شهدت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام انخفاضاً ملحوظاً خلال الدورة الآسيوية يوم الجمعة. هذا التراجع جاء على خلفية العديد من العوامل الاقتصادية التي أثرت على السوق العالمية. ففي بورصة نيويورك التجارية، جرى تداول عقود النفط الخام لشهر ديسمبر بسعر 68.23 دولاراً أمريكياً للبرميل، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.68% عن اليوم السابق.
في وقت مبكر من الجلسة، سجلت العقود الأدنى عند مستوى 68.22 دولاراً، مما يعكس تقلبات حادة في السوق. ومن المتوقع أن يواجه النفط الخام مستويات دعم عند 66.94 دولاراً، فيما يمكن أن يواجه مستوى المقاومة عند 70.56 دولاراً للبرميل.
العوامل المؤثرة في تراجع الأسعار
لا يمكن إغفال دور مؤشر الدولار في تحركات أسعار النفط الخام. حيث تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية أخرى، بنسبة 0.10% ليستقر عند 106.71 دولاراً. يعتبر هذا التراجع في قيمة الدولار عاملاً مؤثراً في تحركات أسعار النفط.
حيث يؤدي انخفاض الدولار إلى زيادة جاذبية النفط الخام بالنسبة للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى.
من جهة أخرى، شهدت أسعار عقود نفط برنت لشهر يناير انخفاضاً أيضاً بنسبة 0.69%، ليتم تداولها عند 72.06 دولاراً للبرميل. يُذكر أن الفرق بين أسعار نفط برنت والنفط الخام شهد اتساعاً ليصل إلى 3.83 دولاراً للبرميل.
وهو ما يعكس الفارق في الجودة والخصائص بين النوعين.
التقلبات في أسواق النفط الخام والآفاق المستقبلية
تستمر أسواق النفط الخام في مواجهة تقلبات كبيرة، وهو ما يعكس حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق العالمية. في حين أن هناك من يرى أن الأسواق قد تجد دعماً من تطورات اقتصادية معينة، يرى آخرون أن السوق قد يواجه المزيد من الضغوط في حال استمرار التوترات الجيوسياسية أو حدوث تغييرات مفاجئة في السياسات الاقتصادية الكبرى.
على سبيل المثال، لا يزال تأثير الأزمات السياسية والاقتصادية في بعض الدول المنتجة للنفط.
مثل الولايات المتحدة وروسيا، يشكل تهديداً لاستقرار الأسعار. كذلك، تساهم عوامل أخرى مثل الإنتاج العالمي وتحولات الطلب في تشكيل الاتجاهات المستقبلية للأسعار.
توقعات المحللين لأسواق النفط
ينبغي مراقبة التطورات في أسواق النفط بعناية خلال الفترة القادمة.
حيث يتوقع العديد من المحللين أن تستمر أسعار النفط في تقلباتها الراهنة. في حين أن هناك من يرى أن الأسواق قد تستعيد عافيتها وتعود للارتفاع مع تحسن التوقعات الاقتصادية في بعض المناطق.
يشير آخرون إلى أن العوامل المؤثرة في العرض والطلب قد تضغط على الأسعار بشكل أكبر.
من بين هذه العوامل، يُعتبر تغير السياسات النفطية لبعض الدول المنتجة، بالإضافة إلى مستوى الإنتاج والطلب العالمي، من أبرز المحركات التي تحدد مسار السوق. كما أن تغيرات أسعار الدولار الأمريكي قد تساهم في تحديد اتجاهات النفط في المستقبل القريب.
الاستقرار النسبي أو الارتفاع المعتدل: العديد من المحللين يتوقعون أن تستمر أسعار النفط في التقلبات المستمرة على المدى القصير.
مع تحركات صعودية طفيفة مدفوعة بتقليص الإنتاج من قبل أوبك+، والمخاوف الجيوسياسية.
