استقرت أسعار النفط بالقرب من أعلى مستوياتها في خمسة أسابيع يوم الثلاثاء، حيث يزن السوق التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية على النفط الروسي والمخاوف المتزايدة بشأن تأثير الحرب التجارية على النمو العالمي.
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 6 سنتات أو 0.1% لتصل إلى 74.71 دولار للبرميل في الساعة 1208 بتوقيت جرينتش. في وقت سابق من الجلسة، كانت قد ارتفعت إلى ما فوق 75 دولارًا للبرميل. من ناحية أخرى، انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 5 سنتات أو 0.1% لتسجل 71.43 دولار للبرميل.
استقرت أسعار النفط عند أعلى مستوياتها في خمسة أسابيع في اليوم السابق. وكان هذا التذبذب في الأسعار بسبب العديد من العوامل التي تؤثر على السوق العالمي.
العقوبات والتعريفات الجمركية وتأثيرها على سوق النفط
أشار المحلل أولي هفالبي من SEB إلى أن العقوبات الأكثر صرامة على إيران وفنزويلا وروسيا قد تؤدي إلى تقليص العرض العالمي من النفط. لكنه أضاف أن التعريفات الأمريكية قد تضعف الطلب العالمي على الطاقة وتؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وهو ما سيؤثر بدوره على الطلب على النفط. بناءً على ذلك، كان من الصعب المراهنة على اتجاه واضح لسوق النفط.
وقد وجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تهديدات مشددة بفرض رسوم جمركية ثانوية على النفط الروسي. وأوضح ترامب في تصريح لشبكة “إن بي سي نيوز” يوم الأحد أنه غاضب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنه سيقوم بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 25% و50% على مشتري النفط الروسي إذا حاولت موسكو عرقلة الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
إذا تم تنفيذ هذه الرسوم الجمركية على مشتري النفط من روسيا، وهي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، قد تؤدي هذه الخطوة إلى تعطيل الإمدادات العالمية. كذلك، ستتأثر بشكل خاص أكبر عملاء موسكو، وهما الصين والهند.
التهديدات الأمريكية تجاه إيران وأثرها على السوق
إلى جانب تهديداته ضد روسيا، أطلق ترامب أيضًا تهديدات ضد إيران. وهدد بفرض رسوم جمركية مماثلة على إيران في حال لم تتوصل إلى اتفاق مع البيت الأبيض بشأن برنامجها النووي. هذه التهديدات تشكل ضغطًا إضافيًا على سوق النفط، حيث من الممكن أن تؤثر سلبًا على تدفقات النفط من هذين المصدرين الكبيرين.
التوقعات المستقبلية لأسعار النفط: تراجع محتمل بسبب التباطؤ الاقتصادي
توقع استطلاع أجرته وكالة رويترز في مارس 2025، شمل 49 اقتصاديا ومحللا، أن تظل أسعار النفط تحت ضغط خلال هذا العام بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يؤدي التباطؤ الاقتصادي في الهند والصين إلى تراجع في الطلب على النفط. كما يزيد الإنتاج من قبل أوبك+ (منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها) من العرض العالمي، مما يعزز ضغوط العرض.
من المتوقع أن يساهم تباطؤ النمو الاقتصادي في إضعاف الطلب على الوقود.
مما قد يعوض أي انخفاض في العرض نتيجة تهديدات ترامب. لكن لا يزال هناك دعم جزئي للأسعار نتيجة لعدة عوامل.
الإغلاق الجزئي لمحطات التصدير الروسية وتأثيره على العرض العالمي
وجدت أسعار النفط بعض الدعم بعد أن أمرت روسيا بإغلاق اثنين من مراسيها الثلاثة في محطة تصدير النفط الرئيسية في كازاخستان. جاء ذلك في وقت كانت فيه كازاخستان في مواجهة مع أوبك+ بسبب فائض الإنتاج. قال مصدران في الصناعة لوكالة رويترز إنه سيتعين على كازاخستان خفض إنتاج النفط نتيجة لهذا الإجراء. وأضاف مصدر آخر أن أعمال الإصلاح في محطة اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين ستستغرق أكثر من شهر. هذه التطورات أضافت بعض العوامل غير المتوقعة في السوق، مما جعل أسعار النفط تستفيد من دعم جزئي. سيكون من المهم متابعة التطورات في هذه المجالات عن كثب في الفترة القادمة لتحديد ما إذا كانت الأسعار ستستمر في التحرك نحو الاتجاه الصعودي أو ستخضع لضغوط نزولية أكبر.
ترقب اجتماع أوبك+ وتوقعات زيادة الإنتاج
سيراقب السوق اجتماع اللجنة الوزارية لأوبك+ في 5 أبريل 2025، حيث من المتوقع أن تتم مراجعة السياسات الحالية للمجموعة. ووفقًا لبعض المصادر، أوبك+ بصدد المضي قدمًا في زيادة الإنتاج بمقدار 135 ألف برميل يوميًا في مايو 2025. من المرجح أن تستمر هذه الزيادة في الإنتاج في التأثير على الأسعار، حيث سيظل هذا العرض الزائد يؤثر على الأسواق.
التوقعات بشأن مخزونات النفط الأمريكية
في المقابل، كانت التوقعات بشأن مخزونات النفط الأمريكية تشير إلى انخفاض كبير في المخزونات. وفقًا لتقرير من رويترز، فإن خمسة محللين يتوقعون أن مخزونات الخام الأمريكية قد انخفضت بنحو 2.1 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 28 مارس. هذا التراجع في المخزونات من شأنه أن يدعم الأسعار على المدى القصير، حيث قد يشير إلى انخفاض في العرض المحلي.
التأثيرات المستقبلية للأسواق العالمية
لا يزال مستقبل أسعار النفط محاطًا بالكثير من الغموض بسبب مجموعة من العوامل المعقدة. من غير المرجح أن تؤدي التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية على روسيا وإيران إلى تحولات فورية في الأسعار.
لكن تأثيرها على السوق قد يكون ملحوظًا في المدى البعيد. من جهة أخرى، تزايد الضغوط من أوبك+ لزيادة الإنتاج قد يؤدي إلى توازن الأسعار على المدى القريب، بينما يتوقع أن يظل التباطؤ الاقتصادي في الصين والهند عاملاً مهماً في تحديد اتجاه السوق في السنوات المقبلة.
في الختام، تبقى أسعار النفط في حالة استقرار نسبي قرب مستويات 75 دولارًا للبرميل.
رغم العديد من العوامل المؤثرة في السوق مثل التهديدات الأمريكية تجاه روسيا وإيران. إن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إلى جانب زيادة الإنتاج من أوبك+، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الطلب والعرض على النفط في الأشهر المقبلة.