عدل بنك باركليز توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني خلال الربع الأول من عام 2025. رفع البنك التقدير من 0.2% إلى 0.7% على أساس ربع سنوي، بعد صدور بيانات إيجابية في فبراير. أظهرت بيانات شهر فبراير نموًا شهريًا بنسبة 0.5%، مما عزز التفاؤل بتحسن الأداء الاقتصادي. و يُعزى هذا النمو إلى ارتفاع الصادرات نحو الولايات المتحدة، مدفوعة بمخاوف من رسوم جمركية مرتقبة.
من جهة أخرى، حافظ البنك على تقديراته للأنشطة الاقتصادية في ما بعد الربع الأول دون تغيير. يعود السبب لتأثير الرسوم الجمركية التي من المتوقع تطبيقها خلال الربع الثاني من العام الجاري.
أداء قوي لقطاعات الخدمات والإنتاج والبناء
كشف التقرير المفصل للناتج المحلي الإجمالي عن نمو واسع شمل مختلف القطاعات الاقتصادية. و ساهمت قطاعات الخدمات والصناعة والبناء بشكل كبير في دفع النمو الاقتصادي البريطاني للأعلى. و ارتفعت صادرات السلع البريطانية إلى الولايات المتحدة بمقدار 0.5 مليار جنيه إسترليني في فبراير. ويُعزى ذلك إلى اندفاع الشركات نحو التصدير المبكر تحسبًا للتغييرات المرتقبة في السياسة التجارية. لكن بنك باركليز يرى أن هذا النشاط التصديري يظل مؤقتًا ولا يعكس طلبًا طويل الأجل. وتوقع البنك أن يتراجع زخم الصادرات في الأشهر القادمة عند بدء تنفيذ الرسوم الجمركية رسميًا.
سوق العمل يظهر إشارات ضعف
على الرغم من النمو، لاحظ البنك تراجعًا في مؤشرات سوق العمل البريطاني خلال الربع الأول. زادت إخطارات التسريح، بينما انكمشت فرص العمل الدائم، مما أثار بعض المخاوف الاقتصادية. تشير التقديرات إلى أن معدل البطالة قد ينخفض إلى 4.3% في فبراير، وهو تراجع طفيف مقارنة بالشهر السابق. لكن هذا الانخفاض لا يُفسر على أنه تحسن حقيقي في التوظيف، بل يعكس ركودًا في ديناميكية السوق.
تباطؤ متوقع في نمو الأجور
يتوقع باركليز تباطؤ نمو أجور العاملين في القطاع الخاص خلال الأشهر المقبلة. أشار البنك إلى احتمال انخفاض معدل نمو الأجور إلى 5.9% على أساس سنوي. ويُرجح أن يؤدي هذا التباطؤ إلى تراجع القدرة الشرائية للأسر، خاصة مع بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة. بالإضافة إلى ذلك، قد يزيد هذا من الضغوط على المستهلكين، ويحد من الإنفاق الاستهلاكي المحلي.
التضخم تحت المجهر
يرى باركليز أن التضخم ما يزال يمثل تحديًا، رغم بوادر الانخفاض الأخيرة. توقع البنك تراجع معدل التضخم العام لأسعار المستهلك إلى 2.7% في مارس، مقارنة بـ 2.8% في فبراير. و يعزى هذا التراجع إلى تباطؤ طفيف في تضخم السلع الأساسية، إلى جانب انخفاض في تضخم الخدمات. لكن وتيرة التراجع تظل بطيئة، وهو ما قد يدفع بنك إنجلترا إلى التريث في قرارات خفض الفائدة.
قراءة مستقبلية لسياسات بنك إنجلترا
من المتوقع أن تناقش لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا تأثير الرسوم الجمركية خلال اجتماعها القادم. يرى بنك باركليز أن تأثير الرسوم سيكون انكماشيًا في صافي تأثيره، ما قد يُقلّل الضغوط التضخمية. ومع ذلك، امتنعت اللجنة عن تقديم تصريحات واضحة حول طبيعة هذا التأثير على التضخم. يُفسر هذا الغموض كدليل على استمرار الحذر في اتخاذ قرارات نقدية مؤثرة.
