أظهرت البيانات الحكومية الصادرة يوم الجمعة أن إنفاق الأسر اليابانية سجل انخفاضاً في سبتمبر للشهر الثاني على التوالي. جاء هذا الانخفاض نتيجة ارتفاع الأسعار الذي أثر على قدرة المستهلكين على الإنفاق. يعكس هذا التطور تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الياباني، خصوصاً مع التوقعات بأن بنك اليابان قد يتجه نحو رفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
لقد انخفض إنفاق المستهلكين في سبتمبر بنسبة 1.1% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. ورغم أن السوق كان يتوقع انخفاضاً أكبر بنسبة 2.1%، إلا أن هذا التراجع يعد مؤشراً على استمرار الضغوط الاقتصادية. كما انخفض الإنفاق على أساس شهري معدّل موسميًا بنسبة 1.3%، وهو أكبر من الانخفاض المتوقع بنسبة 0.7%.
هذا التراجع في إنفاق الأسر يأتي في وقت حساس للاقتصاد الياباني.
حيث تسعى الحكومة إلى تحفيز النمو الاقتصادي في ظل تحديات تضخمية مستمرة. تُظهر الأرقام أن تأثير ارتفاع الأسعار على الميزانيات الأسرية بدأ يضغط بشكل أكبر على قدرة المستهلكين على التوسع في الإنفاق، مما يهدد تحقيق الأهداف الاقتصادية للبنك المركزي.
في هذا السياق، يواجه بنك اليابان اختباراً حقيقياً لسياساته النقدية. فإذا استمرت الأسعار في الارتفاع، قد يُجبر البنك على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، مثل رفع أسعار الفائدة. ولكن، على الرغم من التحديات الاقتصادية، لا يزال بعض الخبراء يرون أن رفع الفائدة قد يؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد بشكل أكبر، وبالتالي يُعرّض الأسر للضغوط.
وتعتبر هذه النتائج بمثابة إشارات تحذير للبنك المركزي الياباني. إذا استمر ضعف إنفاق الأسر، فقد يتعين على البنك النظر في إجراءات إضافية لدعم الاقتصاد. في الوقت نفسه، تظل التوقعات مختلطة بشأن قدرة الاقتصاد الياباني على التعافي في ظل هذه التحديات المستمرة. إن استخدام سياسات نقدية توازن بين تحفيز النمو والسيطرة على التضخم سيكون عاملاً حاسماً في تحديد مسار الاقتصاد الياباني خلال الأشهر المقبلة. على الرغم من التحديات، يبقى الأمل معقودًا على قدرة الحكومة وبنك اليابان على تعديل السياسات بشكل يتناسب مع احتياجات السوق .
التحديات الاقتصادية وتوقعات رفع أسعار الفائدة
تُظهر البيانات الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في إنفاق الأسر اليابانية، وذلك للشهر الثاني على التوالي. يرتبط هذا التراجع بشكل رئيسي بارتفاع تكاليف المعيشة، الذي أثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للأسر اليابانية. في هذا السياق، يوضح تاكيشي مينامي، كبير خبراء الاقتصاد في معهد نورينشوكين للأبحاث، أن “الارتفاعات غير المنتظمة في الاستهلاك لا تدوم طويلاً”.
مؤكدًا أن السبب يعود إلى ارتفاع الأسعار والرغبة المتزايدة لدى الأسر في توفير المال.
يشير مينامي إلى أن المستهلكين في اليابان يعانون من تحديات اقتصادية تجعلهم يتراجعون عن الإنفاق الترفيهي والاختيارات غير الأساسية. هذا التوجه يُعزى إلى الضغوط التي تفرضها الزيادة المستمرة في تكاليف المعيشة.
وهو ما يدفع الأسر إلى تعديل سلوكها الاستهلاكي بشكل ملحوظ.
