تراجع الدولار الأمريكي بعد تصريحات ترامب الاقتصادية

شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا يوم الجمعة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن عن عزمه الضغط لخفض أسعار الفائدة. بينما ارتفع اليورو بعد بيانات اقتصادية أفضل من المتوقع، مما أدى إلى تعزيز عملة الاتحاد الأوروبي مقابل الدولار.

تراجع الدولار الأمريكي بعد تصريحات ترامب

في الساعة 04:35 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (09:35 بتوقيت جرينتش)، هبط مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات أخرى، بنسبة 0.6% ليصل إلى 107.205. هذا الانخفاض كان جزءًا من تراجع أوسع لهذا الأسبوع، حيث انخفض الدولار بأكثر من 1% منذ بداية الأسبوع.

الرئيس ترامب، في حديثه عبر الإنترنت خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، أشار إلى ضرورة خفض أسعار الفائدة بشكل فوري. وقال ترامب في خطابه: “سأطالب بخفض أسعار الفائدة على الفور”. وأضاف قائلاً: “يجب أن تنخفض أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم. يجب أن تتبعنا جميع الاقتصادات الكبرى”.

الردود والتحليلات على تصريحات ترامب

محللو ING أشاروا إلى أن تصريحات ترامب قد لا تؤدي إلى تأثير ملموس على الفور، خاصة مع اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة الأسبوع المقبل. وتوقع المحللون أن قرار تثبيت أسعار الفائدة لن يشكل دافعًا جديدًا لشراء الدولار.

الأسبوع الماضي، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا مع إعلانات متناقضة حول الرسوم الجمركية التي كان ترامب يخطط لفرضها بعد تنصيبه. ورغم تهديداته السابقة، يرى البعض أن هذه التصريحات قد تكون غير قابلة للتنفيذ إذا تم التوصل إلى تسويات تجارية.

اليورو يتفوق على الدولار الأمريكي بفضل البيانات الاقتصادية

البيانات الاقتصادية الصادرة من ألمانيا قدمت صورة إيجابية، حيث أظهرت ارتفاعًا في مؤشر مديري المشتريات الأولي لشهر يناير في قطاع الخدمات إلى 52.5 نقطة. هذا الرقم تجاوز التوقعات التي كانت عند 51.0 نقطة، وأعلى من القراءة السابقة البالغة 51.2 نقطة. كما أن مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يضم القطاعين الصناعي والخدمي، سجل 50.1 نقطة، ما يشير إلى الخروج من الانكماش. كانت التوقعات تشير إلى أن الرقم سيظل عند 48.2 نقطة، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في النشاط الاقتصادي.

هل ستتفوق الولايات المتحدة في الأداء الاقتصادي؟

الرئيس ترامب فاجأ الأسواق بتصريحات حول العلاقات مع الصين، حيث أعلن أنه لا يرغب في فرض رسوم جمركية على الصين في الوقت الراهن. ووفقًا لوكالة بلومبرج، أكد ترامب في مكالمته الهاتفية مع الرئيس الصيني شي جين بينج أنه لا يرى ضرورة في فرض الرسوم في المستقبل القريب. هذه التصريحات تثير تساؤلات حول تأثير سياسة ترامب التجارية على الدولار الأمريكي وأسواق العملات العالمية.

في السياق ذاته، تراجعت الأسواق الأمريكية مع غياب التحفيز الاقتصادي الإضافي، بينما سجلت الأسواق الأوروبية تحسنًا بسبب التصريحات المتعلقة بتقليص مخاطر الرسوم الجمركية. هذا التباين في الأداء يساهم في تشويش الصورة العامة للاقتصاد العالمي.

البيانات الأمريكية القادمة وتأثيراتها المحتملة

من المقرر أن تصدر الولايات المتحدة في وقت لاحق قراءاتها الأولية لمؤشر مديري المشتريات لشهر يناير. تشير التوقعات إلى أن قطاع الخدمات سيشهد تراجعًا طفيفًا إلى 56.5 نقطة، مقارنة بـ 56.8 نقطة في القراءة السابقة. ومن المتوقع أن يظل قطاع التصنيع في حالة انكماش عند 49.6 نقطة، رغم ارتفاعه من 49.4 نقطة في الشهر الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تظل القراءة النهائية لمؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان لشهر يناير ثابتة عند 73.2 نقطة، مع استمرار مكون توقعات التضخم عند 3.3% خلال السنوات الخمس المقبلة. هذه الأرقام قد تقدم إشارات جديدة حول صحة الاقتصاد الأمريكي ومدى تأثيرها على الدولار.

