شهدت أسعار النفط ارتفاعًا يوم الخميس، بدعم من توقعات الطلب القوي في الولايات المتحدة وضعف الدولار الأمريكي. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 34 سنتًا، أي بنسبة 0.5%، ليصل سعر البرميل إلى 71.12 دولار. وهذا يعد أعلى مستوى له منذ الثالث من مارس. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.6% ليبلغ 67.58 دولار.
بيانات حكومية أمريكية أظهرت انخفاضًا أكبر من المتوقع في مخزونات نواتج التقطير، بما في ذلك الديزل ووقود التدفئة. فقد انخفضت المخزونات بمقدار 2.8 مليون برميل، مما تجاوز التوقعات التي كانت تشير إلى انخفاض قدره 300 ألف برميل، وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز.
في هذا السياق، صرح محللون في جيه بي مورجان بأن توقعات الطلب على النفط في الولايات المتحدة تظل قوية، رغم تراجع حركة السفر الجوي. ورأوا أن هذا الانخفاض لا يعكس ضعفًا عامًا في الطلب. وأضاف المحللون أن الطلب العالمي على النفط بلغ 101.8 مليون برميل يوميًا، مما يعكس زيادة سنوية قدرها 1.5 مليون برميل.
من ناحية أخرى، ارتفعت مخزونات الخام الأمريكية بمقدار 1.7 مليون برميل، متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 512 ألف برميل.
إلى جانب ذلك، ساهم ضعف الدولار في ارتفاع أسعار النفط. فقد شهد الدولار انخفاضًا مستمرًا منذ نهاية شهر فبراير. وفقًا لبريانكا ساشديفا، المحللة السوقية الكبيرة لدى فيليب نوفا، فقد “أدى ضعف الدولار إلى دعم أسعار النفط المقومة بالدولار”. وذكرت ساشديفا أيضًا أن المستثمرين في أسواق النفط متفائلون بشأن إمكانية خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بنهاية العام.
توقع بعض المحللين ارتفاع أسعار النفط بشكل غير متساوٍ في المستقبل القريب. قال كلفن وونغ، المحلل الكبير في شركة أواندا: “نتوقع تقلبًا في أسواق النفط في الوقت الحالي”. وأوضح أن العوامل الدافعة للأسعار تشمل التحفيزات الاقتصادية في الصين.
ارتفاع أسعار النفط مع تزايد زخم محادثات إعادة تعبئة الاحتياطي الاستراتيجي
شهدت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا يوم أمس، حيث استقر خام برنت (ICE) بنسبة 0.31% خلال اليوم. تم عزو هذه المكاسب إلى انتعاش أسواق الأسهم، بالإضافة إلى تقرير إيجابي نسبيًا من إدارة معلومات الطاقة (EIA). أظهرت البيانات الحكومية الأمريكية أن مخزونات النفط الخام ارتفعت بمقدار 1.75 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي. لكن هذه الزيادة كانت أقل بكثير من الزيادة التي أعلن عنها معهد البترول الأمريكي (API) في اليوم السابق، والتي بلغت 4.59 مليون برميل.
في الوقت نفسه، انخفضت مخزونات النفط الخام في كوشينغ بمقدار مليون برميل. بينما سجلت مخزونات المنتجات المكررة انخفاضًا بلغ 527 ألف برميل، في حين تراجعت مخزونات البنزين والمقطرات بمقدار 2.81 مليون برميل. على الرغم من انخفاض الطلب المتوقع على البنزين، إلا أن المخزونات استمرت في الانخفاض لثلاثة أسابيع متتالية. ومن الجدير بالذكر أن مخزونات البنزين وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ أوائل يناير الماضي.
بشكل عام، تدعم هذه البيانات السوق بشكل إيجابي، مما يساهم في تعزيز النظرة المستقبلية لأسعار النفط.
>هناك عامل آخر يدعم هذا الاتجاه: تصريح وزير الطاقة الأمريكي بأن أسعار النفط الحالية قد توفر فرصة جيدة لإعادة ملء الاحتياطي البترولي الاستراتيجي.
يشير هذا الاحتياطي إلى نحو 396 مليون برميل.
وهو يعد تحسنًا مقارنة بأدنى مستوى بلغ 347 مليون برميل في عام 2023. ومع ذلك، يظل أقل بكثير من 621 مليون برميل التي كانت في منتصف عام 2021.
>وكان وزير الطاقة كريس رايت قد صرح بأن إعادة ملء هذا الاحتياطي بالكامل قد تستغرق سنوات وتحتاج إلى تمويل بقيمة 20 مليار دولار. و إذا تمت إعادة الملء بسعة 700 مليون برميل، فإن التكلفة ستكون حوالي 65 دولارًا للبرميل.
