خفض سعر الفائدة الرسمي في نيوزيلندا مع استمرار التحديات الاقتصادية

خفضت لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة الرسمي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4.25%. يأتي هذا القرار في وقت شهد فيه معدل التضخم السنوي انخفاضًا ليصبح قريبًا من نقطة المنتصف لنطاق هدف اللجنة، الذي يتراوح بين 1 و3%. كما أن توقعات التضخم أصبحت قريبة من الهدف، بينما يقترب التضخم الأساسي من النقطة نفسها. في حال استمر الوضع الاقتصادي كما هو متوقع، تتوقع اللجنة إمكانية خفض سعر الفائدة الرسمي بشكل إضافي في بداية العام المقبل.

على الرغم من هذه التطورات الإيجابية، لا يزال النشاط الاقتصادي في نيوزيلندا ضعيفًا. الناتج المحلي الإجمالي لا يزال أقل من إمكانياته، ويظهر فائض في الطاقة الإنتاجية في الاقتصاد. هذا الفائض ساهم في تخفيف ضغوط التضخم. كما أن سلوكيات تحديد الأسعار والأجور محليًا أصبحت متوافقة مع مستوى التضخم الذي يقترب من نقطة المنتصف المستهدفة. من جهة أخرى، أسهم انخفاض سعر الواردات في خفض التضخم العام، مما يعكس حالة الاستقرار التي يسعى إليها الاقتصاد.

يتوقع أن يتعافى النمو الاقتصادي في نيوزيلندا بحلول عام 2025، حيث تدعم أسعار الفائدة المنخفضة الاستثمار وتعزز الإنفاق. ومع ذلك، من المتوقع أن يستمر نمو العمالة في الضعف حتى منتصف عام 2025. ويُتوقع أيضًا أن يستغرق تخفيف الضغوط المالية بعض الوقت في بعض البلدان، مما قد يحد من سرعة التعافي في أسواق العمل.

على الصعيد العالمي، من المتوقع أن يظل النمو الاقتصادي ضعيفًا في الأمد القريب، في ظل تزايد التقلبات الناجمة عن الظروف الجيوسياسية وعدم اليقين السياسي. هذه العوامل قد تؤدي إلى زيادة التقلبات الاقتصادية والتضخمية في المدى المتوسط.

وفي هذا السياق، اتفقت لجنة السياسة النقدية على أن استمرار التضخم بالقرب من منتصف النطاق المستهدف يعزز قدرة الاقتصاد على التكيف مع أي صدمات تضخمية قد تطرأ مستقبلاً.

ملخص محضر الاجتماع – نوفمبر 2024

حافظ التضخم في أسعار المستهلك على استقراره ضمن النطاق المستهدف للجنة السياسة النقدية الذي يتراوح بين 1% و3%. كما تقترب مقاييس التضخم الأساسي من نقطة المنتصف للنطاق، مما يعكس استدامة الاستقرار الاقتصادي. ساعدت السياسة النقدية التقييدية والنشاط الاقتصادي الضعيف في الخارج على تباطؤ الطلب المحلي. بالإضافة إلى ذلك، أسهمت أسعار الواردات المنخفضة في تقليل التضخم العام، مما يعزز الأمل في تحقيق أهداف التضخم بشكل مستدام. تشير التوقعات المستقبلية إلى أن نوايا التسعير لدى الشركات والقدرة الإنتاجية الاحتياطية تتوافق مع الهدف المطلوب. هذا يعطي لجنة السياسة النقدية الثقة للمضي قدمًا في تخفيف قيود السياسة النقدية.

من ناحية أخرى، يُتوقع أن يظل النشاط الاقتصادي العالمي ضعيفًا في المستقبل القريب. يُتوقع أن تتباطأ معدلات النمو في كل من الولايات المتحدة والصين خلال العام المقبل، فيما تبقى التوقعات للنمو في أوروبا بطيئة أيضًا. في معظم البلدان المتقدمة، اقترب التضخم العام من المستوى المستهدف، ولكن يبقى بعض الثبات في التضخم في قطاع الخدمات. تعمل البنوك المركزية حول العالم على خفض أسعار الفائدة، لكن وتيرة هذا التخفيض تختلف من دولة لأخرى تبعًا للاختلافات في الظروف الاقتصادية.

