المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية دوره وأعضاؤه

المجمع الانتخابي هو أحد الأركان الأساسية في النظام السياسي للولايات المتحدة الأمريكية، وقد يتسبب في كثير من الأحيان في جدل كبير حول دورها وتأثيرها على نتائج الانتخابات الرئاسية. يعتبر المجمع الانتخابي آلية فريدة من نوعها تعكس التوازن بين نظام الانتخابات الشعبي والفيدرالي، ويعكس مدى تعقيد وتفرد النظام السياسي الأمريكي.

تعريف المجمع الانتخابي :المجمع الانتخابي هو هيئة تتألف من مجموعة من المندوبين الذين يتم انتخابهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس للولايات المتحدة. يُعد هذا النظام من الجوانب المميزة في الانتخابات الأمريكية، حيث يُستخدم لانتخاب الرئيس بدلاً من النظام المباشر، الذي يعتمد فقط على تصويت الشعب.

كيفية تشكيل المجمع الانتخابي :يتكون المجمع الانتخابي من 538 مندوبًا. وتوزع المقاعد بين الولايات بناءً على عدد أعضاء الكونغرس في كل ولاية، والذي يتكون من اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ ومجموعة من أعضاء مجلس النواب تتناسب مع عدد سكان الولاية. على سبيل المثال، تمتلك ولاية كاليفورنيا أكبر عدد من المندوبين نظرًا لعدد سكانها الكبير، بينما تمتلك ولايات مثل وايومنغ وألاسكا عددًا أقل من المندوبين بسبب عدد سكانها الأقل.

تُجري كل ولاية انتخاباتها الخاصة لاختيار المندوبين، وغالبًا ما يكون هؤلاء المندوبون أعضاءً في الحزب السياسي الذي يفوز في الانتخابات الرئاسية. يتم التصويت عادةً في يوم الانتخابات العامة، الذي يُعقد في أول ثلاثاء بعد أول اثنين من نوفمبر كل أربع سنوات.

عملية التصويت في المجمع الانتخابي :بعد انتخاب المندوبين، يجتمع المجمع الانتخابي في ديسمبر من نفس العام في عواصم الولايات لتقديم تصويتهم الرسمي. في هذه المرحلة، يقوم كل مندوب بإدلاء صوته للرئيس ونائب الرئيس بناءً على نتيجة الانتخابات الشعبية في ولايته. على الرغم من أن المندوبين ملزمون عمومًا بالتصويت وفقًا لتوجيهات ناخبيهم، إلا أن هناك حالات نادرة يحدث فيها انحراف عن التصويت الذي اختاره الناخبون.

يُرسل تصويت المجمع الانتخابي إلى الكونغرس، الذي يجتمع في جلسة مشتركة في يناير ليعلن النتائج الرسمية. يتطلب انتخاب الرئيس ونائب الرئيس الحصول على أغلبية 270 صوتًا من أصل 538.

أثر المجمع الانتخابي على الانتخابات الرئاسية

يُعتبر المجمع الانتخابي نظامًا مثيرًا للجدل من عدة نواحٍ. من جهة، يهدف إلى تحقيق توازن بين مصالح الولايات الكبرى والصغرى، ويمنع الولايات الكبرى من الهيمنة على الانتخابات الرئاسية. من جهة أخرى، قد يشعر البعض أن هذا النظام لا يعكس دائمًا الإرادة الشعبية بشكل دقيق، حيث يمكن أن تفوز ولاية ما بعدد كبير من الأصوات الانتخابية دون أن تكون الأغلبية الشعبية في تلك الولاية لصالح المرشح الفائز.

إحدى أبرز الانتقادات التي يتلقاها المجمع الانتخابي هي أنه قد يؤدي إلى نتائج تتناقض مع التصويت الشعبي. على سبيل المثال، في الانتخابات الرئاسية لعام 2000 و2016، فاز المرشحون بالرئاسة رغم أنهم لم يحصلوا على أغلبية الأصوات الشعبية على مستوى البلاد. هذه الظاهرة أثارت العديد من النقاشات حول ما إذا كان يجب إعادة النظر في نظام المجمع الانتخابي.

تواريخ هامة في تاريخ المجمع الانتخابي :من الضروري النظر في بعض الأحداث البارزة التي شكلت تاريخ المجمع الانتخابي. على سبيل المثال، في انتخابات 1824، لم يحصل أي مرشح على أغلبية الأصوات الانتخابية، مما أدى إلى تصويت مجلس النواب لتحديد الرئيس. في انتخابات 1876، شهدت الولايات المتحدة أزمة سياسية بسبب نتائج متنازع عليها في عدد من الولايات، مما أدى إلى حل خلافات انتخابية. في العصر الحديث، تثير الانتخابات مثل انتخابات 2000 و2016 تساؤلات جدية حول فعالية نظام المجمع الانتخابي. بينما يعتبر بعض المراقبين أن النظام يحقق توازنًا ديمقراطيًا بين الولايات، يرى آخرون أنه يعيق تمثيل الإرادة الشعبية بشكل صحيح.