أسعار النحاس تواصل الارتفاع مع تهديدات الرسوم الجمركية
من جهة أخرى، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، حيث ارتفع سعر “مرفق نقل الملكية” (TTF) بنسبة 6.4%.
يعود هذا الارتفاع إلى تلاشي الآمال باستئناف جزئي لتدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا. رغم أن روسيا لم توافق على وقف إطلاق نار غير مشروط مع أوكرانيا، إلا أنها وافقت على وقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة الأوكرانية لمدة 30 يومًا.
>تراجعت صناديق الاستثمار، التي كانت تبيع “مرفق نقل الملكية” بكثافة في الأسابيع الأخيرة، عن مسارها خلال الأسبوع الماضي، حيث اشترت 1 تيراواط/ساعة، مما أدى إلى صافي مركز طويل يبلغ 127.6 تيراواط/ساعة.
يقترب سعر النحاس من 10,000 دولار أمريكي للطن في بورصة لندن للمعادن (LME)، وهو المستوى الذي وصل إليه آخر مرة في أكتوبر الماضي.
شهدت أسعار النحاس ارتفاعًا بنحو 14% منذ بداية العام.
تعود هذه الزيادة جزئيًا إلى تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على النحاس المستورد. أسهم النحاس في بورصة شيكاغو التجارية شهدت أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا منذ فوز ترامب في الانتخابات في نوفمبر.
في الوقت نفسه، شهدت مخزونات بورصة لندن للمعادن انخفاضًا طفيفًا. كما ارتفعت عمليات إلغاء سندات النحاس بشكل حاد منذ أواخر فبراير، مما يشير إلى ارتفاع الطلب على النحاس.
أسواق النحاس في آسيا شهدت أكبر انخفاض في المخزونات، تلتها أوروبا. تجدر الإشارة إلى أن الطلب على النحاس من مستودعات بورصة لندن للمعادن في آسيا ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ أغسطس 2017. من المتوقع أن تظل أسعار النحاس مدعومة في المدى القريب، خاصة في ظل عمليات الشراء المسبق قبل فرض الرسوم الجمركية. تعمل الولايات المتحدة على زيادة وارداتها من النحاس بسبب الاعتماد الكبير على هذه المعدن في استهلاكها المحلي. فقد استوردت الولايات المتحدة حوالي 850 ألف طن من النحاس في عام 2024، وهو ما يمثل حوالي 50% من استهلاكها المحلي.
العوامل الاقتصادية المساهمة في تحركات أسواق السلع
تتزايد المخاوف من أن فرض الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى نقص في الإمدادات من النحاس في السوق المحلي الأمريكي.
وقد تكون الولايات المتحدة غير قادرة على سد الفجوة في الإنتاج المحلي لمواكبة الطلب المتزايد.
وفي ظل هذا الوضع، من المرجح أن تظل أسعار النحاس مرتفعة بسبب التشديد في السوق المادية، وزيادة عمليات الاستيراد من الخارج.
من الواضح أن أسعار النفط والغاز والمعادن تتأثر بعدد من العوامل الاقتصادية التي تشمل الطلب العالمي، التوترات الجيوسياسية، وأيضًا القرارات السياسية على مستوى الدول الكبرى. تعمل هذه العوامل معًا على تشكيل الاتجاهات التي تحدد مسار هذه الأسواق في المدى القريب والمتوسط. على سبيل المثال، تساهم توقعات الطلب على النفط في تحديد الاتجاهات المستقبلية للأسعار.
إذا استمر الطلب في الزيادة، فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار بشكل أكبر. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تؤثر الاضطرابات الجيوسياسية، مثل النزاع بين روسيا وأوكرانيا، على الأسواق بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى تقلبات حادة في الأسعار.
أما بالنسبة للمعادن مثل النحاس، فالتوجهات العالمية في التجارة والرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على الإمدادات المحلية.
وبالتالي على الأسعار. تساهم المخاوف من تقليص الإمدادات نتيجة الرسوم الجمركية في دفع أسعار النحاس إلى الارتفاع. ويبدو أن هذه التحركات ستستمر في التأثير على الأسواق في الأشهر المقبلة، خاصة في ظل استمرار التوترات بين الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى. بناءً على ما سبق، نجد أن تحركات أسواق النفط والغاز والمعادن تعتمد بشكل كبير على مجموعة من العوامل المحلية والدولية.
ومع استمرار التقلبات الاقتصادية والسياسية، من المرجح أن تظل هذه الأسواق تحت ضغط مستمر، مما يجعل التوقعات المستقبلية أكثر تعقيدًا.