تراجعت قيمة الدولار الأميركي بعد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو ما جاء مخالفًا لتوقعات العديد من الخبراء الذين كانوا يتوقعون خفضًا أقل، بنسبة 25 نقطة أساس. حيث كانت الأسواق تتوقع بالفعل ميل البنك المركزي نحو التيسير النقدي، لكن الخفض الكبير الذي تم الإعلان عنه كان مفاجئًا للكثيرين. جاء هذا التراجع في الدولار بالتزامن مع توقعات أسواق المال التي تشير إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حيث تتوقع خفضًا إضافيًا قدره 70 نقطة أساس في العام 2024 و191 نقطة أساس بحلول سبتمبر 2025. في خضم هذا التراجع، انخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.30% ليصل إلى 100.57. وقد سجل الدولار أدنى مستوى له في أكثر من عام عندما انزلق إلى 100.21 في الجلسة السابقة. يعكس هذا التراجع قلق الأسواق بشأن التوقعات الاقتصادية والمخاوف من تأثير التيسير النقدي على قوة الدولار. على الرغم من تراجع الدولار، شهدت عملات أخرى مثل الدولارين الأسترالي والنيوزيلندي دعمًا ملحوظًا. ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 1.05% ليصل إلى 0.6834 دولار، في حين زاد الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.89% ليصل إلى 0.6263 دولار، بعد أن أظهرت بيانات محلية إيجابية عن الاقتصاد. كما شهد الدولار الأميركي ارتفاعًا بنسبة 0.54% أمام الين الياباني، مما يدل على تباين ردود الأفعال بين مختلف العملات.أما بالنسبة لليورو، فقد سجل زيادة بنسبة 0.46% ليصل إلى 1.1169 دولار، رغم أنه ظل دون أعلى مستوى له خلال ثلاثة أسابيع الذي تم تسجيله في الجلسة السابقة. كما ارتفعت الكرونة النرويجية في تعاملات لندن، بعد أن أبقى البنك المركزي في النرويج على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه أشار إلى خطط لخفضها في عام 2025، مما أدى إلى زيادة قيمتها بنسبة 0.64% لتصل إلى 10.4550 مقابل الدولار.
تأثير خفض الفائدة على التضخم في الولايات المتحدة
خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستويات التضخم في الولايات المتحدة. عندما يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة، فإن ذلك يجعل الاقتراض أقل تكلفة، مما يشجع الأفراد والشركات على زيادة الإنفاق والاستثمار. هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما يعزز النشاط الاقتصادي. عندما يرتفع الطلب، قد تبدأ الشركات في رفع أسعار منتجاتها لتلبية الطلب المتزايد، مما يؤدي إلى ضغط تضخمي. بعبارة أخرى، كلما زاد الإنفاق، زادت احتمالية زيادة الأسعار. لذا، فإن خفض أسعار الفائدة يمكن أن يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، ولكنه قد يخلق أيضًا مخاطر تضخمية إذا تجاوز الطلب العرض. من جهة أخرى، إذا استمرت أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز التوقعات التضخمية. إذا شعر المستهلكون أن الأسعار ستستمر في الارتفاع، فقد يسرعون من إنفاقهم، مما يعزز الطلب ويزيد من التضخم. لذلك، يدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في معادلة معقدة، حيث يجب عليه تحقيق التوازن بين تحفيز النمو الاقتصادي وكبح التضخم. ومع ذلك، لا تكون التأثيرات على التضخم دائمًا واضحة. في بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي السياسات النقدية التوسعية إلى زيادة الإنتاجية وتحفيز الابتكار، مما يساعد على كبح التضخم على المدى الطويل. إذا استطاعت الشركات زيادة إنتاجيتها، فقد تتمكن من تلبية الطلب المتزايد دون الحاجة إلى رفع الأسعار بشكل كبير. علاوة على ذلك، يمكن أن تلعب العوامل الخارجية دورًا في تأثير خفض الفائدة على التضخم. على سبيل المثال، إذا كان هناك تباطؤ اقتصادي عالمي، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل الطلب على الصادرات الأميركية، مما يمكن أن يحد من الضغوط التضخمية المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تتأثر أسعار السلع الأساسية مثل النفط والقمح بعوامل خارجية، وقد تؤثر تقلباتها على مستويات التضخم في الولايات المتحدة.
العلاقة بين أداء الدولار وأسعار السلع الأساسية
تُعد العلاقة بين أداء الدولار الأمريكي وأسعار السلع الأساسية من الموضوعات المهمة في الاقتصاد، حيث تتأثر أسعار السلع الأساسية بشكل كبير بتغيرات قيمة الدولار. عندما يرتفع الدولار، تصبح السلع الأساسية أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب وبالتالي انخفاض الأسعار. على العكس، عندما ينخفض الدولار، تصبح السلع الأساسية أرخص بالنسبة للمشترين الدوليين، مما يعزز الطلب ويرفع الأسعار. تعتبر السلع الأساسية مثل النفط، والذهب، والقمح، وغيرها من المؤشرات الحيوية في الاقتصاد العالمي. تستند تسعير هذه السلع عادة إلى الدولار، لذا فإن أي تغيير في قيمة الدولار يؤثر بشكل مباشر على تكاليفها. على سبيل المثال، عندما قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، غالبًا ما ينخفض الدولار نتيجة لتوقعات المستثمرين بأن السياسة النقدية ستؤدي إلى زيادة في التضخم. هذا الانخفاض في قيمة الدولار يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، حيث يُنظر إلى تلك السلع كتحوط ضد التضخم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتأثر أسعار السلع الأساسية بعوامل أخرى مثل التغيرات في العرض والطلب، والأزمات الجيوسياسية، والكوارث الطبيعية. ومع ذلك، تظل العلاقة بين الدولار وأسعار السلع أساسية. على سبيل المثال، إذا ارتفعت أسعار النفط نتيجة لتوترات سياسية في منطقة الشرق الأوسط، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة أسعار البنزين والسلع الأخرى في الولايات المتحدة، لكن هذا التأثير يمكن أن يتعزز أو يُقابل بتغيرات في قيمة الدولار.
أيضًا، تؤثر توقعات السوق حول الاقتصاد الأمريكي على أداء الدولار. إذا كان هناك تفاؤل بشأن النمو الاقتصادي، فقد يرتفع الدولار، مما قد يضغط على أسعار السلع الأساسية. Conversely، إذا كانت هناك مخاوف بشأن الركود، فقد ينخفض الدولار، مما يعزز أسعار السلع. لذلك، فإن أداء الدولار يُعتبر مقياسًا مهمًا لمراقبة التغيرات في أسعار السلع الأساسية.