الدولار الأمريكي يتراجع يوم الجمعة، لكن بقي على المسار الصحيح لتحقيق أداء أسبوعي قوي. يعزى هذا الأداء إلى التوقعات بأن الاقتصاد الأمريكي سيواصل التفوق، مما يعني تخفيضات أقل في أسعار الفائدة الفيدرالية خلال العام الجاري. تشير هذه الديناميكيات إلى استمرار قوة الدولار في السوق العالمية، على الرغم من تقلباته اللحظية.
تحليل أداء الدولار الأمريكي
في الساعة 04:20 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، تم تداول مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة العملة الأمريكية مقارنةً بست عملات رئيسية أخرى.
بانخفاض بنسبة 0.3% ليصل إلى 108.900. وقد كان قد وصل إلى أعلى مستوى له في أكثر من عامين خلال الجلسة السابقة.
ولكن هذا التراجع لم يمنعه من الاستمرار في تسجيل مكاسب أسبوعية. من المتوقع أن يكون هذا الأداء هو الأفضل للدولار منذ أكثر من شهر.
وتُعتبر المكاسب الأسبوعية لهذه العملة بمثابة إشارة على استمرار التشدد في السياسة النقدية الفيدرالية، ومرونة الاقتصاد الأمريكي. كانت بيانات النشاط الصناعي لشهر ديسمبر في الولايات المتحدة أقوى من المتوقع، مما أعطى زخماً إضافياً للدولار.
مما يبرز الفارق بين الاقتصاد الأمريكي وبعض الاقتصادات الأخرى.
مؤشر النشاط الصناعي الأمريكي
أظهرت بيانات النشاط الصناعي في الولايات المتحدة لشهر ديسمبر، الصادرة عن موقع S&P Global، نتائج إيجابية، وهو ما مهد الطريق لمزيد من التفاؤل بشأن الاقتصاد الأمريكي. ورغم انخفاض المؤشر الصناعي إلى 48.2 الشهر الماضي.
إلا أن هذا الرقم لا يزال أعلى من المستوى الذي يشير إلى تراجع كبير في النشاط الاقتصادي. كما أن تراجع النشاط الصناعي إلى أقل من 50 نقطة يعد علامة على تباطؤ النشاط، إلا أن القراءة لا تزال تعتبر بمثابة توسيع اقتصادي.
وبالرغم من التباطؤ الصناعي، إلا أن الأسواق تراقب عن كثب التقرير القادم عن الوظائف الشهرية والذي من المتوقع أن يقدم إشارات قوية بشأن التوقعات المستقبلية للسياسة النقدية الأمريكية. التوقعات تشير إلى عدم تغير كبير في سياسة الاحتياطي الفيدرالي خلال يناير.
إلا أن المفاجآت في البيانات قد تعيد تشكيل الحسابات النقدية.
توقعات الفائدة وارتفاع الدولار
يُتوقع من الأسواق أن تسجل ثباتًا في أسعار الفائدة في يناير.
ولكن هناك تكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي على سياسة فائدة مرتفعة لفترة أطول من المتوقع. المحللون في ING يشيرون إلى أن الأسواق قد تتوقع في الوقت الحالي أن لا يتغير شيء في السياسة النقدية حتى الشهر المقبل.
وهو ما سيعزز من قوة الدولار بشكل مستمر. ومن المتوقع أن تكون البيانات الاقتصادية المقبلة، بما في ذلك تقرير الوظائف غير الزراعية، عاملًا مهمًا في رسم ملامح التوقعات المستقبلية.
اليورو يتراجع رغم ارتداده المؤقت
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، شهد اليورو EUR/USD ارتفاعًا بنسبة 0.2% ليصل إلى 1.0282 بعد تراجع كبير بنسبة 1% في الجلسة السابقة. ورغم هذا الارتداد، كان اليورو لا يزال يتجه نحو انخفاض أسبوعي كبير بنسبة 1.5%، وهو أسوأ أداء أسبوعي له منذ نوفمبر. ويدعم هذا التراجع تراجع النشاط الصناعي في منطقة اليورو.
حيث أظهرت البيانات الأخيرة أن النشاط في قطاع التصنيع انخفض بوتيرة أسرع في نهاية العام 2024.
