في جلسات تداول اليوم الأربعاء 9 أبريل 2025، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا كبيرًا أثار الكثير من التساؤلات في الأوساط الاقتصادية، حيث فقد مؤشر الدولار أكثر من 0.72% من قيمته، ليستقر عند مستوى 101.94 نقطة. ويأتي هذا التراجع بعد أيام قليلة من تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وذلك عقب فرض إدارة الرئيس الأمريكي الحالي تعريفات جمركية إضافية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين بنسبة 25%، بالإضافة إلى قيود تنظيمية جديدة على بعض قطاعات التكنولوجيا الحيوية. هذه التطورات أربكت المستثمرين العالميين، ودقت ناقوس الخطر بشأن استقرار العلاقات التجارية الدولية.
وصرّح أحد كبار المحللين في بنك “مورغان ستانلي” أن هذه السياسات تمثل تحولًا نحو “الحمائية الاقتصادية المفرطة”.
مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد الأمريكي نفسه، خاصة في ظل تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام. من الناحية الفنية، أظهر الدولار ضعفًا واضحًا أمام اليورو، الين الياباني، والجنيه الإسترليني، حيث ارتفع اليورو إلى 1.098 دولار، بينما صعد الين إلى 147.6 ين للدولار.
في إشارة إلى تبدّل شهية المستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الدولة من فجوة تمويلية، رغم الدعم الذي تلقته مؤخرًا من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، ضمن برنامج إصلاحي طويل الأجل يستهدف تعزيز القدرة التنافسية وتحسين مناخ الاستثمار.
كما صرّح أحد أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي في مقابلة صحفية صباح اليوم أن “السياسات النقدية القادمة ستكون حذرة للغاية”، ما فُسِّر بأنه احتمال لتثبيت أو حتى خفض الفائدة، وهو ما ضغط أكثر على الدولار. على الجانب الآخر، زادت تدفقات الاستثمار نحو الذهب، السندات الأمريكية طويلة الأجل.
وبعض عملات الأسواق الناشئة، ما يؤشر إلى بداية مرحلة من التحول في موازين القوى المالية على مستوى العالم.
الجنيه المصري يواجه ضغوطًا رغم تراجع الدولار الامريكي عالميًا
في مصر، لم يكن تراجع الدولار الأمريكي العالمي كافيًا لدفع الجنيه المصري نحو التحسن.
حيث واصل الدولار ارتفاعه المحلي وسجّل مستويات غير مسبوقة في البنوك وشركات الصرافة. تشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري إلى أن متوسط سعر صرف الدولار بلغ 51.26 جنيهًا للشراء و51.38 جنيهًا للبيع.
بينما حافظت بعض البنوك الخاصة، مثل المصرف المتحد والبنك التجاري الدولي، على مستويات مرتفعة نسبيًا وصلت إلى 51.74 جنيهًا.
تعود هذه الظاهرة إلى عدة عوامل متشابكة، على رأسها أزمة نقص العملة الأجنبية في السوق المحلي.
وتزايد الطلب على الدولار من قبل المستوردين، في ظل تباطؤ واردات السلع الأساسية وتأخر الإفراج الجمركي. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الدولة من فجوة تمويلية، رغم الدعم الذي تلقته مؤخرًا من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.
ضمن برنامج إصلاحي طويل الأجل يستهدف تعزيز القدرة التنافسية وتحسين مناخ الاستثمار.
إلا أن تنفيذ بنود هذا البرنامج لا يزال يواجه تحديات واقعية، منها تضخم يفوق 32% في بعض السلع.
وأعباء ديون خارجية تستنزف نسبة كبيرة من الموازنة العامة. في السياق ذاته، يواجه الاقتصاد المصري تحديات تتعلق بانخفاض إيرادات السياحة التي تأثرت بالأوضاع الإقليمية.
وتراجع تحويلات المصريين في الخارج بنسبة 14% مقارنة بالعام الماضي. هذه التطورات أربكت المستثمرين العالميين، ودقت ناقوس الخطر بشأن استقرار العلاقات التجارية الدولية.
وعلى صعيد السياسة النقدية، يترقب السوق المحلي تحركات جديدة من البنك المركزي.
قد تشمل زيادة أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم ودعم الجنيه، أو اللجوء لحلول أكثر مرونة مثل ربط الجنيه بسلة من العملات بدلاً من الدولار فقط.
وذلك لتقليل أثر التذبذب العالمي على العملة المحلية. الأكيد أن الجنيه يواجه اختبارات صعبة خلال الفترة القادمة في ظل بيئة دولية غير مستقرة.
الأسواق العالمية تعيد حساباتها وسط تراجع الثقة بالدولار الأمريكي
مع استمرار ضعف الدولار الأمريكي ، بدأت ملامح تحول مالي كبير تلوح في الأفق.
وسط تحركات واضحة من البنوك المركزية العالمية لتقليل اعتمادها على العملة الأمريكية كاحتياطي أساسي. في أوروبا، صرّح البنك المركزي الأوروبي اليوم بأن “تنويع الاحتياطات بات أولوية استراتيجية”.
مشيرًا إلى زيادة نسب الذهب واليوان الصيني في المحافظ المالية السيادية. كما أقدمت روسيا على توقيع اتفاق تجاري جديد مع الهند يعتمد بشكل جزئي على تسوية المدفوعات بالروبل والروبية بدلًا من الدولار.
وهو ما اعتبره محللون خطوة إضافية نحو تقليص نفوذ الدولار في التجارة العالمية.
في الوقت نفسه، تسارع البنوك الآسيوية، خصوصًا في الصين واليابان، إلى دعم عملاتها المحلية عبر ضخ سيولة في السوق ورفع أسعار الفائدة المحلية.
خوفًا من موجات تضخم قادمة نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة المقومة بالدولار. كما شهدت العملات الرقمية قفزة نوعية، إذ ارتفعت قيمة البيتكوين بنسبة 5.6% خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية.
مسجلة أكثر من 74,000 دولار، وسط زيادة الإقبال من المؤسسات الكبيرة التي ترى فيها بديلاً محتملاً للدولار.
أيضًا، ارتفعت تداولات العملات الرقمية المستقرة مثل USDT وUSDC بنسبة 11%، ما يعكس تحوّل السيولة إليها من الأسواق التقليدية. أما بالنسبة للمستثمرين الأفراد، فقد بدأت تظهر توجهات جديدة نحو تنويع محافظهم بين الذهب، السلع، العملات الرقمية، والأسهم غير الأمريكية.
تجنبًا لتأثير تقلبات الدولار. وقد حذر “صندوق النقد الدولي” في تقريره الفصلي من أن استمرار تآكل الثقة في الدولار قد يؤدي إلى فوضى نقدية عالمية ما لم يتم التوصل إلى آلية توازن بين العملات الرئيسية. من الواضح أن العالم يقف على أعتاب تغييرات كبيرة في النظام المالي الدولي.
والدولار لم يعد بمنأى عن المحاسبة أو التحديات المستقبلية.