تجدد المخاوف حيال فجوة أسعار الفائدة وهبوط الإسترليني

في يوم الجمعة، شهد الجنيه الإسترليني تراجعاً ملحوظاً في الأسواق الأوروبية، حيث سجل أدنى مستوى له في أربعة أسابيع مقابل الدولار الأمريكي، مما عمق خسائره لليوم الثاني على التوالي. هذا التراجع يهدد بتكبيد الجنيه الإسترليني ثالث خسارة أسبوعية له على التوالي. يأتي هذا التدهور بعد قرار بنك إنجلترا الأخير بخفض أسعار الفائدة، وهو أول خفض يشهده الاقتصاد البريطاني منذ عام 2020. القرار يعكس بدء دورة التيسير النقدي في المملكة المتحدة، وهو ما أثار مخاوف جديدة حول اتساع فجوة أسعار الفائدة بين بريطانيا والولايات المتحدة.

تجددت المخاوف بشكل خاص نظراً للفجوة المتزايدة بين أسعار الفائدة في البلدين. إذا استمر بنك إنجلترا في اتخاذ خطوات إضافية نحو خفض أسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام، فإن الفجوة بين أسعار الفائدة البريطانية والأمريكية قد تتسع بشكل أكبر، مما يزيد من الضغوط على الجنيه الإسترليني.

أنهى الجنيه الإسترليني تعاملات يوم الخميس منخفضًا بنسبة 0.9% مقابل الدولار الأمريكي، مسجلاً أكبر خسارة يومية منذ 10 أبريل الماضي. هذا الانخفاض جاء نتيجة لنتائج اجتماع السياسة النقدية الدوري لبنك إنجلترا. وعلى مدار تعاملات هذا الأسبوع، والتي ستُختتم رسميًا عند تسوية الأسعار اليوم، سجل الجنيه الإسترليني تراجعاً بنحو 1.25% مقابل الدولار الأمريكي. هذا التراجع يعكس تكبّد الجنيه الإسترليني لثالث خسارة أسبوعية على التوالي، وأكبر خسارة أسبوعية منذ أوائل أبريل الماضي، نتيجة لمخاوف متزايدة بشأن فجوة أسعار الفائدة بين بريطانيا والولايات المتحدة.

تماشيًا مع التوقعات، خفض بنك إنجلترا يوم الخميس أسعار الفائدة البريطانية بنحو 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00%. ويُعد هذا أول خفض لأسعار الفائدة البريطانية منذ مارس 2020، وذلك في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا. وفى الاجتماع السابق فى 20 يونيو الماضي، ثبت بنك إنجلترا أسعار الفائدة البريطانية دون أي تغيير عند نطاق 5.25% كأعلى مستوي منذ عام 2008، وذلك للاجتماع السابع على التوالي.

خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر

قال بنك إنجلترا يوم الخميس إنه من المناسب الإبقاء على السياسات النقدية مشددة لفترة كافية حتى تتبدد المخاطر التي تهدد بعودة التضخم إلى هدف 2% بشكل مستدام على المدى المتوسط. في التصويت الأخير، انضم كل من بيلي وبريدن ولومبارديلي إلى رامسدن ودهينجرا في دعم قرار خفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، استمر كل من بيل وجرين وهاسكيل ومان في دعم الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة عند 5.25%.

يعتقد بنك إنجلترا أنه يمكنه خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر دون أن يؤدي ذلك إلى تأجيج التضخم، لكنه يحذر من أن هناك ميلًا صعوديًا في توقعاته. كما أشار البنك إلى أن الضغوط التضخمية في الوقت الراهن كانت إلى حد كبير محلية بطبيعتها. من جانبه، قال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، يوم الخميس إن قرار خفض أسعار الفائدة كان متوازنًا، وأكد أنه كان من المناسب تعديل مستوى تشديد السياسة النقدية قليلاً في هذا الاجتماع.

وأضاف بيلي: “من المتوقع أن تشهد معدلات التضخم زيادة جديدة قبل أن تبدأ في التباطؤ نحو هدف بنك إنجلترا. قد يرتفع التضخم في أغسطس، ثم يتباطأ بعد ذلك لبقية العام.” وأوضح بيلي أن “هدف بنك إنجلترا الأساسي هو إعادة التضخم إلى مستوى هدفه في الوقت المناسب. من المتوقع أن يعود التضخم إلى هدف 2% بحلول منتصف عام 2025، ومن الضروري التأكد من أن السياسة النقدية تبقى مشددة بدرجة كافية لتحقيق هذا الهدف.”

عند سؤاله عن إمكانية الاستمرار في خفض أسعار الفائدة بعد بدء دورة التيسير النقدي، قال أندرو بيلي إنه لن يقدم أي توقعات بشأن مسار أسعار الفائدة المستقبلية، وأضاف أن “بنك إنجلترا سيتخذ قراراته بناءً على البيانات المتاحة اجتماعاً تلو الآخر.

