يُعد مؤشر توقعات التضخم الأولية من جامعة ميشيغان الأمريكية أحد المؤشرات الاقتصادية الحيوية التي تساهم في فهم توجهات الاقتصاد الأمريكي على المدى القصير والطويل. يعتمد هذا المؤشر على مسح شهري يتم إجراؤه على عينة من الأسر الأمريكية، حيث يُسأل المشاركون عن توقعاتهم حول معدلات التضخم للسنة المقبلة وكذلك لفترات طويلة قد تمتد إلى خمس سنوات.
يعكس هذا المؤشر كيف يرى المستهلكون الأسعار المستقبلية ومدى استعدادهم للتعامل مع الزيادة المحتملة في تكاليف السلع والخدمات. تكتسب أهمية هذا المؤشر من دوره في تحديد توقعات المستهلكين بشأن التضخم، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لصانعي السياسات الاقتصادية. التوقعات العالية للتضخم قد تؤدي إلى تأثيرات نفسية على الأفراد.
حيث قد يشجعهم على زيادة الإنفاق الآن قبل أن ترتفع الأسعار في المستقبل.
في المقابل، إذا كانت التوقعات منخفضة أو مستقرة، فقد يكون هذا مؤشرًا على أن المستهلكين لا يتوقعون تغييرات كبيرة في الأسعار، مما قد يعزز الاستقرار الاقتصادي.
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يعير اهتمامًا خاصًا لهذا المؤشر عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية. إذا أظهرت البيانات أن المستهلكين يتوقعون زيادة كبيرة في التضخم، فقد يتخذ الفيدرالي قرارات لرفع أسعار الفائدة للحد من هذه الضغوط التضخمية. بالمقابل، إذا كانت التوقعات تشير إلى تضخم منخفض أو مستقر.
فقد يشجع ذلك الفيدرالي على الحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة أو حتى خفضها لدعم النمو الاقتصادي.
علاوة على ذلك، يعد مؤشر توقعات التضخم من جامعة ميشيغان أداة مهمة للأسواق المالية. عندما يظهر التقرير أن المستهلكين يتوقعون زيادة كبيرة في الأسعار، قد يؤثر ذلك على أسواق الأسهم والسندات.
حيث يصبح من المتوقع أن يتخذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات لرفع أسعار الفائدة. هذا بدوره يؤثر في قيمة الدولار الأمريكي، حيث يرتبط ارتفاع أسعار الفائدة عادة بزيادة في الطلب على الدولار بسبب العوائد الأعلى على الأصول المقومة بالدولار.
العلاقة بين توقعات التضخم وأسواق المال
تعتبر العلاقة بين توقعات التضخم وأسواق المال من الموضوعات الأساسية التي تهم المستثمرين وصانعي السياسات على حد سواء. عندما يتوقع المستثمرون ارتفاعًا في معدلات التضخم، فإن ذلك يؤثر على القرارات الاقتصادية التي يتخذونها.
بما في ذلك كيفية تخصيص أموالهم بين الأصول المختلفة.
يترجم التضخم المتوقع إلى زيادة في تكاليف السلع والخدمات، ما يؤدي إلى تأثيرات مباشرة على القوة الشرائية للأفراد والعوائد المحتملة على الاستثمارات.
عندما تشير التوقعات إلى أن التضخم سيكون مرتفعًا، يبدأ المستثمرون في تعديل استراتيجياتهم لتفادي التأثيرات السلبية التي قد تنتج عن ذلك. على سبيل المثال، قد يبتعدون عن الأصول الثابتة مثل السندات طويلة الأجل.
حيث أن ارتفاع التضخم يترافق عادة مع ارتفاع في أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة السندات. من ناحية أخرى، قد يتجه المستثمرون إلى الأصول التي توفر حماية ضد التضخم، مثل الذهب أو الأسهم التي يمكنها تمرير تكاليف الإنتاج المرتفعة إلى المستهلكين.
الأسهم التي تنتمي إلى الشركات التي تتمتع بقدرة على زيادة أسعارها في ظل التضخم قد تكون أكثر جاذبية.
حيث تتمكن هذه الشركات من الحفاظ على أرباحها أو حتى زيادتها.
أما إذا كانت التوقعات تشير إلى أن التضخم سيظل منخفضًا ومستقرًا، فقد تستمر أسواق المال في التمتع بالاستقرار.
ويُحتمل أن يبقى البنك المركزي الأمريكي في موقف يسمح له بالحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة لدعم النمو الاقتصادي. في هذه الحالة، قد يظل المستثمرون في الأسواق المالية واثقين.
ويُحتمل أن تتوجه الاستثمارات نحو الأصول ذات المخاطر العالية، مثل الأسهم أو السندات ذات العوائد المرتفعة.
بشكل عام، تلعب التوقعات المستقبلية للتضخم دورًا محوريًا في تشكيل مسار الأسواق المالية.
حيث يتم استخدامها من قبل المتداولين والمستثمرين لتحديد التوجهات المستقبلية للأسواق.
العوامل المؤثرة في نتائج مؤشر توقعات التضخم
تعد نتائج مؤشر توقعات التضخم من جامعة ميشيغان مؤشرًا حيويًا يعكس كيف يرى المستهلكون التضخم في المستقبل، وتؤثر العديد من العوامل على هذه التوقعات بشكل مباشر. أول هذه العوامل هو التغيرات في الأسعار الحالية.
حيث يُعد التضخم الحالي مرجعية رئيسية للمستهلكين في تقدير ما سيحدث في المستقبل. فإذا شهد الأفراد زيادة ملحوظة في أسعار السلع والخدمات، مثل الغذاء والطاقة، فمن المحتمل أن يتوقعوا استمرار هذه الزيادة في المستقبل.
وبالتالي، ينعكس هذا التوقع في نتائج المؤشر، مما يشير إلى أن التضخم المتوقع سيرتفع. عامل آخر مؤثر هو سياسات البنك المركزي، وخاصة سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
القرارات التي يتخذها البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل توقعات التضخم. عندما يقوم الفيدرالي برفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، قد يتوقع المستهلكون أن هذا سيؤدي إلى تهدئة الاقتصاد وبالتالي خفض معدلات التضخم. من ناحية أخرى، إذا كان الفيدرالي يُبقي أسعار الفائدة منخفضة لدعم النمو الاقتصادي، قد يتوقع المستهلكون تضخمًا أعلى.
أيضًا، الأحداث الاقتصادية الكبرى مثل الأزمات المالية أو الجيوسياسية أو الكوارث الطبيعية تؤثر بشكل كبير على التوقعات المستقبلية للتضخم. فمثلاً، يمكن أن تؤدي أزمة اقتصادية أو حالة من الاضطراب في أسواق النفط إلى زيادة غير متوقعة في الأسعار.
مما يزيد من القلق بشأن التضخم ويدفع التوقعات إلى الارتفاع. في الوقت نفسه، يمكن أن تؤثر الأزمات في تراجع النمو الاقتصادي وتقلل من التوقعات المرتبطة بالتضخم.
التوقعات الاقتصادية العامة أيضًا تعد من العوامل الحاسمة في تشكيل نتائج مؤشر التوقعات. إذا كانت التوقعات تشير إلى نمو اقتصادي قوي، قد يرى الأفراد أن ذلك سيؤدي إلى زيادة في الطلب وبالتالي زيادة في الأسعار، ما يعزز التوقعات بارتفاع التضخم. وعلى النقيض، في حالة تباطؤ النمو الاقتصادي، قد يقلل الناس من توقعاتهم للتضخم.