البيانات الاقتصادية تتماشى مع التوقعات. ومع ذلك، يرى باول أن الرسوم الجمركية سترفع التضخم وتبطئ النمو، مما يعقد الأمور بالنسبة للبنك المركزي. بطبيعة الحال، تُعد الرسوم الجمركية إجراءات تضخمية، ومن غير المتوقع أن يؤدي تطبيقها إلى خفض التضخم.
الرسوم الجمركية وأثرها على المستهلكين الأمريكيين
يُتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى زيادة في تكلفة السلع، ما سيُحمل الأسرة الأمريكية عبئًا إضافيًا. وفقًا لتقرير مؤسسة الضرائب المستقلة، من المتوقع أن يصل متوسط إنفاق الأسرة الأمريكية على السلع إلى 2100 دولار إضافي سنويًا بسبب هذه الرسوم. كما تشير المؤسسة إلى أن دخل الأمريكيين بعد خصم الضرائب سينخفض بنسبة 2.1% في هذا العام.
التفاعل السياسي وتأثيراته على الأسواق
قد يُسهم تصريح ترامب الإيجابي في تعافي السوق من خسائره، ويُنهي يوم الاثنين على أداءٍ إيجابي. حاليًا، تبدو الاحتمالات ضعيفة. و من المتوقع أن يعقد دونالد ترامب مؤتمرًا صحفيًا يوم الاثنين، حيث سيتحدث عن الرسوم الجمركية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إذا تخلل المؤتمر تصريحات إيجابية، قد يُسهم ذلك في تعافي السوق من خسائرها. على الرغم من ذلك، تبدو الاحتمالات ضعيفة لتحقيق هذا الانتعاش في الوقت الحالي.
كيف تتجه أسواق الأسهم الأمريكية؟
مع هذه المعطيات، يتبادر السؤال حول إلى أين ستتجه الأسواق الأمريكية؟ هذا السؤال يعتمد بشكل كبير على تطورات المفاوضات بين الولايات المتحدة و شركائها التجاريين. فإذا حدثت مفاوضات إيجابية بين الجانبين، قد يتوقف الانهيار الحالي للأسواق. ولكن إذا استمرت الضغوط التجارية، فقد يشهد السوق الأمريكي مزيدًا من التراجع. هذا يعني أن باول قد يضطر إلى تأجيل خفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإن الركود الاقتصادي الذي قد يلوح في الأفق قد يجبره على إعادة النظر في استراتيجيته.
أفق السوق الأمريكي في ضوء التوترات التجارية
من الواضح أن التوترات التجارية العالمية تُمثل أكبر عامل خطر يواجه السوق الأمريكي حاليًا. فالتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على عدد من الدول الكبرى قد تؤدي إلى حدوث أضرار طويلة الأمد. في الوقت ذاته، الركود الاقتصادي واحتمالات التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأمريكي قد يكون لهما دور كبير في تحديد مسار الأسواق خلال الأشهر المقبلة.
أسواق الأسهم الأمريكية في خطر
إلى جانب الضغوط السياسية، تبقى الأسواق الأمريكية تحت تهديد التراجع الكبير. في حال استمرت التوترات التجارية وعدم الاستقرار الاقتصادي، ستواجه الأسواق مزيدًا من التقلبات الحادة. لكن، إذا جرت مفاوضات تجارية ناجحة، قد تشهد الأسواق الأمريكية بعض الانتعاش. ولكن في النهاية، سيبقى تأثير الرسوم الجمركية و الركود المحتمل هو العامل الحاسم في تحديد اتجاهات السوق الأمريكي.