الأسواق الآسيوية: أداء متباين وسط تفاؤل حذر بشأن التجارة والاقتصاد

شهدت الأسواق الآسيوية أداءً متباينًا يوم الخميس، حيث ارتفعت معظم المؤشرات بشكل طفيف، مدفوعة بتصريحات أمريكية مشجعة حول التجارة. ومع ذلك، ظل المستثمرون حذرين بسبب عدم وضوح التفاصيل المتعلقة بتلك التصريحات.

اليابان تقود المكاسب بفضل محادثات التجارة

سجلت الأسواق اليابانية أفضل أداء خلال الجلسة، حيث ارتفع مؤشر نيكي 225 بنسبة 1%، بينما صعد مؤشر توبكس بنسبة 0.8%. جاء هذا الارتفاع بعد تقارير إعلامية أفادت بأن وزير الإنعاش الاقتصادي الياباني، ريوسي أكازاوا، سيزور الولايات المتحدة لاحقًا هذا الشهر لإجراء جولة ثانية من المفاوضات التجارية.

رغم تأكيد مسؤولين أمريكيين على عدم منح اليابان معاملة خاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، واصل الوزراء اليابانيون دعواتهم لخفض تلك الرسوم وتحقيق اتفاقيات تجارية أكثر شفافية.

أسهم شركات السيارات اليابانية تنتعش

ارتفعت أسهم شركات صناعة السيارات اليابانية، التي كانت من المتوقع أن تتأثر سلبًا برسوم ترامب الجمركية، بعد تقارير أشارت إلى احتمال استثناء مكونات السيارات من الرسوم البالغة 25%. ارتفع سهم تويوتا موتور بأكثر من 5%، مستفيدًا أيضًا من خطط توسيع مصنع أمريكي. كما صعد سهم هوندا موتور بنسبة 2%.

أداء قوي لأسهم التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية

من بين الأسهم اليابانية الأخرى، ارتفعت أسهم نينتندو بأكثر من 5%، مدفوعة بتوقعات قوية للطلب على جهاز Switch 2 القادم. كما صعدت أسهم شركة رينيساس إلكترونيكس بنسبة 1.1%، رغم تسجيلها أرباحًا أضعف في الربع الثالث من مارس.

أداء مختلط في بقية الأسواق الآسيوية

شهدت الأسواق الآسيوية الأخرى أداءً متباينًا. ارتفع مؤشر ASX 200 الأسترالي بنسبة 0.6%، بينما أضاف مؤشر ستريتس تايمز السنغافوري 0.3%. في الصين، ارتفع مؤشرا شنغهاي وشنجن CSI 300 وشنغهاي المركب بنحو 0.5% لكل منهما. في المقابل، انخفض مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.4% نتيجة جني الأرباح في أسهم الإنترنت الصينية الرئيسية.

ترقب لنتائج الشركات الصينية الكبرى

من المقرر أن تعلن العديد من الشركات الصينية الكبرى عن أرباحها الفصلية هذا الأسبوع، بما في ذلك شركة BYD المنافسة لشركة Tesla وشركة PetroChina، حيث من المتوقع أن تعلن كل منهما عن أرباحها يوم الجمعة.

كوريا الجنوبية: تراجع في السوق بسبب ضعف الناتج المحلي الإجمالي

انخفض مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بنسبة 0.6%، متخلفًا عن نظرائه بعد أن أظهرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي انكماشًا غير متوقع في الاقتصاد في الربع الأول. انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% على أساس ربع سنوي و0.1% على أساس سنوي، حيث أدت الاضطرابات التجارية المتزايدة الناجمة عن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب إلى تقليص صادرات كوريا الجنوبية الرئيسية.

