شهد الين الياباني تراجعًا كبيرًا في السوق الآسيوية يوم الجمعة، حيث وصل إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر مقابل الدولار الأمريكي. هذا التراجع، الذي كان هو الخامس على التوالي، جاء مدعومًا ببيانات اقتصادية سلبية أظهرت تباطؤًا في الاقتصاد الياباني خلال الربع الثالث من العام. النمو الاقتصادي في اليابان لم يتجاوز 0.2% خلال هذه الفترة، وهو ما يعكس تباطؤًا كبيرًا مقارنة بنمو 0.5% في الربع الثاني من العام.
هذا التباطؤ في النمو قلل من التوقعات بشأن رفع أسعار الفائدة في اليابان في ديسمبر المقبل، مما أضاف مزيدًا من الضغوط على العملة اليابانية.
تسارعت خسائر الين مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات.
بعد تصريحات متشددة من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. التصريحات التي أشارت إلى إمكانية استمرار السياسة النقدية المتشددة قللت من فرص خفض أسعار الفائدة الأمريكية في ديسمبر.
مما عزز من قوة الدولار الأمريكي وزاد من الضغط على الين.
في ضوء هذه المعطيات، ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 0.3% أمام الين، ليصل إلى 156.74 ين، وهو أعلى مستوى له منذ 23 يوليو الماضي. هذه التحركات تشير إلى أن الين في طريقه لتحقيق أكبر خسارة أسبوعية منذ أواخر سبتمبر الماضي.
حيث تراجع بنسبة 2.75% مقابل الدولار هذا الأسبوع. كما أن هذا التراجع في قيمة الين يعكس أيضًا تأثير الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
حيث تواصل الأسواق التفاعل مع تداعيات فوز “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية.
من المرجح أن يظل الين تحت الضغط في المدى القصير، خصوصًا في ظل تباطؤ الاقتصاد الياباني وارتفاع العوائد الأمريكية. في الوقت نفسه، فإن استمرار التباين بين السياسات النقدية بين بنك اليابان والفيدرالي الأمريكي قد يفاقم من وضع الين في الأسواق العالمية.
تأثير عوائد السندات الأمريكية على الين
تعد عوائد السندات الأمريكية أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على حركة العملات في الأسواق العالمية، بما في ذلك الين الياباني. عندما يرتفع العائد على السندات الأمريكية، خاصة على السندات لأجل عشر سنوات، يؤدي ذلك إلى زيادة جاذبية الدولار الأمريكي للمستثمرين.
مما يضغط بشكل مباشر على العملات الأخرى مثل الين الياباني. في حالة اليابان، حيث لا يزال بنك اليابان يحافظ على سياسة نقدية مرنة للغاية مع معدلات فائدة منخفضة للغاية، فإن ارتفاع العوائد الأمريكية يعزز من قوة الدولار ويضعف الين.
تتسبب هذه العوائد المرتفعة في سحب رأس المال من الأسواق اليابانية إلى الأسواق الأمريكية.
حيث يسعى المستثمرون إلى الحصول على عوائد أعلى. عندما يرتفع العائد على السندات الأمريكية، يصبح الدولار الأمريكي أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالين، الذي يحمل عوائد أقل بسبب سياسة الفائدة المنخفضة في اليابان. هذه الفروق في العوائد بين البلدين تعزز الطلب على الدولار، مما يؤدي إلى تراجع الين.
علاوة على ذلك، تتأثر حركة الين بتوقعات المستثمرين بشأن السياسات النقدية في كلا البلدين. عندما تتزايد احتمالات رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
كما حدث مؤخرًا في ظل تصريحات متشددة من رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يزداد الضغط على الين. فكلما رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة، ارتفعت عوائد السندات الأمريكية، مما يعزز من قوة الدولار ويزيد من ضعف الين الياباني.
في الوقت ذاته، يواجه الين الياباني تحديات إضافية بسبب الوضع الاقتصادي الداخلي لليابان. النمو الاقتصادي البطيء ومعدلات التضخم المنخفضة في اليابان تجعل من الصعب على بنك اليابان رفع أسعار الفائدة.
مما يزيد من تباين السياسات النقدية بين اليابان والولايات المتحدة. هذا التباين بين السياسات النقدية يؤدي إلى استمرار ضعف الين مقابل الدولار.
العوامل المؤثره علي سعر الين الياباني
يعد سعر الين الياباني من بين العوامل الاقتصادية والمالية الأكثر تأثيرًا في الأسواق العالمية.
إذ يتأثر بعدد من العوامل المحلية والدولية. من أبرز هذه العوامل، السياسات النقدية التي يتبعها بنك اليابان، والتي تؤثر بشكل مباشر في قيمة العملة. على سبيل المثال، يحافظ بنك اليابان على سياسة فائدة منخفضة جدًا.
وأحيانًا يطبق برامج تحفيزية ضخمة مثل شراء الأصول، بهدف تحفيز الاقتصاد الياباني المتعثر. هذه السياسات تزيد من عرض الين في الأسواق، مما يضعف العملة.
عوامل أخرى تؤثر في سعر الين تتمثل في الفروق بين السياسة النقدية للبنك المركزي الياباني والمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. إذا كان الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة يرفع أسعار الفائدة بينما يظل بنك اليابان متمسكًا بالسياسة التيسيرية، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة الفجوة بين العائدات على السندات الأمريكية واليابانية. هذا التباين يضعف الين مقابل الدولار، حيث يفضل المستثمرون العوائد الأعلى التي تقدمها السندات الأمريكية.
كذلك، فإن الأداء الاقتصادي الياباني يعد عاملاً حاسمًا في تحديد قوة الين. إذا كانت البيانات الاقتصادية اليابانية، مثل الناتج المحلي الإجمالي أو معدلات البطالة، تشير إلى تباطؤ اقتصادي، فإن هذا قد يقلل من الطلب على الين. على النقيض، إذا أظهرت البيانات الاقتصادية تحسنًا.
فقد يعزز ذلك من قيمة الين، حيث يعتبر المستثمرون اليابان من الأسواق المستقرة نسبيًا.
التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية لها أيضًا دور في تحركات الين. في أوقات الأزمات أو عدم اليقين، مثل الحروب أو الأزمات المالية العالمية، يصبح الين من العملات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون.
مما يؤدي إلى زيادة قيمته. في المقابل، إذا كانت هناك استقرارًا اقتصاديًا في مناطق أخرى، مثل الولايات المتحدة أو أوروبا، قد يؤدي ذلك إلى تراجع الطلب على الين.