توازن بين التفاؤل والحذر
يُظهر تحديث باركليز مزيجًا من الثقة والقلق في آنٍ واحد. من جهة، دعمت بيانات فبراير القوية تعديل توقعات النمو نحو الأعلى.
لكن من جهة أخرى، بقيت عوامل الخطر قائمة، خصوصًا من جانب التجارة والتوظيف. تُعَدُّ زيادة الصادرات عاملًا إيجابيًا مؤقتًا، لا يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً. ذلك لأن هذه الزيادة جاءت بدافع القلق من الرسوم الجمركية الأمريكية المقبلة.
في الوقت ذاته، أظهرت سوق العمل إشارات واضحة على التباطؤ. زادت عمليات التسريح، بينما انخفضت فرص التوظيف بشكل ملحوظ بالإضافة إلى ذلك، يؤثر تباطؤ نمو الأجور سلبًا على الإنفاق المحلي وثقة المستهلكين.
صورة اقتصادية مختلطة في بداية 2025
تُظهر بداية عام 2025 مزيجًا من التقدم والضغوط الاقتصادية. رغم النمو السريع في الربع الأول، تلوح تحديات قادمة في الأفق.
يرى بنك باركليز أن التضخم يسلك اتجاهًا هبوطيًا بطيئًا، لكنه يظل تحت السيطرة. كما يُتوقع أن تتعامل لجنة السياسة النقدية مع التطورات بحذر شديد وقرارات متوازنة. مع ذلك، تفرض الشكوك التجارية والركود المحتمل في سوق العمل ضغوطًا إضافية على الاقتصاد. ويظل الموقف العام متسمًا بتوازن بين التفاؤل الحذر والقلق المشروع.
من ناحية أخرى، يعكس التباطؤ المتوقع في الأسعار فرصة لتحقيق توازن أفضل. حيث يُمكن للجنة السياسة النقدية استخدام هذا الهامش لضبط أسعار الفائدة بحذر. ومع استقرار مؤشرات التضخم، قد يتحسن المزاج الاستثماري إذا هدأت التوترات التجارية. لكن، من المبكر التنبؤ بتحول كامل في الاتجاه الاقتصادي قبل اتضاح السياسة الأميركية.
يُتوقع أن تتأثر ثقة الشركات والمستهلكين بالتقلبات التجارية العالمية. رغم استقرار التضخم نسبيًا، يظل الضغط قائمًا بسبب تأثير الرسوم الجمركية القادمة. كما أن ضعف سوق العمل، إلى جانب تباطؤ نمو الأجور، قد يُقلل من الإنفاق المحلي. بنك إنجلترا سيواجه تحديًا في ضبط السياسة النقدية، دون التأثير سلبًا على النمو.
أبرز المؤشرات:
- الناتج المحلي الإجمالي: سجل نموًا بنسبة 0.7% في الربع الأول من 2025.
- الصادرات: ارتفعت مؤقتًا بفعل توقعات رسوم جمركية أمريكية.
- سوق العمل: أظهرت البيانات تراجعًا في التوظيف وزيادة إخطارات التسريح.
- نمو الأجور: يُتوقع انخفاضه إلى 5.9% سنويًا في القطاع الخاص.
- التضخم: انخفض بشكل طفيف إلى 2.7% خلال مارس.
- السياسات النقدية: يُتوقع تقييم انكماشي لتأثير الرسوم الجمركية على المدى القصير. تعكس المؤشرات الاقتصادية حالة عدم يقين تستوجب المراقبة الدقيقة. وتبقى استجابة بنك إنجلترا والعوامل الخارجية عوامل حاسمة لمسار النمو المستقبلي في المملكة المتحدة.