الدولار يتراجع بسبب توقعات خفض الفائدة الأميركية

استمر الدولار الأمريكي في التراجع خلال تعاملات يوم الخميس، وسط تجدد المخاوف حيال توقعات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. هذا التراجع يعزز الرهانات على خفض كبير في سعر الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، والذي من المقرر أن يعقد اجتماعه في وقت لاحق من الشهر الجاري. يأتي هذا التراجع في ظل التوترات التي تسود الأسواق المالية العالمية، مما دفع بالين الياباني إلى الارتفاع بشكل ملحوظ كعمله ملاذ آمن.

شهد الدولار ضعفًا ملحوظًا في ظل زيادة الطلب على الين الياباني، الذي سجل ارتفاعًا بنسبة 0.26% ليصل إلى 143.36 مقابل الدولار، بعد أن بلغ أعلى مستوى له في شهر عند 143.20 في وقت سابق من الجلسة. يعد هذا الارتفاع جزءًا من الاتجاه الأوسع الذي شهدناه هذا الأسبوع، حيث تقدم الين الياباني بنسبة 1.8% حتى الآن. يشير هذا إلى أن الين يستفيد من تدفق الاستثمارات إلى الملاذات الآمنة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادية العالمية. البيانات الاقتصادية الضعيفة التي صدرت هذا الأسبوع كانت من العوامل الرئيسية التي أثرت على أداء الدولار.

حيث أظهرت البيانات أن فرص العمل في الولايات المتحدة انخفضت إلى أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات ونصف السنة في يوليو، مما يشير إلى ضعف متزايد في سوق العمل. هذا الضعف في سوق العمل يزيد من المخاوف من أن النمو الاقتصادي في أكبر اقتصاد في العالم لا يسير وفق التقديرات المتفائلة، مما يعزز التوقعات بأن البنك المركزي الأمريكي قد يلجأ إلى خفض أسعار الفائدة بشكل كبير. تزامنًا مع هذا التراجع، سجل مؤشر دولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات، ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.02% ليصل إلى 101.28 نقطة. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع الطفيف لا يعكس بالكامل التوجهات السلبية التي يشهدها الدولار في الوقت الحالي. من جانب آخر، سجل اليورو انخفاضًا بنسبة 0.05% ليصل إلى 1.1077 دولار، بينما استقر الجنيه الإسترليني عند 1.3146 دولار.

كيف تؤثر خفض الفائدة على قيمة الدولار

تُعَدّ التوقعات بخفض سعر الفائدة أحد العوامل الرئيسة التي تؤثر على قيمة الدولار الأمريكي. عندما يتوقع المستثمرون والمحللون أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة، فإن ذلك يؤدي إلى تأثيرات متعددة ومعقدة على الأسواق المالية والاقتصاد الكلي. أولاً، يُعَدّ سعر الفائدة أحد الأدوات الرئيسية التي يستخدمها البنك المركزي للتأثير على الاقتصاد. عندما يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة، يصبح الاقتراض أرخص بالنسبة للأفراد والشركات. هذا يؤدي إلى زيادة في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، حيث يمكن للأفراد أن يقترضوا المزيد من الأموال بأسعار فائدة أقل، مما يعزز النمو الاقتصادي.

ومع ذلك، هناك تأثيرات مباشرة على قيمة الدولار الأمريكي. عندما يتم خفض سعر الفائدة، يصبح الدولار الأمريكي أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب. هذا لأن العائد على الاستثمارات بالدولار، مثل السندات والأوراق المالية الأخرى، ينخفض مع انخفاض أسعار الفائدة. نتيجة لذلك، قد يقرر المستثمرون تحويل أموالهم إلى عملات أخرى تتمتع بعوائد أعلى، مما يؤدي إلى زيادة عرض الدولار في الأسواق المالية. زيادة العرض من الدولار الأمريكي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمته مقارنةً بالعملات الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، يُعَدّ خفض سعر الفائدة إشارة إلى أن الاقتصاد قد يكون في حالة ضعف أو أن هناك مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي. المستثمرون يراقبون هذه الإشارات عن كثب، وعندما يرون أن البنك المركزي يتخذ إجراءات لدعم الاقتصاد عبر خفض الفائدة، قد يفسرون ذلك على أنه مؤشر على عدم الاستقرار الاقتصادي. هذا الشعور بعدم الاستقرار يمكن أن يؤدي إلى تراجع في ثقة المستثمرين في الدولار، مما يعزز من انخفاض قيمته. من جهة أخرى، قد يكون لخفض سعر الفائدة تأثيرات غير مباشرة على الأسواق المالية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي خفض الفائدة إلى زيادة في أسعار الأصول مثل الأسهم والعقارات، حيث يستثمر الأفراد والشركات المزيد من الأموال في هذه الأصول بدلاً من الاحتفاظ بالنقود أو السندات ذات العوائد المنخفضة.

تأثير ضعف الدولار على الأسواق العالمية

تأثير ضعف الدولار على الأسواق المالية العالمية يمكن أن يكون واسع النطاق ومعقد، حيث يشمل مجموعة من الديناميكيات التي تؤثر على مختلف جوانب الاقتصاد والتمويل الدولي. عندما يضعف الدولار الأمريكي، تتفاعل الأسواق المالية بطرق متعددة تؤثر على العملات والسلع والأصول المالية والاقتصادات الأخرى. أولاً، تأثير ضعف الدولار على العملات الأخرى: عندما يضعف الدولار، تزداد قيمة العملات الأخرى مقارنةً به. هذا يعني أن العملات مثل اليورو والين والجنين الإسترليني ستصبح أكثر قوة نسبياً. الدول التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها قد تواجه صعوبات في تحقيق تنافسية الأسعار، حيث تصبح منتجاتها أغلى بالنسبة للمشترين الأجانب. بالمقابل، قد تستفيد الدول المستوردة من انخفاض تكلفة وارداتها، مما يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي في هذه الدول.

ثانيًا، تأثير ضعف الدولار على أسعار السلع: يتم تسعير معظم السلع الأساسية مثل النفط والمعادن بالعملة الأمريكية. عندما يضعف الدولار، تصبح هذه السلع أرخص بالنسبة للمستثمرين الأجانب، مما يعزز الطلب عليها. هذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية. بالنسبة للبلدان المصدرة للسلع، قد يكون هناك فرصة لزيادة الإيرادات إذا كانت أسعار السلع ترتفع. ولكن من جهة أخرى، قد تواجه الشركات التي تعتمد على هذه السلع كمكونات لمنتجاتها زيادة في التكاليف. ثالثًا، تأثير ضعف الدولار على الأسواق المالية: قد يؤدي ضعف الدولار إلى تغييرات في تدفقات الاستثمار.

المستثمرون قد يتحولون إلى الأصول المربحة الأخرى مثل الأسهم والسندات غير الأمريكية أو الأصول الملموسة مثل العقارات. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في أسعار الأصول غير الأمريكية. من ناحية أخرى، يمكن أن تتعرض الشركات الأمريكية التي تستثمر خارج الولايات المتحدة لضغوط في تقييماتها إذا كان هناك انخفاض في قيمة الدولار. رابعًا، تأثير ضعف الدولار على الدين العام: البلدان التي تمتلك ديوناً مقومة بالدولار الأمريكي قد تجد أن تكاليف خدمتها للدين ترتفع عندما يضعف الدولار.

مقالات ذات صلة