أداء شركة SK Hynix وسط التحديات الاقتصادية

رغم الأرباح القوية لشركة SK Hynix، أثرت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الضعيفة على أداء السوق الكوري. أعلنت الشركة عن نتائج فصلية إيجابية، مدفوعة بارتفاع الطلب على رقائق الذاكرة المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. لكن، ورغم هذه النتائج، تراجعت أسهم SK Hynix بشكل طفيف خلال جلسة الخميس. يعكس هذا الانخفاض قلق المستثمرين من تباطؤ الاقتصاد، خاصة مع انكماش النمو في الربع الأول. في الوقت نفسه، استمرت الشركة في جذب اهتمام الأسواق بفضل دورها كمورد رئيسي لإنفيديا. يعزز هذا الموقع الاستراتيجي من قوتها وسط ازدهار تطبيقات الذكاء الاصطناعي عالميًا. مع ذلك، يبدو أن المخاوف الاقتصادية طغت على الحماسة بشأن الأرباح.

التصريحات الأمريكية تربك الأسواق وتقلل من الزخم الإيجابي

رغم التفاؤل المؤقت الذي أشعلته تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سرعان ما تراجعت ثقة المستثمرين. ألمحت إدارة بايدن لاحقًا إلى أن تخفيف الرسوم الجمركية على الصين ما يزال بعيدًا عن التنفيذ الفعلي. أثار هذا التناقض بين التصريحات الرسمية تساؤلات حول مدى جدية واشنطن في إنهاء التوترات التجارية. كما ساهمت تصريحات متباينة من مسؤولين أمريكيين كبار في تغذية الحذر داخل الأسواق العالمية. زاد الغموض بعد أن شدد البيت الأبيض على ضرورة أن تُظهر بكين “مبادرة ملموسة” في الحوار التجاري.

نظرة مستقبلية: تفاؤل حذر وسط تحديات قائمة

حتى الآن، لم تصدر إشارات واضحة من الجانب الصيني بشأن استجابة محتملة لهذه الدعوات. في المقابل، تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية تدريجيًا خلال جلسة التداول الآسيوية. يعكس هذا التراجع تبدد آمال المستثمرين في إبرام اتفاق قريب بين أكبر اقتصادين في العالم. كما أثر هذا المناخ المتوتر على شهية المخاطرة، مما قلص مكاسب العديد من الأسواق الآسيوية. تُظهر هذه التحولات السريعة مدى تأثر الأسواق بلهجة التصريحات الرسمية، حتى دون اتخاذ قرارات ملموسة.

تسود الأسواق الآسيوية حالة من التفاؤل الحذر، مدفوعة بتطورات تجارية إيجابية جزئيًا، لكنها محاطة بظروف اقتصادية وجيوسياسية متقلبة. في الوقت الحالي، يتمسك المستثمرون بالأمل في إمكانية إحراز تقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، خاصة اليابان والصين. إلا أن الغموض ما يزال يلف تفاصيل أي اتفاق محتمل، مما يجعل الثقة محدودة.

في المقابل، تبرز إشارات تباطؤ اقتصادي من بعض الاقتصادات الآسيوية الكبرى، مثل كوريا الجنوبية، كمصدر قلق رئيسي. الانكماش المفاجئ في ناتجها المحلي يعكس ضعف الطلب العالمي وتراجع الصادرات، ما قد يؤثر على المزاج العام في الأسواق الإقليمية.

من جانب آخر، تُلقي نتائج الشركات المرتقبة هذا الأسبوع في الصين بظلالها على اتجاهات السوق، خاصة مع ارتفاع التوقعات بشأن قطاعات التكنولوجيا والطاقة. كما تظل تقلبات الأسواق مدفوعة بعوامل متشابكة، تتراوح بين أداء وول ستريت، واتجاهات السياسة النقدية العالمية، وتوترات جيوسياسية متصاعدة، خاصة في الشرق الأوسط وآسيا.

في ظل هذه الصورة المعقدة، يوصي محللون بالحذر، والتركيز على جودة الأصول والقطاعات ذات النمو المستقر. كما تؤكد البنوك الاستثمارية على أهمية تنويع المحافظ الاستثمارية وتقليل الاعتماد على الأخبار القصيرة الأجل.

على المدى القصير، تبقى الأسواق معرضة لتقلبات قوية. غير أن تحسن البيانات الاقتصادية العالمية أو إحراز تقدم ملموس في محادثات التجارة قد يعيد الزخم إلى الأسهم الآسيوية. حتى ذلك الحين، يظل التوازن بين الفرص والمخاطر دقيقًا للغاية.

مقالات ذات صلة