الآراء المختلفة حول المجمع الانتخابي :تختلف الآراء حول المجمع الانتخابي بشكل كبير. يؤكد مؤيدو النظام أن المجمع الانتخابي يعزز الفدرالية ويضمن عدم تجاهل الولايات الصغيرة. يعتقدون أن هذا النظام يحافظ على توازن القوى بين الولايات المختلفة ويمنع الانغماس في مشاعر الإقليمية الضيقة. من ناحية أخرى، يرى المعارضون أن النظام يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التمثيلية، حيث أن كل صوت لا يُعتبر متساويًا بسبب اختلاف عدد الأصوات الانتخابية لكل ولاية. يدعون إلى إصلاحات تجعل النظام أكثر انسجامًا مع نتائج الانتخابات الشعبية.

الإصلاحات المحتملة لنظام المجمع الانتخابي

تُطرح العديد من الاقتراحات لإصلاح نظام المجمع الانتخابي. يشمل بعضها تعديلات على الطريقة التي يتم بها توزيع أصوات المجمع الانتخابي أو تعديل آلية التصويت لتكون أكثر تطابقًا مع نتائج التصويت الشعبي. اقتراحات أخرى تتضمن تغيير الطريقة التي يتم بها اختيار المندوبين أو حتى إلغاء المجمع الانتخابي بالكامل والانتقال إلى نظام التصويت الشعبي المباشر.

يمثل المجمع الانتخابي جزءًا مهمًا ومعقدًا من النظام السياسي للولايات المتحدة الأمريكية. من خلال دوره في انتخاب الرئيس ونائب الرئيس، يعكس المجمع الانتخابي التوازن بين المبادئ الفيدرالية والديمقراطية. بينما يثير النظام بعض الجدل حول مدى تمثيله للإرادة الشعبية، فإنه لا يزال يعتبر جزءًا أساسيًا من العملية الانتخابية في الولايات المتحدة. التوازن بين التأثيرات المحلية والإقليمية والمبادئ الديمقراطية هو ما يجعل من المجمع الانتخابي نظامًا فريدًا يعكس تعقيدات النظام السياسي الأمريكي.

لكن من هم هؤلاء الأعضاء؟ ومن يختارهم؟ وكيف يصوتون؟

كل ولاية أميركية لديها عدد من كبار الناخبين يساوي عدد ممثليها في الكونغرس بمجلسيه، فلكل ولاية نواب حسب عدد سكانها، وممثلان في مجلس الشيوخ؛ تكساس مثلا لديها 38 من كبار الناخبين، وفرجينيا 13، أما الولايات الأقل كثافة سكانية، مثل آلاسكا وديلاوير، فلديها ثلاثة ناخبين كبار فقط.

من يختار أعضاء المجمع الانتخابي :تختلف طريقة اختيار المندوبين، وفقا لقوانين كل ولاية، لكن عموما يتم اختيارهم عبر مرحلتين. في الأولى، تقدم الأحزاب السياسية، في كل ولاية، قوائم المندبين المحتملين قبل الانتخابات العامة، ليصوت عليهم المواطنون، في المرحلة الثانية، من خلال التصويت في الانتخابات العامة. أي أن التصويت للمرشح الرئاسي المفضل في ولاية ما، يتضمن التصويت لصالح مندوبي حزبه في تلك الولاية. المندوبون هم في الغالب حزبيون أو أشخاص تربطهم علاقات بالأحزاب في الولاية، ويتم اختيارهم وفقا لمساهماتهم في دعم الحزب

اختيار المندوبين تجري تحت إشراف الأحزاب

المرحلة الأولى من عملية اختيار المندوبين تجري تحت إشراف الأحزاب في كل ولاية، وتختلف الإجراءات في هذه المرحلة من ولاية إلى أخرى، لكن بشكل عام تقدم الأحزاب لوائح بأسماء المندوبين المحتملين في مؤتمرات الحزب في الولايات، أو تختارهم عن طريق تصويت اللجنة المركزية للحزب.

يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي، في أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر بعد الانتخابات العامة في ولاياتهم، حيث يدلون بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين، وتُدون أصوات المندوبين في كل ولاية في شهادة التصويت “Certificate of Vote”، ويرسل المندوبون في كل ولاية شهادة التصويت إلى الكونجرس.

يتم عد أصوات مندوبين كل ولاية في جلسة مشتركة للكونغرس في السادس من يناير من العام التالي لتصوت المندوبين على الرئيس ونائبه. ويجتمع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في غرفة مجلس النواب لإجراء العد الرسمي لأصوات المندوبين، ويرأس نائب رئيس الولايات المتحدة، بصفته رئيس مجلس الشيوخ، عملية الفرز ويعلن نتائج التصويت، ثم يعلن رئيس مجلس الشيوخ اسمي الرئيس المنتخب ونائب الرئيس المنتخب.  وأخيرا، يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير من العام التالي للانتخابات العامة.