ارتفعت أسعار النفط اليوم بعد تراجعها في الجلسة السابقة، التي شهدت انخفاضاً كبيراً في الأسعار بالقرب من أدنى مستوى لها في أسبوعين. حيث صعدت العقود الآجلة لخام برنت 61 سنتاً أو 0.9% إلى 72.50 دولار للبرميل.
في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 59 سنتاً أو 0.9% إلى 68.71 دولار. جاء هذا الارتفاع مدفوعاً بتغطية مراكز قصيرة بعد الهبوط الذي شهدته الأسعار في الأيام السابقة نتيجة لتخفيض توقعات الطلب من منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.
الأسواق تأثرت بتقليص أوبك لتوقعاتها بشأن نمو الطلب العالمي على النفط لعامي 2024 و2025، حيث أشارت المنظمة إلى ضعف الطلب في الصين والهند وبعض المناطق الأخرى، مما دفعها إلى خفض التوقعات للعام الرابع على التوالي. هذا التراجع في توقعات الطلب كان سبباً رئيسياً في انخفاض الأسعار في الجلسة السابقة. كما جاء هذا التراجع وسط القلق المتزايد بشأن النمو الاقتصادي في الصين، التي تعد واحدة من أكبر مستهلكي النفط في العالم.
ورغم هذه التوقعات الهبوطية، فإن الأسعار شهدت انتعاشاً بفضل تغطية مراكز قصيرة، وهو ما دفعها للارتفاع قليلاً. ومع ذلك، فإن المكاسب كانت محدودة بسبب قوة الدولار الأمريكي، الذي وصل إلى أعلى مستوى له في سبعة أشهر. قوة الدولار جعلت النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما حد من ارتفاع الأسعار.
من المنتظر أن تصدر وكالة الطاقة الدولية يوم الخميس تقديراتها المحدثة بشأن توقعات نمو الطلب على النفط.
والتي يُتوقع أن تكون أقل من تلك التي تتوقعها أوبك. تلك التوقعات قد تلعب دوراً مهماً في تحديد اتجاهات الأسعار في الأيام المقبلة. بينما لا تزال الأسواق تتفاعل مع هذه التوقعات الهبوطية، يبدو أن هناك حالة من الحذر بين المستثمرين في أسواق النفط، في ظل المخاوف من استمرار ضعف الطلب في بعض الأسواق الرئيسية.
تأثير قوة الدولار الأمريكي على أسعار النفط
تعتبر قوة الدولار الأمريكي من العوامل الرئيسية التي تؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط في الأسواق العالمية. بما أن النفط يتم تسعيره عادة بالدولار الأمريكي، فإن أي تغييرات في قيمة العملة الأمريكية تؤثر على تكلفة النفط بالنسبة للمستثمرين الأجانب. عندما يقوى الدولار، يصبح النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يتداولون بعملات أخرى، مما يقلل من الطلب على النفط ويضغط على الأسعار نحو الانخفاض.
عندما يرتفع الدولار، يزداد سعر النفط بالنسبة للعملات الأخرى.
مما يجعل شراء النفط أكثر تكلفة بالنسبة للدول التي تعتمد على عملات غير الدولار. هذا ينعكس في تقليل الطلب على النفط، خاصة في الدول التي تعاني من ضعف عملاتها مقارنة بالدولار. نتيجة لذلك، قد ترى أسواق النفط تراجعاً في الأسعار إذا قل الطلب بسبب ارتفاع التكلفة.
من جهة أخرى، يمكن أن تؤثر قوة الدولار على الاستثمار في أسواق النفط. المستثمرون الأجانب، الذين يسعون للحصول على عوائد من النفط، قد يصبحون أقل اهتمامًا بشراء العقود النفطية بسبب ارتفاع التكاليف المرتبطة بالدولار. كما أن قوة الدولار قد تجذب المزيد من الاستثمارات إلى الأصول المقومة بالدولار مثل السندات الأمريكية والأسهم.
مما يخلق ضغطًا إضافيًا على أسواق السلع مثل النفط. علاوة على ذلك، يترتب على ارتفاع الدولار تأثيرات اقتصادية أخرى، مثل تقليص القدرة الشرائية في الأسواق الدولية.
الدول التي تعتمد على الواردات النفطية قد تجد نفسها مضطرة لدفع المزيد مقابل النفط.
مما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في هذه الدول بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة. وعلى الرغم من أن الشركات المنتجة للنفط قد تستفيد من تقوية الدولار في بعض الحالات، فإن المستهلكين في الأسواق العالمية قد يعانون من ارتفاع الأسعار.
مما يحد من استهلاكهم. بناءً على هذه العوامل، يتضح أن أسعار النفط تخضع لتأثيرات متنوعة ومعقدة تتطلب مراقبة دقيقة من قبل الأسواق والمستثمرين على حد سواء.
العوامل المؤثره على أسعار النفط العالمية
تتأثر أسعار النفط العالمية بعدد من العوامل المعقدة التي تعمل بشكل مترابط لتحديد اتجاهاتها في الأسواق. من أبرز هذه العوامل هو العرض والطلب العالمي على النفط. أي تغير في مستوى الطلب على النفط من قبل أكبر اقتصادات العالم، مثل الصين والولايات المتحدة.
أو تغييرات في العرض بسبب تقليص الإنتاج من قبل كبار المنتجين مثل منظمة أوبك أو الدول غير الأعضاء في أوبك مثل روسيا، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الأسعار.
فعندما يزيد الطلب على النفط بسبب نمو اقتصادي في الدول الكبرى أو بسبب نقص في الإنتاج، ترتفع الأسعار.
بينما تؤدي زيادة الإنتاج أو تراجع الطلب إلى انخفاض الأسعار. من العوامل المهمة الأخرى التي تؤثر في أسعار النفط هي العوامل الجيوسياسية. التوترات السياسية في مناطق مثل الشرق الأوسط، حيث تقع معظم احتياطيات النفط العالمية.
يمكن أن تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار النفط. أي اضطراب في الإمدادات نتيجة لحروب أو عقوبات اقتصادية يمكن أن يسبب ارتفاعًا مفاجئًا في الأسعار. في المقابل، التحسن في الأوضاع السياسية قد يؤدي إلى استقرار أسعار النفط أو انخفاضها.
أسواق العملات تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في تحديد أسعار النفط، حيث يتم تسعير النفط بالدولار الأمريكي. عندما يرتفع الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى، يصبح النفط أكثر تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى.
مما يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط وبالتالي انخفاض أسعاره. العكس صحيح أيضًا، حيث يؤدي انخفاض الدولار إلى تعزيز الطلب على النفط.
تغيرات الطقس والكوارث الطبيعية تشكل أيضًا عاملًا مهمًا في تحديد أسعار النفط. فالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير يمكن أن تؤثر على الإنتاج والنقل، مما يؤدي إلى تقليص العرض وبالتالي زيادة الأسعار. علاوة على ذلك، يشهد قطاع النفط تأثيرات من التحولات التكنولوجية التي قد تؤدي إلى تغييرات في تكلفة الإنتاج أو اكتشافات جديدة من الاحتياطيات، مثل النفط الصخري في الولايات المتحدة، ما يساهم في التأثير على الأسعار.