تحليل أسواق الأسهم وآفاق المستقبل

تبدو أسواق الأسهم في حالة من التباين، حيث تظهر الأسهم الصينية والأوروبية في منطقة إيجابية، بينما تظل الأسهم الأمريكية مستقرة. أسواق الأسهم تأثرت بالتقليل من المخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية التي كان ترامب يهدد بفرضها، ما يعزز التفاؤل بين المستثمرين.

في حين تبقى الأسواق الأمريكية بطيئة، تشير التوقعات إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتخذ قرارات حاسمة بشأن أسعار الفائدة في اجتماع مايو/أيار، مع احتمالات بنسبة 52.2% بعدم تغيير أسعار الفائدة حتى ذلك الوقت. هذا يعكس حالة من عدم اليقين في السياسة النقدية الأمريكية بسبب التحديات الاقتصادية الداخلية والخارجية.

تحليل فني لمؤشر الدولار الأمريكي

من الناحية الفنية، يتعرض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) لعدد من الضغوط، مما يجعله يتجه نحو الانخفاض. بعد تصريحات ترامب حول الرسوم الجمركية، بدأت الأسواق في تقليص المخاطر المتوقعة، مما أثر على الدولار الأمريكي. ومع ذلك، تظل المخاطر قائمة في حال اتخاذ إجراءات مفاجئة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الدولار.

لتحقيق تعافٍ ملموس، يجب أن يستعيد مؤشر الدولار الأمريكي مستوى 108.00 نقطة. في حال تمكن من الوصول إلى هذا المستوى، فإن 109.29 نقطة ستكون نقطة التحول التالية لتقليص الخسائر. ومن الناحية السلبية، يمكن لمؤشر القوة النسبية (RSI) أن يظهر مزيدًا من الانخفاض في حال تجاوز الدولار مستوى 107.50.

التأثيرات المحتملة على السياسة النقدية وأسعار الفائدة

يعتبر سعر الفائدة أداة أساسية تتحكم في التضخم والنشاط الاقتصادي. عندما يواجه الاقتصاد التضخم المرتفع، يلجأ البنك المركزي عادة إلى رفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى تقليص الطلب على القروض. على العكس من ذلك، عندما ينخفض التضخم، يمكن للبنك المركزي خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي.

تشير التوقعات إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتخذ قرارًا بخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وهو ما قد يدعم الأسواق في المدى القصير. ومع ذلك، يظل هذا التوقع متأثرًا بعدد من العوامل، أبرزها استجابة الاقتصاد الأمريكي لضغوط التضخم وتطورات سوق العمل.

من يحدد السياسة النقدية؟

تتسم البنوك المركزية باستقلال سياسي، حيث يتمتع أعضاء مجالس السياسات بسلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بأسعار الفائدة. في كل اجتماع، يتعين على الأعضاء التوصل إلى توافق بشأن السياسة النقدية، حيث يسعى بعض الأعضاء إلى سياسة نقدية أكثر تساهلاً مع أسعار فائدة منخفضة لتعزيز الاقتصاد، بينما يفضل آخرون سياسة نقدية أكثر تشددًا لضبط التضخم.

الرئيس أو الحاكم هو الذي يتولى قيادة البنك المركزي، وتوجيه الاجتماع الأخير للسياسات النقدية. كما يقوم الرئيس بتمثيل البنك المركزي من خلال الخطابات العامة وبيانات السياسة التي تُنقل إلى الأسواق والمستثمرين.

التوقعات الخاصة بالدولار الأمريكي متقلبة

في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، يواجه الدولار الأمريكي تحديات كبيرة بسبب التوترات التجارية وتغيرات في السياسة النقدية. رغم التحسن في بعض البيانات الاقتصادية الأوروبية، لا تزال التوقعات الخاصة بالدولار الأمريكي متقلبة. في حال قرر ترامب الضغط على الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، قد يشهد الدولار مزيدًا من الضعف، خاصة إذا استمرت الضغوط الاقتصادية. تبقى الأسواق في انتظار نتائج اجتماعات السياسة النقدية القادمة، التي قد تحدد الاتجاه المستقبلي للعملات وأسواق المال.

مقالات ذات صلة