مؤشر مبيعات التجزئة الشهري هو أحد المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تصدر بشكل دوري ويقيس إجمالي الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات في متاجر التجزئة، ويعتبر هذا المؤشر مؤشراً رئيسياً لنشاط المستهلكين، الذين يمثل إنفاقهم نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم الاقتصادات. يُعد هذا المؤشر بالغ الأهمية لأنه يعطي نظرة سريعة على صحة الاقتصاد ويسمح للمحللين وصانعي السياسات بتقدير التوجهات الاقتصادية واتخاذ قرارات مبنية على البيانات.
يتم إصدار تقرير مبيعات التجزئة شهرياً من قبل المكتب الأمريكي للإحصاءات الاقتصادية.
وهو يحتوي على نسبة التغير في مبيعات التجزئة بالمقارنة مع الشهر السابق.
ويشمل القطاعات المختلفة مثل السيارات، والمطاعم، ومحلات البقالة، والمتاجر الأخرى. تعتبر الزيادة في مبيعات التجزئة إشارة على قوة الطلب الاستهلاكي وتفاؤل المستهلكين بالاقتصاد، مما يعزز التوقعات الاقتصادية.
بينما يُعد التراجع فيها مؤشراً على ضعف الطلب واختلال التوازن بين العرض والطلب.
تأثير مؤشر مبيعات التجزئة الشهري على الدولار الأمريكي ينبع من أهميته في تحديد اتجاهات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
فالأرقام القوية قد تدفع الفيدرالي لاتباع سياسة نقدية متشددة من خلال رفع أسعار الفائدة، بهدف السيطرة على التضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد. نتيجةً لذلك، ترتفع عوائد الأصول الأمريكية.
مثل السندات، مما يجعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين، وهذا يؤدي إلى ارتفاع قيمته أمام العملات الأخرى.
على الجانب الآخر، إذا أظهر المؤشر تراجعاً ملحوظاً، فقد يُعزز ذلك التوقعات باتباع سياسة نقدية ميسرة.
مثل خفض الفائدة أو الحفاظ عليها منخفضة، لدعم النشاط الاقتصادي. في هذه الحالة، قد يصبح الدولار أقل جاذبية، مما يؤدي إلى تراجعه مقابل العملات الأخرى. من المهم أيضاً ملاحظة أن الأسواق تتفاعل مع توقعات مبيعات التجزئة بالإضافة إلى النتائج الفعلية.
فإذا جاءت الأرقام الفعلية أعلى من التوقعات، فإن ذلك يعطي دفعة إيجابية للدولار، والعكس صحيح.
العلاقة بين مبيعات التجزئة وأسعار الأسهم
العلاقة بين مبيعات التجزئة وأسعار الأسهم تعتمد على عدة عوامل اقتصادية وتجارية تجعل من مؤشر مبيعات التجزئة أحد المؤشرات الحيوية التي ينظر إليها المستثمرون بعناية لتقييم صحة الاقتصاد وحركة الأسواق المالية. يعكس مؤشر مبيعات التجزئة الإنفاق الاستهلاكي الشهري.
ويعد إنفاق المستهلكين من المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي.
خاصة في الاقتصادات المتقدمة حيث يمثل إنفاق المستهلكين نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي.
لذلك، عندما تكون بيانات مبيعات التجزئة إيجابية وتشير إلى ارتفاع الطلب الاستهلاكي، فإن ذلك يُعتبر مؤشراً إيجابياً على الاقتصاد ويشجع المستثمرين.
مما يدفع بأسعار الأسهم إلى الارتفاع. زيادة الإنفاق الاستهلاكي تعني أن الشركات في قطاعات مثل السلع الاستهلاكية، والمتاجر، والمطاعم تحقق إيرادات أعلى، مما يعزز من قيمة أسهمها.
ويكون التأثير المباشر لمبيعات التجزئة واضحاً في شركات التجزئة الكبيرة.
