ارتفع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر مقابل العملات الرئيسية، في حين واصلت عملة بتكوين صعودها القياسي، مدعومة بالتوقعات الاقتصادية المرتبطة بسياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. في صباح يوم الثلاثاء، صعد مؤشر الدولار بنسبة 0.16% ليصل إلى 105.59، مقتربًا من أعلى مستوى سجله في اليوم السابق عند 105.70، وهو أقوى مستوى له منذ الثالث من يوليو.
يشير هذا الارتفاع إلى استمرار التفاؤل بشأن الأداء الاقتصادي الأمريكي في ظل السياسات الاقتصادية التي يتوقع أن يتبعها ترامب.
خاصة في ظل التأثير المحتمل للإصلاحات الاقتصادية والضرائب والتجارة التي وعد بها. من جهة أخرى، واصلت عملة بتكوين تحقيق صعود تاريخي.
حيث تجاوزت قيمتها 73 ألف دولار، ما يعكس تزايد الاهتمام بها كأداة استثمارية تواكب التحولات الاقتصادية العالمية.
توقع العديد من المحللين أن تواصل بتكوين صعودها خلال العام.
حيث أشار كايل رودا، كبير محللي الأسواق في كابيتال دوت كوم، إلى أن بتكوين قد تنهي العام عند مستوى 100 ألف دولار، وهو ما يعكس تفاؤل المستثمرين في ظل تقلبات الأسواق المالية.
على الصعيد الآخر، تراجعت التوقعات لخفض أسعار الفائدة الأمريكية في ديسمبر.
بعد أن كانت التوقعات تشير إلى احتمال خفضها بنسبة 0.25%، مما يدعم استمرار قوة الدولار. ووفقًا لأداة “فيد ووتش” التابعة لسي.إم.إي، انخفضت احتمالات خفض الفائدة إلى حوالي 69% بعد أن كانت تشير إلى 80% قبل أسبوع.
ويُعزى ذلك إلى تأثير الرسوم الجمركية المحتملة والتهديدات المتعلقة بسياسات الهجرة التي تعهد ترامب بتطبيقها.
هذه السياسات قد تساهم في تعزيز الاقتصاد الأمريكي على المدى القصير، مما يعزز من قوة الدولار في الأسواق العالمية. في المقابل، شهدت بعض العملات الأخرى ضغوطًا. فقد تأثرت اليورو سلبًا نتيجة لحالة الغموض السياسي في ألمانيا، التي تُعد أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.
العوامل التي أدت إلى ارتفاع الدولار الأمريكي
شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، مدعومًا بعدد من العوامل الاقتصادية والسياسية التي ساهمت في تعزيز قيمته مقابل العملات الرئيسية. أحد العوامل الأساسية التي أدت إلى قوة الدولار هو التوقعات الاقتصادية حول الأداء الأمريكي في ظل السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
يتوقع العديد من المحللين أن السياسات الاقتصادية التي قد يتبعها ترامب.
مثل الإصلاحات الضريبية والتحفيزات المالية، ستؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. هذا التفاؤل بشأن الاقتصاد الأمريكي دفع العديد من المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الدولار، مما عزز من قوته في الأسواق العالمية. من جانب آخر، الزيادة في توقعات رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي ساهمت في رفع قيمة الدولار.
عندما يتوقع السوق زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، فإن هذا يعزز العوائد على الأصول المقومة بالدولار، مثل السندات الأمريكية. وبالتالي، تصبح الاستثمارات في الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين، مما يؤدي إلى زيادة الطلب عليه.
كما أن التوقعات الاقتصادية العالمية أيضًا لعبت دورًا في رفع الدولار. في وقت تتبنى فيه معظم البنوك المركزية الكبرى في العالم سياسات نقدية تيسيرية، مثل خفض أسعار الفائدة أو برامج التحفيز الكمي.
فإن الدولار يصبح أكثر جذبًا نظرًا لأن معدلات الفائدة في الولايات المتحدة تظل مرتفعة نسبياً. وهذا التباين بين السياسة النقدية الأمريكية وسياسات البنوك المركزية الأخرى يعزز من قوة الدولار ويجعله أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد أفضل.
أيضًا، التوجهات التجارية والسياسات الاقتصادية للرئيس ترامب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والسياسات التجارية قد ساهمت في رفع قيمة الدولار. فبعد أن أعلن ترامب عن خطط لتحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال سياسات تجارية قوية.
بما في ذلك فرض رسوم جمركية على بعض المنتجات المستوردة، زادت الآمال بأن هذه السياسات ستدعم الإنتاج المحلي وتعزز نمو الاقتصاد الأمريكي.
تأثير الدولار الأمريكي علي السياسة النقدية
يعد الدولار الأمريكي من أبرز العوامل التي تؤثر في السياسة النقدية على مستوى العالم، باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في التجارة الدولية. تأثير الدولار الأمريكي على السياسة النقدية يعكس تفاعلات معقدة بين البنوك المركزية، الاقتصاد الكلي، وأهداف الاستقرار المالي. فالدولار، بوصفه العملة الأكثر تداولًا في العالم.
يشكل جزءًا كبيرًا من احتياطيات العملات الأجنبية ويستخدم في تسعير العديد من السلع الأساسية، بما في ذلك النفط والذهب.
هذا الدور المركزي للدولار يجعل قرارات السياسة النقدية الأمريكية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصادات العالمية.
وبالتالي، على السياسات النقدية للبنوك المركزية الأخرى. عندما يتغير سعر صرف الدولار.
سواء بسبب التغيرات في أسعار الفائدة الأمريكية أو بسبب تحولات اقتصادية عالمية، يتعين على البنوك المركزية في مختلف البلدان تعديل سياساتها النقدية للتكيف مع هذه التغيرات.
على سبيل المثال، إذا قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة.
فإن ذلك يؤدي إلى زيادة جاذبية الدولار مقارنة بالعملات الأخرى. رفع الفائدة يزيد من العوائد على السندات الأمريكية والأصول المقومة بالدولار، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية. من جهة أخرى، يؤدي هذا الارتفاع في أسعار الفائدة إلى تدفقات مالية ضخمة إلى الولايات المتحدة.
مما يدفع البنوك المركزية في الدول الأخرى إلى التفاعل مع هذه التغيرات.
إما برفع أسعار الفائدة لمواكبة العوائد الأمريكية أو بتعديل سياساتها النقدية الأخرى لتقليل التأثيرات السلبية على عملاتها المحلية. التغيرات في قيمة الدولار تؤثر أيضًا على التضخم في الاقتصاد المحلي.
على سبيل المثال، عندما يرتفع الدولار، يصبح الاستيراد أرخص للدول التي تعتمد على السلع المستوردة.
مما يؤدي إلى تقليل الضغط التضخمي. ومع ذلك، فإن انخفاض قيمة الدولار يؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد.
مما قد يرفع مستويات التضخم، وهو ما يدفع البنوك المركزية إلى تعديل سياساتها النقدية لاحتواء التضخم المحلي.