تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوى له في شهرين يوم الاثنين، مع استمراره في تسجيل الخسائر لليوم الثاني على التوالي مقابل الدولار الأمريكي. جاء هذا التراجع نتيجة المخاوف المتعلقة بفروق أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة، مما أدى إلى تأثير سلبي على العملة اليابانية. فبسبب ضعف التوقعات بشأن زيادة ثالثة في أسعار الفائدة اليابانية هذا العام، وانخفاض احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بشكل كبير في المستقبل القريب، واجه الين ضغوطاً متزايدة في الأسواق المالية.
كانت التعليقات الأخيرة من قبل المسؤولين اليابانيين أقل عدوانية مما كان متوقعاً.
وهو ما أدى إلى تضاؤل التوقعات بشأن أي تحرك إضافي لرفع أسعار الفائدة في اليابان. وفي الوقت نفسه، تلاشت احتمالات قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بوتيرة عدوانية في نوفمبر المقبل.
وهو ما ساهم في استمرار الضغط على الين مقابل الدولار.
في الأسواق، ارتفع الدولار مقابل الين الياباني بنسبة 0.25% إلى مستوى 149.39 ين، مقارنة بسعر افتتاح التعاملات عند 149.02 ين. وقد سجل أدنى مستوى له خلال اليوم عند 149.00 ين، مما يبرز استمرار الاتجاه الضعيف للين الياباني في ظل الظروف الحالية. يوم الجمعة الماضي، تراجع الين الياباني بنسبة 0.35% مقابل الدولار، ليستأنف بذلك خسائره التي توقفت مؤقتاً في اليوم السابق.
بعد أن تعافى من أدنى مستوى له في شهرين عند 149.54 ين.
ومع استمرار التراجع، يبدو أن العملة اليابانية تواجه صعوبات كبيرة في الحفاظ على قيمتها مقابل الدولار في ظل الفروق المستمرة في عائدات السندات بين البلدين. خلال الأسبوع الفائت، فقد الين نسبة 0.3% مقابل الدولار الأمريكي، وهي ثاني خسارة أسبوعية على التوالي. ويعود هذا التراجع بشكل رئيسي إلى الارتفاع الكبير في العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات.
والذي جذب المستثمرين بعيداً عن الأصول اليابانية الأقل ربحية.
توقعات فروق أسعار الفائدة وتأثيرها على الين
تراجع الين الياباني في الأسواق العالمية مؤخرًا ليقترب من أدنى مستوياته في شهرين.
مدفوعًا بالتغيرات في التوقعات المتعلقة بفروق أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة. جاء هذا التراجع على خلفية تعليقات رئيس الوزراء الياباني الجديد “شيجيرو إيشيبا” وبعض مسؤولي بنك اليابان التي كانت أقل عدوانية مما كان يتوقعه المستثمرون.
هذه التصريحات أثرت على احتمالات رفع أسعار الفائدة اليابانية في اجتماع السياسة النقدية المقرر عقده في 31 أكتوبر.
كما قللت من التوقعات بشأن زيادة ثالثة في أسعار الفائدة اليابانية في اجتماع ديسمبر المقبل. مع تلاشي احتمالات رفع أسعار الفائدة اليابانية، يواجه الين ضغوطًا إضافية نتيجة لاستقرار التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لن يخفض أسعار الفائدة بوتيرة كبيرة خلال اجتماعاته المتبقية هذا العام. وفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة “CME”، تسعير احتمالات خفض الفائدة الأمريكية بنحو 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر حاليًا عند 87%.
بينما تسعير الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير يقف عند 13%.
مع هذه التوقعات، أصبح من المرجح أن يظل الدولار الأمريكي قويًا مقابل الين الياباني في الفترة المقبلة. من ناحية أخرى، يترقب المستثمرون تعليقات محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي “كريستوفر والر”، الذي يعبر عن دعم قوي لخفض أكبر في أسعار الفائدة الأمريكية.
خاصة في ظل مخاوفه من أن وتيرة ارتفاع الأسعار أقل من الهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي.
هذه التصريحات قد تلعب دورًا في تحديد اتجاه السوق في الأسابيع المقبلة، إلا أن البيانات الاقتصادية القوية القادمة من الولايات المتحدة، خاصة تلك المتعلقة بسوق العمل، قد تقيد من أي تحرك كبير نحو تخفيف السياسة النقدية. تستقر فروق أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة حاليًا عند 475 نقطة أساس، وهو أقل مستوى منذ فبراير 2023. وتوقع المستثمرون في السابق أن تتقلص هذه الفروق إلى 450 نقطة أساس إذا قام بنك اليابان برفع أسعار الفائدة لمرة ثالثة هذا العام.
تأثير الين علي سياسة البنك الياباني
الين الياباني يلعب دورًا حاسمًا في تحديد السياسات النقدية التي يعتمدها بنك اليابان.
خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه البلاد. يعكس سعر صرف الين صحة الاقتصاد الياباني ويؤثر بشكل مباشر على قرارات البنك المركزي المتعلقة بأسعار الفائدة والإجراءات التحفيزية. في السنوات الأخيرة، واجه الاقتصاد الياباني ضغوطًا متعددة بسبب ضعف النمو الاقتصادي وتراجع التضخم.
وهو ما دفع بنك اليابان إلى تبني سياسات نقدية تيسيرية لتحفيز الاقتصاد.
ومع ذلك، فإن سعر صرف الين الياباني ظل تحت تأثير العديد من العوامل الخارجية.
لا سيما فروق أسعار الفائدة بين اليابان والاقتصادات الكبرى الأخرى مثل الولايات المتحدة. عندما يكون الين ضعيفًا، يتم تعزيز صادرات اليابان نظرًا لأن المنتجات اليابانية تصبح أقل تكلفة في الأسواق العالمية.
مما يدعم الشركات اليابانية ويرفع من تنافسية الاقتصاد.
لكن على الجانب الآخر، يؤدي ضعف الين إلى ارتفاع تكاليف الواردات.
وخاصة الطاقة والمواد الخام، مما يؤثر على الشركات ويزيد من معدلات التضخم المحلية. لهذا السبب، يواجه بنك اليابان تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وتجنب الضغوط التضخمية. في الآونة الأخيرة، ومع تولي “شيجيرو إيشيبا” رئاسة الوزراء، أصبحت السياسة النقدية للبنك المركزي أكثر تحفظًا.
حيث تراجعت التوقعات المتعلقة برفع أسعار الفائدة اليابانية.
هذا التوجه يعكس قلق السلطات من تأثير أي زيادة في أسعار الفائدة على الاقتصاد المحلي الهش، خاصة في ظل استمرار تباطؤ النمو العالمي. وعلى الرغم من أن الأسواق كانت تأمل في رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتزايد.
إلا أن تصريحات رئيس الوزراء وبعض مسؤولي البنك الياباني خفضت من هذه التوقعات. بنك اليابان يعتمد بشكل كبير على مراقبة تحركات الين في الأسواق العالمية لتحديد مساره النقدي.
إذا استمر الين في التراجع بشكل حاد مقابل العملات الرئيسية مثل الدولار الأمريكي.
قد يجد البنك نفسه مضطرًا للتدخل لدعم العملة ومنع حدوث تضخم مفرط.