تراجع الدولار وسط تأثيرات الحرب التجارية والرسوم الجمركية

تواجه الأصول الأمريكية تهديدًا متزايدًا يتمثل في البيع المكثف من قبل المستثمرين الدوليين. هؤلاء المستثمرون يضطرون إلى التخلص من استثماراتهم بسبب المخاوف المتزايدة بشأن استقرار الدولار الأمريكي. وقد حذر جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث الصرف الأجنبي في دويتشه بنك، من تزايد القلق بشأن انهيار الثقة في الدولار. ويعتقد أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى أزمة ثقة واسعة في الاقتصاد الأمريكي.

في تصريحات له، أشار سارافيلوس إلى أن انخفاض قيمة الدولار مع هبوط الأسهم الأمريكية يمثل تحولًا غير مسبوق. وذكر أنه من غير المعتاد أن يتراجع الدولار والأسهم في وقت واحد، مما يشكل مخاطر كبيرة على الاستثمارات الأجنبية. وحذر من أن هذه الوضعية قد تؤدي إلى زيادة الخسائر في الأسواق الأوروبية على الأصول الأمريكية..

تقليديًا، لا يحتاج المستثمرون الأوروبيون إلى التحوط ضد مخاطر العملة عند استثمارهم في الأصول الأمريكية، حيث يُتوقع أن تعوض ارتفاعات الدولار الخسائر في الأسهم. لكن مع تراجع الدولار والأسهم في آن واحد، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا. قد يؤدي هذا إلى تفاقم خسائر المستثمرين الأجانب، حيث تتسارع حركة البيع في الأسواق العالمية. وفي الوقت نفسه، يهدد الوضع الحالي بتفكيك الاستثمارات التي كانت قد تم ضخها في الأصول الأمريكية خلال العقد الماضي.

التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية الأمريكية على الدولار

التراجع الكبير في قيمة الدولار لم يكن مفاجئًا كليًا، حيث زادت الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الأمريكية من تأثيراتها السلبية على الأسواق المالية. إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن فرض رسوم جمركية على المنتجات المستوردة فاجأ الأسواق وأسفر عن انخفاض الأسهم الأمريكية. كما أدت هذه السياسة إلى انخفاض كبير في قيمة الدولار الأمريكي.

ترامب أعلن عن زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الأمريكية، بالإضافة إلى فرض رسوم أعلى على بعض أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. هذا القرار دخل حيز التنفيذ في أبريل 2025، وأثر بشكل كبير في الأسواق العالمية، حيث سعى المستثمرون إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.

إجراءات انتقامية قد تزيد من تعقيد الأوضاع

ارتفاع اليورو كان من أبرز ردود الفعل، حيث سجل قفزة بنسبة 1.3% مقابل الدولار الأمريكي، ما يعكس تصاعد المخاوف من تداعيات الرسوم الجمركية. بينما ارتفعت العملات الآسيوية بوتيرة أقل، حيث هبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته في السوق المحلية. في المقابل، انخفضت العديد من العملات الأخرى في الأسواق الناشئة، مما يعكس حالة من القلق العالمي بسبب تأثيرات الرسوم الجمركية الأمريكية.

أحد المخاوف الكبيرة التي تلوح في الأفق هي احتمالية الرد من قبل شركاء الولايات المتحدة التجاريين. الدول الأوروبية على سبيل المثال، قد تتخذ إجراءات مضادة في حال استمرار التصعيد التجاري مع واشنطن. أورسولا فون دير لاين، رئيسة الاتحاد الأوروبي، حذرت من أن الرسوم الجمركية الأمريكية تشكل ضربة قوية للاقتصاد العالمي، مؤكدة استعداد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات مقابلة إذا فشلت المفاوضات مع الولايات المتحدة.