حيث يتأثر أداؤها المالي بشكل مباشر بمدى إقبال المستهلكين على منتجاتها. يؤدي هذا بدوره إلى زيادة في الطلب على أسهم هذه الشركات، مما يرفع أسعارها في السوق.
وينعكس إيجابياً على السوق المالي بشكل عام، خصوصاً إذا كان القطاع الاستهلاكي في مؤشر البورصة يتضمن نسبة كبيرة من الشركات.
في المقابل، عندما تنخفض بيانات مبيعات التجزئة، فإن ذلك قد يشير إلى تراجع في ثقة المستهلكين أو تدهور في القوة الشرائية، ما قد يُشعر المستثمرين بالقلق حول تراجع النمو الاقتصادي. هذا القلق قد يؤدي إلى انخفاض أسعار أسهم الشركات في القطاعات المعتمدة بشكل كبير على الإنفاق الاستهلاكي.
وقد يمتد تأثيره ليشمل قطاعات أخرى، لأن تراجع الاستهلاك يمكن أن يؤثر بشكل غير مباشر على أرباح الشركات غير الاستهلاكية أيضاً.
مثل شركات النقل أو المواد الخام التي تعتمد بشكل كبير على الطلب المرتبط بإنتاج السلع.
ومع ذلك، تعتمد قوة العلاقة بين مبيعات التجزئة وأسعار الأسهم أيضاً على التوقعات المستقبلية وعلى عوامل أخرى مؤثرة، مثل السياسة النقدية وأسعار الفائدة.
تأثير مؤشر مبيعات التجزئة على التضخم
يُعد مؤشر مبيعات التجزئة أحد المؤشرات الاقتصادية الأساسية التي تعكس الحالة العامة للاقتصاد من خلال قياس مستوى الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات في متاجر التجزئة. بما أن الإنفاق الاستهلاكي يشكل جزءاً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي في العديد من الاقتصادات، فإن أي تغيير في مبيعات التجزئة يمكن أن يكون له تأثيرات واسعة على العديد من العوامل الاقتصادية الأخرى.
بما في ذلك التضخم. فعندما تشهد مبيعات التجزئة زيادة ملحوظة، قد يكون لذلك تأثير مباشر على معدلات التضخم. زيادة مبيعات التجزئة عادة ما تعكس طلباً أعلى من المستهلكين على السلع والخدمات.
عندما يرتفع الطلب بشكل ملحوظ، يمكن أن تجد الشركات نفسها مضطرة لزيادة أسعار منتجاتها لتلبية هذا الطلب المرتفع. هذا الارتفاع في الأسعار يُعد من أبرز مظاهر التضخم. في هذه الحالة، يمكن أن يؤدي الطلب المرتفع إلى ضغط على العرض.
مما يرفع تكاليف الإنتاج وبالتالي أسعار السلع والخدمات في السوق. بالتالي، يكون هناك علاقة قوية بين زيادة مبيعات التجزئة وارتفاع التضخم.
خصوصاً في بيئة اقتصادية حيث لا يمكن زيادة الإنتاج بالسرعة الكافية لتلبية الطلب المتزايد. من جهة أخرى، عندما تنخفض مبيعات التجزئة، قد يُشير ذلك إلى انخفاض في الطلب الاستهلاكي وضعف الثقة في الاقتصاد.
في مثل هذه الحالة، قد تواجه الشركات صعوبة في زيادة أسعار منتجاتها، أو قد تضطر إلى تخفيض الأسعار لجذب العملاء. هذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض أو استقرار في معدلات التضخم، حيث يقل الضغط على الأسعار نتيجة ضعف الطلب. وبالتالي، فإن التراجع في مبيعات التجزئة يمكن أن يكون مؤشراً على انخفاض التضخم أو حتى حدوث انكماش اقتصادي إذا استمر لفترة طويلة. بذلك، يعتبر تأثير مؤشر مبيعات التجزئة على التضخم ذا طابع ديناميكي ومعقد.
حيث يعتمد على التفاعلات بين العرض والطلب، والأوضاع الاقتصادية العامة، واستجابة البنوك المركزية لهذه البيانات.