والطلب المتزايد من بعض الأسواق الكبرى مثل الصين والهند. على الرغم من ذلك، يُتوقع أن تظل الأسعار محكومة بنطاق معين، خاصة في ظل توقعات بزيادة العرض من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
التوقعات على المدى الطويل
توقعات بتقلبات كبيرة في الأسعار: على المدى الطويل، يشير العديد من المحللين إلى أن أسواق النفط ستستمر في مواجهة تقلبات حادة بسبب التغيرات في الطلب والعرض، خاصة مع الانتقال العالمي نحو مصادر طاقة بديلة. في الوقت نفسه، زيادة الطلب على النفط في اقتصادات الأسواق الناشئة (مثل الهند والصين) قد يبقي الأسعار في مستويات مرتفعة نسبيًا، ولكن التحديات البيئية قد تدفع إلى تقليص الطلب في البلدان المتقدمة.
المخاوف من ارتفاع الإنتاج الأمريكي
فيما يخص الإنتاج الأمريكي، قد يشهد السوق مزيداً من التحديات في حال استمرار الارتفاع في إنتاج النفط الصخري. زيادة الإنتاج الأمريكي قد تؤدي إلى تدفق المزيد من النفط الخام إلى الأسواق، مما يزيد من الضغوط على الأسعار. من جهة أخرى، قد تسهم قرارات تحالف أوبك + في تحديد مستويات الإنتاج التي قد تسهم في استقرار الأسعار.
التغيرات في سياسة أوبك+
قد يكون لها تأثيرات كبيرة على الأسواق العالمية، حيث تلعب هذه المجموعة دورًا رئيسيًا في تحديد مستوى الإنتاج العالمي للنفط وأسعاره. إليك بعض التأثيرات المحتملة للتغيرات في سياسة أوبك+:
1: تأثيرات على أسعار النفط العالمية
زيادة الإنتاج إذا قررت أوبك+ زيادة إنتاج النفط، قد يؤدي ذلك إلى فائض في العرض مما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط. هذا يمكن أن يكون مفيدًا للمستهلكين ويؤدي إلى تخفيض تكاليف الطاقة على مستوى العالم.
ولكنه قد يضر بالاقتصادات التي تعتمد على إيرادات النفط كالسعودية وروسيا.
خفض الإنتاج من جهة أخرى، إذا قررت أوبك+ خفض الإنتاج بهدف دعم الأسعار، فإن ذلك قد يرفع أسعار النفط عالميًا. هذا قد ينعكس سلبًا على الاقتصادات المستهلكة للطاقة مثل الدول الكبرى الصناعية والاقتصادات النامية التي تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة.
2: التأثير على الاقتصادات الكبرى
الدول المستهلكة: ارتفاع أسعار النفط بسبب خفض الإنتاج من قبل أوبك+ قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الطاقة، مما يعزز معدلات التضخم في الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. هذا يمكن أن يعوق النمو الاقتصادي ويزيد من الضغط على البنوك المركزية للتدخل بزيادة أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
الدول المنتجة للنفط: في المقابل، الدول المصدرة للنفط مثل السعودية وروسيا قد تستفيد من ارتفاع الأسعار إذا قررت أوبك+ تقليص الإنتاج. سيعزز ذلك إيرادات هذه الدول، مما يساعد في تمويل مشاريعها التنموية أو مواجهة التحديات المالية.
3: التأثير على الاستثمارات في الطاقة المتجددة
دعم للوقود الأحفوري: إذا ارتفعت أسعار النفط نتيجة لخفض الإنتاج من أوبك+، فقد يقلل ذلك من الحوافز للاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات البديلة. بينما يتطلع العالم بشكل متزايد إلى التحول للطاقة النظيفة، فإن أسعار النفط المرتفعة قد تُبقي على اعتماد بعض الدول على الوقود الأحفوري.
ضغط على التحول الأخضر: في بعض الحالات، قد يشجع ارتفاع أسعار النفط الدول والشركات على البحث عن مصادر بديلة للطاقة. من ناحية أخرى، قد يؤخر ذلك التحول إلى الطاقة المتجددة في البلدان التي يمكنها تحمل التكاليف المرتفعة للنفط.