تأثير هذه الحرب التجارية لا يقتصر فقط على الدولار، بل يشمل أيضًا الانخفاض الكبير في الأسواق العالمية. البيانات الاقتصادية الضعيفة من الولايات المتحدة أسهمت في تأجيج المخاوف بشأن الركود، وأدت إلى تراجع الدولار بشكل ملحوظ. انخفض مؤشر الدولار بنسبة 4% هذا العام، وهو أدنى مستوى له منذ عدة أشهر، مما يعكس تزايد القلق بشأن الوضع الاقتصادي الأمريكي.

التحديات الاقتصادية في الولايات المتحدة بعد الرسوم الجمركية

التأثيرات المباشرة لفرض الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي بدأت تظهر جليًا. العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية شهدت تراجعًا ملحوظًا، وخصوصًا بعد الإعلان عن فرض الرسوم الجمركية، مما أضاف مزيدًا من الضغط على الدولار. وبالرغم من هذه التراجعات.

يعتقد البعض أن الوضع قد لا يصل إلى حالة الركود الكامل، خاصة إذا أبدت إدارة ترامب استعدادًا لتقليل التصعيد في المفاوضات التجارية.

لكن على الرغم من تلك التوقعات، لم تتوقف الأسواق عن التصعيد.

حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 3.6% هذا العام قبل الإعلان عن الرسوم. في المقابل، تراجعت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، ما يعكس الضغوط التي تواجها هذه الشركات بسبب تصاعد النزاع التجاري.

الولايات المتحدة أكبر الخاسر من الحرب التجارية

في خضم التصعيد المستمر في الحرب التجارية التي أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تظهر الولايات المتحدة كمستفيد غير متوقع من التحديات الاقتصادية التي تفرضها هذه السياسات. على الرغم من أن الهدف المعلن وراء الرسوم الجمركية كان حماية الاقتصاد الأمريكي وتعزيز الصناعات المحلية.

إلا أن الحقيقة تبرز في أن الولايات المتحدة قد تكون أكبر الخاسرين من هذه الإجراءات.

الآثار المباشرة على الأسواق الأمريكية

عقب إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية على الواردات الأجنبية، خصوصًا من الصين والاتحاد الأوروبي، شهدت الأسواق الأمريكية حالة من الاضطراب الشديد. انخفضت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية بنسبة 4% بعد الإعلان عن تلك الرسوم.

مما يوضح حجم التأثير الفوري لهذه الإجراءات على الأسواق المحلية. إضافة إلى ذلك، تراجعت العديد من الشركات الأمريكية الكبرى التي كانت تعتمد على التجارة الدولية، وهو ما أثار القلق بين المستثمرين.

الأسواق الأمريكية التي بدأت تعاني من الركود بالفعل قبل تطبيق الرسوم الجمركية.

واجهت ضغوطًا إضافية مع تزايد المخاوف من زيادة التضخم. ومن المتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى إضعاف القوة الشرائية في الولايات المتحدة.

حيث سترتفع أسعار السلع المستوردة نتيجة للرسوم الجمركية، مما يؤثر سلبًا على المواطن الأمريكي.

التأثير على الدولار الأمريكي

أحد الجوانب الهامة التي تبرزها الحرب التجارية هو التأثير الكبير على الدولار الأمريكي. في الوقت الذي كان يُنظر فيه إلى الدولار كعملة احتياطية عالمية وملاذ آمن، بدأ يظهر ضعف ملحوظ في قيمته أمام العديد من العملات الرئيسية. بعد فرض الرسوم الجمركية، سجل الدولار تراجعًا كبيرًا في مؤشره العام، حيث انخفض بشكل ملحوظ أمام اليورو والين الياباني.

التأثير السلبي على الدولار يعني أن تكلفة الاستيراد بالنسبة للولايات المتحدة سترتفع.

مما سيؤدي إلى مزيد من الضغط على الاقتصاد الأمريكي. في الوقت نفسه، يزيد هذا من تكلفة حياة المواطنين الأمريكيين.

وهو ما يتناقض مع أهداف الحرب التجارية التي تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.

مقالات ذات صلة