من جانب آخر، أكد مسؤول بوزارة الداخلية الهندية أن الأسر اليابانية، على الأرجح، تواصل خفض إنفاقها على الغذاء. وبالرغم من انخفاض أسعار بعض السلع، إلا أن الأسر اختارت بدائل أرخص، مثل شراء الدجاج بدلاً من لحم البقر، في محاولة للحد من التكاليف. كما أشار المسؤول إلى أن العديد من الأسر بدأت توجيه المزيد من دخلها نحو الادخار، مما يعكس القلق المتزايد بشأن المستقبل الاقتصادي.
من جهة أخرى، أظهرت الأرقام أن متوسط إنفاق المستهلكين في اليابان من يوليو إلى سبتمبر انخفض بنسبة 1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا الانخفاض يعتبر بمثابة مؤشّر على استمرار الضغوط الاقتصادية في اليابان.
ويُظهر أن المستهلكين في اليابان لا يزالون يواجهون صعوبة في التكيف مع الظروف الاقتصادية الحالية.
تعتبر اتجاهات الاستهلاك والأجور من العوامل الأساسية التي تراقبها السلطات اليابانية، وعلى رأسها بنك اليابان، لفهم قوة الاقتصاد. يعتمد البنك المركزي الياباني على هذه المؤشرات لتحديد ما إذا كان يجب رفع أسعار الفائدة في المستقبل. في الوقت نفسه، يسعى البنك إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي واحتواء التضخم.
انخفاض الأجور وتأثيرات انخفاض الين
أظهرت بيانات الأجور لشهر سبتمبر، التي تم نشرها يوم الخميس، تراجع الأجور المعدلة حسب التضخم للشهر الثاني على التوالي. رغم أن الرواتب الاسمية شهدت زيادة، إلا أن التضخم الاستهلاكي أدى إلى تآكل القوة الشرائية. هذا التراجع يعكس تحديات كبيرة للاقتصاد الياباني في ظل الضغوط التضخمية المستمرة، التي تساهم في تقليص الإنفاق الاستهلاكي على الرغم من تحسن الرواتب الاسمية.
تعتبر هذه النتائج بمثابة إشارة إلى أن مكاسب الرواتب لا توازي تمامًا ارتفاع تكاليف المعيشة.
مما يضع ضغطًا على الأسر اليابانية. في الوقت نفسه، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في ظل الانخفاض المستمر في القوة الشرائية، مما يهدد استقرار الاستهلاك الذي يُعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد.
من جهة أخرى، قد يؤثر تراجع قيمة الين على استهلاك الأسر اليابانية في المستقبل. مع احتمال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد يشهد الين مزيدًا من التراجع أمام الدولار الأمريكي. هذا الهبوط في قيمة الين سيؤدي إلى زيادة أسعار الواردات، ما قد يثقل كاهل المستهلكين. ومع هذا التراجع، سيُضغط بنك اليابان لمراجعة سياساته النقدية. إذا تسارع هبوط الين بشكل أكبر، قد يُجبر البنك على رفع أسعار الفائدة لمواجهة الضغوط التضخمية، وهو ما سيشكل تحديًا آخر أمام الاقتصاد الياباني.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن تظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي الياباني لشهري يوليو وسبتمبر، التي ستصدر يوم الجمعة المقبل، تراجعًا حادًا في النمو الاقتصادي. وفقًا لاستطلاع أجرته رويترز، يُتوقع أن يتباطأ الاقتصاد بشكل كبير بسبب تراجع الاستهلاك وانخفاض الإنفاق الرأسمالي. هذا التباطؤ يعكس التحديات التي يواجهها الاقتصاد الياباني، خاصة مع ضعف الاستهلاك الذي يُعتبر من العوامل الرئيسية المحركة للنمو.
من المتوقع أن تؤدي هذه التطورات إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد، مما يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة اليابانية وبنك اليابان. في ظل هذا التباطؤ، ستصبح قرارات السياسة النقدية أكثر تعقيدًا. سيجد بنك اليابان نفسه أمام معضلة بين دعم النمو الاقتصادي من خلال خفض الفائدة أو رفع الفائدة لمكافحة التضخم المرتبط بهبوط الين.