يشير العديد من المتداولين إلى أن المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي متوقعة في عام 2025، مما يضغط على اليورو. وفي هذا السياق، يراهن المستثمرون على أن السياسات التيسيرية ستظل سائدة في منطقة اليورو.
مما يعزز من حوافز السوق للبحث عن عوائد أفضل خارج منطقة العملة الموحدة.
أداء الجنيه الإسترليني والعملات الأوروبية
سجل الجنيه الإسترليني (GBP/USD) ارتفاعًا بنسبة 0.2% ليصل إلى 1.2406 بعد أن شهد تراجعًا تجاوز 1% في الجلسة السابقة. على الرغم من هذا الارتفاع، فإن الجنيه الإسترليني يتجه نحو خسارة بنحو 1.4% خلال الأسبوع الجاري. يرجع هذا التراجع إلى استمرار الضغوط على الاقتصاد البريطاني وسط ارتفاع أسعار المستهلكين الذي فاق التوقعات في الفترة الماضية.
فيما يخص البنك المركزي البريطاني، فقد قرر الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي بعد أن أظهرت البيانات الاقتصادية ارتفاعًا كبيرًا في مستويات التضخم. ينتظر المتداولون في الأسواق أن تشهد أسعار الفائدة في المملكة المتحدة تخفيضات ملحوظة.
اليوان الصيني: انخفاض بعد قرار خفض الفائدة
على الصعيد الآسيوي، سجل اليوان الصيني (USD/CNY) ارتفاعًا بنسبة 0.7% ليصل إلى 7.3523، وهو ما يمثل أعلى مستوى له منذ سبتمبر 2023. هذا الارتفاع جاء بعد تقارير تفيد بأن بنك الشعب الصيني سيقوم بتخفيض أسعار الفائدة في عام 2025، في إطار محاولة لتعزيز الاقتصاد الصيني. تشير التقارير إلى أن البنك المركزي الصيني يدرس سياسات نقدية أكثر تقليدية في المستقبل القريب.
بعد أن فشلت العديد من الإجراءات السابقة في تحفيز الاقتصاد كما كان متوقعًا.
على الرغم من هذا الارتفاع، فإن اليوان يبقى تحت ضغوط كبيرة بسبب تراجع النمو الاقتصادي في الصين.
وهو ما يعكس حالة من عدم اليقين في الاقتصاد الصيني الذي يواجه العديد من التحديات.
أداء الين الياباني
أما الين الياباني (USD/JPY)، فقد تراجع بنسبة 0.2% ليصل إلى 157.18، بعد أن سجل أعلى مستوى له في أكثر من خمسة أشهر في أواخر ديسمبر. استمر الين في مواجهة ضغوط على الرغم من التوقعات الحذرة لبنك اليابان في عام 2025. يرى المحللون أن التوقعات المستقبلية للين مرتبطة بشكل كبير بالسياسات النقدية التي سيواصل بنك اليابان اتباعها، حيث يتوقع المتداولون أن يبقى الين تحت ضغوط.
خاصة في ظل السياسة النقدية الفائقة التيسير التي يتبعها البنك المركزي الياباني.
التوجهات المستقبلية للعملات العالمية
شهدت أسواق العملات العالمية تقلبات كبيرة في الفترة الأخيرة. تراجع الدولار الأمريكي بعض الشيء يوم الجمعة، لكنه لا يزال في طريقه لتحقيق مكاسب أسبوعية قوية. الأداء المستقبلي للعملات العالمية يعتمد بشكل كبير على القرارات الاقتصادية الرئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. يتوقع العديد من المحللين أن يستمر الدولار في التفوق على العديد من العملات الأخرى.
خصوصًا إذا استمر الاحتياطي الفيدرالي في اتباع سياسة نقدية متشددة في 2024. بينما يظل اليورو والجنيه الإسترليني تحت ضغوط بسبب تداعيات السياسات النقدية للبنوك المركزية.
من جهة أخرى، يشير اليوان الصيني والين الياباني إلى التحديات التي تواجه اقتصاداتهم، مما يعزز من فرص القوة النسبيّة للدولار.