فجوة أسعار الفائدة بعد قرار بنك إنجلترا

بعد قرار بنك إنجلترا، اتسعت الفجوة في أسعار الفائدة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى 50 نقطة أساس لصالح أسعار الفائدة الأمريكية، وهي أعلى فجوة منذ مايو 2023. هذا التباين يعزز فرص الاستثمار في الدولار الأمريكي مقابل الجنيه الإسترليني.

تأثير قرار بنك إنجلترا على الفجوة بين أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة والتطورات الأخيرة في السياسة النقدية لبنك إنجلترا:

في سياق التيسير النقدي الأخير، قام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ بداية جائحة كورونا في مارس 2020، حيث خفضها بنحو 25 نقطة أساس إلى 5.00%. هذا القرار يعكس تحولًا ملحوظًا في السياسة النقدية للبنك، والذي كان من المتوقع أن يحافظ على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لمكافحة التضخم.  اذ يهدف بنك إنجلترا من خلال هذا الخفض إلى دعم الاقتصاد في مواجهة الضغوط التضخمية ومخاوف الركود المحتملة. ومع ذلك، فإن هذا القرار قد يؤثر بشكل كبير على قيمة الجنيه الإسترليني.

اتساع فجوة أسعار الفائدة :بعد إعلان بنك إنجلترا، اتسعت الفجوة في أسعار الفائدة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى 50 نقطة أساس. كانت هذه الفجوة هي الأعلى منذ مايو 2023، مما يعكس الفرق الكبير في السياسة النقدية بين البنكين المركزيين.

التأثير على الدولار الأمريكي:

  1. تعزيز جاذبية الدولار الأمريكي: الفجوة المتزايدة في أسعار الفائدة تعزز من جاذبية الدولار الأمريكي للمستثمرين. عندما تكون أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أعلى من تلك في بريطانيا، يميل المستثمرون إلى تحويل استثماراتهم إلى الأصول المقومة بالدولار، مما يدعم قيمة الدولار.
  2. الاستثمار في الدولار الأمريكي: التباين في أسعار الفائدة يمكن أن يزيد من الطلب على الدولار الأمريكي كملاذ آمن. المستثمرون قد يسعون إلى الاستفادة من العوائد المرتفعة التي يوفرها الدولار الأمريكي مقارنة بالجنيه الإسترليني.
  3. تأثير على الأسواق المالية: توسع فجوة أسعار الفائدة قد يساهم في تقلبات إضافية في أسواق العملات. قد يؤدي هذا إلى تقلبات في أسعار صرف العملات الأخرى، وكذلك في أسواق السلع الأساسية مثل النفط والذهب، حيث يرتبط سعر السلع بالدولار.

التوقعات التضخمية و التأثيرات العالمية

بحسب تصريحات أندرو بيلي، من المتوقع أن يرتفع التضخم في المملكة المتحدة في المدى القريب قبل أن يبدأ في التباطؤ نحو هدف بنك إنجلترا البالغ 2%. تتطلب هذه التوقعات متابعة دقيقة للبيانات الاقتصادية القادمة، حيث سيؤثر التضخم المستمر على قرارات السياسة النقدية المستقبلية لبنك إنجلترا.

السياسة النقدية المستقبلية: بنك إنجلترا قد يستمر في تعديل سياسته النقدية بناءً على البيانات الاقتصادية القادمة. إذا استمرت الضغوط التضخمية أو تدهورت الظروف الاقتصادية، قد يتعين على البنك اتخاذ مزيد من الإجراءات لتعديل أسعار الفائدة.

التأثيرات العالمية:

الأسواق العالميه :التغيرات في أسعار الفائدة بين الدول الكبرى يمكن أن تؤثر أيضًا على الأسواق العالمية. على سبيل المثال، ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى تدفقات رأس المال إلى الأسواق الأمريكية، مما يؤثر على الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على التمويل بالدولار.

عملات الأسواق الناشئة: الفجوة المتزايدة في أسعار الفائدة قد تضغط على عملات الأسواق الناشئة التي تعتمد على التمويل بالدولار الأمريكي. قد تجد هذه العملات صعوبة في الحفاظ على قيمتها مقابل الدولار، مما يؤدي إلى زيادة التقلبات في أسواق الصرف.

قرار بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة قد يكون له تأثيرات واسعة على الجنيه الإسترليني وسوق الصرف العالمي. مع اتساع فجوة أسعار الفائدة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، من المتوقع أن يظل الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر جذباً للاستثمار. بينما يستمر بنك إنجلترا في متابعة الوضع الاقتصادي واتخاذ قرارات السياسة النقدية بناءً على البيانات المتاحة، سيظل المتداولون والمستثمرون يقيمون تأثيرات هذه التحولات على أسواق المال والعملات.

مقالات ذات صلة