توسعت خسائر الين الياباني في تعاملات اليوم الجمعة، على الرغم من صدور بيانات التضخم التي تشير إلى ضرورة رفع أسعار الفائدة، مما يزيد من الضغوط على موقف بنك اليابان المركزي المعقد. تأتي هذه التطورات في وقت يعاني فيه رابع أكبر اقتصاد في العالم من تقاطع سلبي بين السياسة النقدية والمالية، مما يزيد من القلق حول استقرار العملة.
تتجه الأنظار إلى إمكانية تدخل السلطات اليابانية لدعم الين، في ظل تكهنات متزايدة حول تدخل ثالث هذا العام، كما حدث في مناسبتين سابقتين حينما هبط الين إلى مستويات 152 يناً للدولار، والتي كانت الأدنى منذ 34 عاماً. هذا الأسبوع، كسر الين الياباني مستويات الدعم النفسية المهمة عند 150 يناً للدولار، مما يعمق خسائره أمام العملة الأمريكية.
وبحلول الساعة 7:30 صباحاً بتوقيت غرينتش، انخفض الين بنسبة 0.355%، ليصل إلى 150.3 ين للدولار، وهو أدنى مستوى له منذ ما يقرب من 10 أشهر. كما يتجه الين لتسجيل خسائر أسبوعية تبلغ حوالي 1%. على الرغم من خسائر الين، سجلت الأسهم اليابانية مكاسب محدودة بنهاية تعاملات اليوم، مستفيدة من تراجع العملة. فقد ارتفع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 0.18%، ليصل إلى 38981 نقطة، لكن المؤشر حقق خسائر أسبوعية بنسبة 1.58%.
في المقابل، استقر مؤشر توبكس عند 2688 نقطة لكنه تكبد خسائر أسبوعية بنسبة 0.64%. تعكس هذه التطورات حالة من عدم اليقين في السوق، حيث تراجع المسؤولون في بنك اليابان، بما في ذلك المحافظ كازو أويدا، عن دعم أسعار الفائدة المرتفعة، بينما أكدت الحكومة على عدم نيتها اعتماد سياسة نقدية متشددة.
هذا التباين في التصريحات يزيد من التوتر في الأسواق، ويؤثر سلباً على ثقة المستثمرين في الين. ومع دخول المستثمرين الأجانب في السوق، سجلوا صافي مشتريات للأسهم اليابانية للأسبوع الثالث على التوالي، بواقع 6.45 مليار دولار، مما يعكس اهتمامهم بالاستثمار في السوق اليابانية على الرغم من التقلبات..
تأثير ضعف الين على الاقتصاد الياباني
يعاني الين الياباني في الآونة الأخيرة من ضعف ملحوظ، مما يثير قلقاً كبيراً بشأن تأثير ذلك على الاقتصاد الياباني بشكل عام. يُعتبر الين عملة أساسية في التجارة العالمية، ويؤثر ضعفها على مجموعة من القطاعات الاقتصادية. في البداية، فإن انخفاض قيمة الين يزيد من تكلفة الواردات.
بما في ذلك السلع الأساسية مثل الطاقة والمواد الغذائية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع في الأسواق اليابانية.
وبالتالي، يواجه المستهلكون ضغطًا إضافيًا من حيث التكاليف، مما قد يؤثر سلبًا على قدرتهم الشرائية ويؤدي إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي. من جهة أخرى، يُعتبر ضعف الين إيجابيًا في بعض النواحي، حيث يمكن أن يعزز الصادرات اليابانية. عندما يكون الين ضعيفًا، تصبح المنتجات اليابانية أكثر تنافسية في الأسواق الدولية، مما قد يزيد من حجم الصادرات ويعزز الأرباح للشركات اليابانية التي تعتمد على الأسواق الخارجية.
