شهدت العقود الآجلة لسوق الأسهم الأمريكية انخفاضًا ملحوظًا ، في ظل ترقب المستثمرين لاجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع وتزايد المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثير السياسات التجارية المتغيرة. تراجع مؤشر داو جونز، الذي يضم 30 سهمًا، بنحو 87 نقطة بنسبة 0.21%، بينما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.22% ومؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.27%.
جاء هذا التراجع بعد أن سجل مؤشر داو جونز أسوأ أداء أسبوعي له منذ عام 2023، حيث هبطت الأسهم الأمريكية إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر نتيجة المخاوف المتزايدة من تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد. في الأسبوع الماضي، تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 2.3%، بينما انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 3%، أي أكثر من 1300 نقطة، وانخفض مؤشر ناسداك المركب، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، بنحو 2.4%.
تسارع تراجع الأسهم خلال الأيام الأخيرة مع دخول مؤشر S&P 500 دائرة التصحيح، حيث أغلق منخفضًا أكثر من 10% عن أعلى مستوى له في 19 فبراير. ورغم أن الأسهم الأمريكية أنهت الأسبوع بشكل إيجابي مع انتعاش حاد لمؤشر S&P 500 يوم الجمعة، إلا أن التراجع قد محا أكثر من 4 تريليونات دولار من القيمة السوقية، مما أثر بشكل كبير على بعض من أكبر شركات وول ستريت مثل إنفيديا وتسلا.
تتزايد المخاوف في وول ستريت مع تصاعد القلق بشأن تأثير الرسوم الجمركية وتباطؤ النمو الاقتصادي، وهو ما دفع المستثمرين إلى حالة من التذبذب الحاد. يتوقع المستثمرون على نطاق واسع أن يبقي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة في الاجتماع المقبل.
إلا أن هناك توقعات بخفض الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.
مع بحث المستثمرين عن إشارات قد تدل على استعداد الفيدرالي للتحرك إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل أكبر.
تأثير المخاوف الاقتصادية على أسواق الأسهم
تُعد المخاوف الاقتصادية من العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل كبير على أسواق الأسهم حول العالم. عندما تتصاعد المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي، ارتفاع معدلات البطالة، أو تأثير السياسات التجارية، يشعر المستثمرون بعدم اليقين.
مما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات بيع أو تجنب الاستثمار، وهو ما يؤدي إلى تراجع في الأسواق المالية.
تؤدي المخاوف الاقتصادية إلى زيادة تقلبات الأسواق المالية.
حيث يتجه المستثمرون نحو الأصول الأكثر أمانًا مثل السندات الحكومية أو الذهب، مما يضع ضغوطًا هبوطية على الأسهم. عندما يشهد الاقتصاد تباطؤًا أو توجد مخاوف من ركود اقتصادي، تقل ثقة المستثمرين في قدرة الشركات على تحقيق أرباح مستقبلية، مما يدفع إلى انخفاض أسعار الأسهم.
تنعكس المخاوف الاقتصادية بشكل كبير على القطاعات الحساسة للظروف الاقتصادية.
مثل الصناعات الثقيلة، الطاقة، والسياحة، حيث تؤدي المخاوف إلى خفض الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي تراجع أرباح الشركات في هذه القطاعات. كما أن الشركات التكنولوجية.
التي تعتمد على الابتكار والنمو السريع، قد تواجه تراجعًا في قيمتها إذا شعر المستثمرون بتهديدات اقتصادية طويلة الأمد.
تلعب السياسة النقدية دورًا حاسمًا في التخفيف من تأثير المخاوف الاقتصادية على الأسواق. عندما يشعر المستثمرون بالقلق من تباطؤ النمو، قد يلجأ البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد، مما يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والأسواق المالية. ومع ذلك، فإن التوقعات بتشديد السياسة النقدية أو رفع أسعار الفائدة تعزز من المخاوف الاقتصادية، مما يؤدي إلى تراجع الأسواق.
التجارة الدولية والسياسات التجارية تعد من العوامل الاقتصادية الرئيسية التي تؤثر على الأسواق. في حال اتخاذ قرارات تجارية غير محسوبة، مثل فرض رسوم جمركية مرتفعة أو الانسحاب من اتفاقيات تجارية.
يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية، حيث تخشى الشركات من تراجع الصادرات وتقلبات الأسعار.
تأثير التوترات التجارية على الأسواق المالية
تلعب التوترات التجارية دورًا محوريًا في التأثير على الأسواق المالية.
حيث تخلق حالة من عدم اليقين تؤثر سلبًا على معنويات المستثمرين وتدفع الأسواق إلى التقلب بشكل كبير. مع تصاعد النزاعات التجارية بين الدول الكبرى، يواجه المستثمرون تحديات كبيرة في تقدير المخاطر واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة. الأسواق المالية تتفاعل بشكل حاد مع أي تطورات تجارية، سواء كانت تهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة أو تصعيد في السياسات التجارية بين الدول.
تؤثر التوترات التجارية بشكل مباشر على الأسهم والعملات والسندات، حيث يسعى المستثمرون إلى التحوط ضد المخاطر المحتملة. عادةً ما يؤدي تصاعد التوترات إلى هروب رؤوس الأموال من الأصول عالية المخاطر.
مما يدفع المستثمرين نحو الأصول الأكثر أمانًا مثل الدولار الأمريكي والين الياباني والسندات الحكومية. هذا التحول في الاستثمارات يؤدي إلى انخفاض مؤشرات الأسهم وتراجع العملات المرتبطة بالاقتصادات المتضررة من النزاعات التجارية.
تتأثر القطاعات الاقتصادية بشكل متفاوت جراء التوترات التجارية.
حيث تتضرر القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية مثل الصناعة والتكنولوجيا والسيارات. الشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية تواجه تكاليف أعلى واضطرابات في الإنتاج.
مما ينعكس سلبًا على أرباحها وأداء أسهمها في الأسواق المالية. في المقابل، قد تستفيد بعض القطاعات من النزاعات التجارية.
خاصة تلك التي تقدم بدائل محلية أو تعتمد على الطلب المحلي بدلاً من التصدير.
تؤدي التوترات التجارية أيضًا إلى تأثيرات سلبية على سوق العملات. تتعرض العملات المرتبطة بالاقتصادات المتضررة لضغوط هبوطية، بينما تكتسب العملات الملاذ الآمن زخمًا. على سبيل المثال، يشهد الدولار الأمريكي والين الياباني ارتفاعًا خلال فترات التصعيد التجاري.
حيث يلجأ المستثمرون إلى الأصول الأكثر أمانًا لحماية استثماراتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تتأثر أسواق السندات بشكل كبير جراء النزاعات التجارية. في الأوقات التي ترتفع فيها المخاوف الاقتصادية، يتجه المستثمرون إلى شراء السندات الحكومية، مما يؤدي إلى انخفاض عوائد السندات.