انخفاض حاد في أسواق الأسهم الأمريكية مع الحذر بشأن التضخم والحرب التجارية

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية انخفاضًا حادًا يوم الخميس بعد أن استوعب المستثمرون البيانات الخاصة بالتضخم التي جاءت أقل من المتوقع وسط مخاوف مستمرة بشأن تصعيد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة. هذا التراجع جاء بعد أن أثارت المخاوف من فرض رسوم جمركية جديدة شبح الركود الاقتصادي، مما جعل المستثمرين يتحفظون.

شهد مؤشر داو جونز الصناعي انخفاضًا بمقدار 855 نقطة، وهو ما يعادل 2.1%. في حين تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.4%، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2.7%. تلك التراجعات الحادة تشير إلى زيادة المخاوف من استمرار تأثيرات النزاع التجاري على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

بيانات التضخم في الولايات المتحدة: أضعف من المتوقع

في وقت سابق من يوم الخميس، أظهرت البيانات أن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 2.4% خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في مارس.

وهو ما كان أقل من التوقعات. فقد توقع الاقتصاديون ارتفاعًا بنسبة 2.5% على أساس سنوي. كما انخفض مؤشر أسعار المستهلك بشكل طفيف بنسبة 0.1% على أساس شهري، وهو ما يشير إلى تراجع الضغوط التضخمية.

في حين أن هذا الانخفاض في التضخم قد يُسهم في تقليل الحاجة لخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن هذه الأرقام تمثل الفترة التي سبقت تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. ولم تُظهر هذه البيانات تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات الصينية.

الحذر لا يزال سائدًا رغم تعليق الرسوم الجمركية على بعض الدول

على الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعليق مؤقت للرسوم الجمركية على العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين.

بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، استمر الحذر في الأسواق المالية. فقد جاءت هذه المكاسب الكبرى للأسواق بعد التصريحات التي تم الإعلان عنها يوم الأربعاء، إلا أن هذه التسهيلات لم تشمل الصين.

المخاوف من تبعات النزاع التجاري: تداعيات اقتصادية قد تؤدي إلى ركود عالمي

ترامب قرر رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 25%، بعد أن كانت قد فرضت سابقًا بنسبة 10%. هذا القرار زاد من حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

ما أثار القلق بشأن تأثيرات ذلك على النمو الاقتصادي العالمي. في المقابل، ردت الصين برفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من 34% إلى 84%، وهو ما يُعد خطوة تصعيدية في هذا النزاع.

وقالت وزارة التجارة الصينية إنها منفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة بشرط أن يتم ذلك على أساس الاحترام المتبادل والمساواة. ومع ذلك، فقد أضاف المتحدث باسم الوزارة أن الصين لن تقبل “الضغوط والتهديدات” في التعامل مع النزاع التجاري.

تُعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين من أكبر مصادر القلق في الأسواق المالية العالمية. فقد أبدى المستثمرون تخوفهم من أن هذا النزاع قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي، خاصة إذا استمر تصعيد التعريفات الجمركية بين البلدين. هذا القلق دفع الأسواق إلى التراجع بشكل ملحوظ.

حيث يخشى المستثمرون من أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى تقليص النمو العالمي.

كما أكد بنك جولدمان ساكس في توقعاته الجديدة أن الاقتصاد الصيني سيعاني من تبعات النزاع التجاري.

حيث خفض البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في السنوات القادمة. وأشار البنك إلى أنه يتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4% في عام 2025 و3.5% في عام 2026، مقارنةً بتوقعاته السابقة التي كانت 4.5% و4.0% على التوالي.

مشاكل الشركات الأمريكية في ظل الرسوم الجمركية

على صعيد الشركات، تأثرت العديد من الشركات الأمريكية بتداعيات الحرب التجارية. على سبيل المثال، انخفض سهم شركة كونستليشن براندز (المعروفة بصناعة بيرة كورونا) بنسبة 1% بعد أن أعلنت الشركة عن توقعات أرباح أقل من التوقعات للسنة المالية 2026. وأشارت الشركة إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها إدارة ترامب على الواردات الصينية قد تؤثر بشكل كبير على أعمالها في مجال صناعة المشروبات.

تأثير الحرب التجارية على أسواق النفط

في الوقت نفسه، تراجعت أسهم شركة كارماكس بنسبة 15% بعد أن أعلنت الشركة عن نتائج مالية ربع سنوية أقل من المتوقع. هذا

التراجع جاء نتيجة لهبوط الأرباح عن التوقعات.

مما دفع إلى بيع الأسهم التي شهدت نموًا بنسبة 11% خلال الأشهر الـ12 الماضية.

لم تقتصر تداعيات الحرب التجارية على أسواق الأسهم فقط، بل امتدت أيضًا إلى أسواق النفط. فقد انخفضت أسعار النفط بشكل حاد في ظل القلق المتزايد بشأن تأثيرات النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة على النمو العالمي.

كانت العقود الآجلة لخام برنت قد انخفضت بنسبة 4% لتصل إلى 62.87 دولارًا للبرميل.

في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 4.3% لتصل إلى 59.70 دولارًا للبرميل. هذا التراجع الحاد جاء بعد ارتفاع أسعار النفط بنسبة 4% يوم الأربعاء بعد الإعلان عن تعليق الرسوم الجمركية على معظم الدول.

تأثير الرسوم الجمركية على الصين وتأثيرها على الطلب على النفط

من المعروف أن الصين تعد أكبر مستورد للنفط الخام في العالم. وبالتالي، فإن أي تأثير لزيادة الرسوم الجمركية على الصين قد يُقلل من الطلب العالمي على النفط. وقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي، مما ينعكس سلبًا على أسعار النفط في المستقبل.

لا تزال الأسواق المالية تشهد تذبذبًا كبيرًا نتيجة تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. في حين أن بيانات التضخم في الولايات المتحدة قد تشير إلى تراجع الضغوط التضخمية.

إلا أن القلق بشأن تصعيد الرسوم الجمركية يظل هو العامل الرئيسي الذي يدفع المستثمرين إلى اتخاذ مواقف حذرة. ما زالت الأسواق تترقب نتائج المفاوضات بين البلدين، بينما يواصل المحللون مراقبة تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي.

وخاصة على أسواق النفط والنمو الاقتصادي في الصين.

المستقبل القريب لا يزال غير واضح، خاصة مع التصعيدات الجديدة في الرسوم الجمركية، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية العالمية.

مقالات ذات صلة