ومع ذلك، يبقى التحدي في تحقيق توازن بين تعزيز الصادرات وارتفاع تكاليف الواردات. إلى جانب ذلك، يؤثر ضعف الين على التوقعات الاستثمارية داخل اليابان. حيث يمكن أن تؤدي التقلبات الكبيرة في العملة إلى عدم اليقين بين المستثمرين.
مما قد يجعلهم المستثمرون الأجانب قد يرون في ضعف الين فرصة.
لكن المخاطر المرتبطة بتقلباته قد تؤدي إلى ترددهم في الدخول أو توسيع استثماراتهم في اليابان. تجدر الإشارة إلى أن سياسة البنك المركزي الياباني تلعب دورًا كبيرًا في كيفية تأثير ضعف الين على الاقتصاد.
إذا قرر البنك اتخاذ إجراءات لدعم الين، فقد يتسبب ذلك في تراجع النشاط الاقتصادي على المدى القصير بسبب زيادة تكاليف الاقتراض. وعلى العكس، فإن الاستمرار في سياسة التيسير النقدي قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على العملة. فإن تأثير ضعف الين على الاقتصاد الياباني هو تأثير معقد ومتداخل. بينما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الفرص للصادرات، إلا أنه أيضًا يحمل معه مخاطر كبيرة على الواردات والتضخم.
تأثير التضخم على السياسة النقدية لبنك اليابان
تعتبر مستويات التضخم من العوامل الرئيسية التي تؤثر على السياسة النقدية لبنك اليابان.
حيث يسعى البنك إلى تحقيق استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي المستدام. عندما يرتفع معدل التضخم بشكل ملحوظ، يتعين على البنك اتخاذ إجراءات مناسبة للتعامل مع هذه الظاهرة، وذلك لتجنب تأثيراتها السلبية على الاقتصاد. أحد التأثيرات المباشرة للتضخم على السياسة النقدية هو ضرورة تعديل أسعار الفائدة.
إذا كان التضخم أعلى من المستويات المستهدفة، قد يضطر بنك اليابان إلى رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم. رفع أسعار الفائدة يجعل الاقتراض أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار. هذا التوجه يمكن أن يساهم في كبح جماح التضخم، لكنه قد يضر بالنمو الاقتصادي على المدى القصير. من جهة أخرى، إذا كان التضخم منخفضًا أو حتى سالبًا.
قد يتبنى البنك سياسة تيسير نقدي، وذلك عن طريق خفض أسعار الفائدة أو زيادة التحفيز الكمي. هذا النوع من السياسة يهدف إلى تحفيز الطلب في الاقتصاد من خلال جعل الاقتراض أكثر سهولة، مما يعزز الاستهلاك والاستثمار.
ولكن، يتطلب هذا أيضًا مراقبة دقيقة لمستويات التضخم، حيث إن استمرار التضخم المنخفض لفترات طويلة قد يؤدي إلى مخاطر الانكماش، وهو ما يمكن أن يكون له آثار ضارة على الاقتصاد. إلى جانب ذلك، تلعب توقعات التضخم دورًا هامًا في تحديد السياسة النقدية لبنك اليابان. إذا كانت توقعات التضخم مرتفعة، فإن البنك قد يتخذ إجراءات استباقية للحد من الضغط التضخمي. من ناحية أخرى، إذا كانت توقعات التضخم متدنية، فقد يتجه البنك إلى تبني سياسة أكثر تيسيرًا لتعزيز النمو.
تتأثر السياسة النقدية لبنك اليابان أيضًا بالبيئة الاقتصادية العالمية. في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة، قد يؤثر التضخم في البلدان الأخرى على اليابان.
مما يتطلب من البنك اتخاذ قرارات تتماشى مع الأوضاع العالمية. على سبيل المثال، ارتفاع أسعار النفط العالمية يمكن أن يؤدي إلى زيادة التضخم في اليابان، مما يوجب اتخاذ إجراءات ملائمة لمواجهة هذا التحدي.