ومع تزايد مستويات الديون السيادية العالمية بشكل ملحوظ منذ عام 2020، تستمر هذه الديون في التوسع. هذه الزيادة تشكل مخاطر قد تؤدي إلى ارتفاع عائدات السندات العالمية. من المحتمل أن يتسبب ذلك في زيادة علاوات المخاطرة في أسواق المال العالمية، مما قد يعزز التحديات الاقتصادية في المستقبل.

يُتوقع أن تؤثر هذه العوامل في قرارات السياسة النقدية للدول الكبرى في الفترة المقبلة. ستكون الحاجة إلى توازن دقيق بين تحفيز النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم أمرًا بالغ الأهمية. في الوقت نفسه، سيواصل صانعو السياسات مراقبة المخاطر المتزايدة الناجمة عن التضخم في قطاع الخدمات، وارتفاع مستويات الديون، واستمرار التقلبات الاقتصادية العالمية.

من المتوقع أن يواصل النشاط الاقتصادي العالمي الضعف، بينما تسعى الاقتصادات الكبرى إلى تحسين استراتيجياتها لمواجهة التحديات الاقتصادية القادمة.

وجود طاقة إنتاجية فائضة كبيرة خلال العام المقبل

من المتوقع أن تشهد نيوزيلندا طاقة إنتاجية فائضة كبيرة خلال العام المقبل. لا يزال النشاط الاقتصادي المحلي دون المستوى المطلوب، حيث يعاني من ضعف الطلب على السلع المعمرة والاستثمار فيها. انعكس هذا الضعف في انخفاض النشاط في القطاعات الحساسة لأسعار الفائدة مثل البناء والتصنيع وتجارة التجزئة. ومع ذلك، استمرت بعض قطاعات الخدمات في النمو، مما يعكس تباينًا بين القطاعات المختلفة في الاقتصاد.

رغم وجود طاقة إنتاجية فائضة في الاقتصاد، من المتوقع أن تتقلص هذه الطاقة تدريجيًا خلال فترة التوقعات. تشير المؤشرات عالية التردد، المستمدة من زيارات رجال الأعمال، إلى أن الاقتصاد قد استقر في الأشهر الأخيرة. يتوقع أن يتعافى النمو الاقتصادي بدءًا من الربع الأخير من ديسمبر، جزئيًا بسبب انخفاض أسعار الفائدة. ولكن هناك حالة من عدم اليقين حول توقيت وسرعة هذا التعافي في الاقتصاد.

كما أشارت اللجنة إلى أن التوقعات الاقتصادية تشمل الافتراضات المالية من التحديث الاقتصادي لميزانية عام 2024. هذا يعكس التوجه الحكومي في التعامل مع التحديات الاقتصادية المستقبلية بناءً على المعطيات الحالية.

على صعيد سوق العمل، تحسنت الظروف بشكل طفيف. ولكن نمو الأجور بدأ في التباطؤ، وهو ما يتماشى مع عودة التضخم إلى نقطة المنتصف المستهدفة. انخفضت مستويات التوظيف بشكل ملحوظ، كما تراجعت شواغر الوظائف، مما يعكس ضعف النشاط الاقتصادي في السوق. يُتوقع أن يستمر ارتفاع معدلات البطالة في الأمد القريب، حيث يستغرق تعافي سوق العمل عادة وقتًا أطول من تعافي الناتج الاقتصادي.

في جانب آخر، شهد صافي الهجرة إلى نيوزيلندا انخفاضًا كبيرًا مقارنة بالمعدلات المرتفعة في السنوات السابقة. تباطأ معدل وصول المهاجرين، وزاد عدد النيوزيلنديين المغادرين، ويعود ذلك جزئيًا إلى ظروف سوق العمل الضعيفة مقارنة بأستراليا. هذه العوامل قد تؤثر بشكل إضافي على سوق العمل والنمو السكاني في نيوزيلندا.

تظل النظرة المستقبلية للاقتصاد غير مؤكدة، حيث يعتمد التعافي على عدد من العوامل المحلية والدولية. مع استمرار الضغوط الاقتصادية، ستظل الحكومة والبنك المركزي في نيوزيلندا يقظين في مراقبة الاتجاهات الاقتصادية واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان استقرار السوق.

مقالات ذات صلة