تحسن مؤشر مديري المشتريات الألماني لقطاع الخدمات, شهد شهر أكتوبر تحسناً طفيفاً في الناتج، رغم تعمق عمليات خفض الوظائف وانخفاض قوة التسعير لدى الشركات. وفقًا لأحدث مسح “فلاش” لمؤشر مديري المشتريات® HCOB، الذي جمعته S&P Global، ارتفع مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات في ألمانيا إلى 51.4، مقارنة بـ 50.6 في سبتمبر، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة أشهر. تم جمع البيانات خلال الفترة من 10 إلى 22 أكتوبر، مشيرة إلى استمرار التدهور في القطاع الخاص في بداية الربع الرابع.
حيث أفادت الشركات بتسجيل انخفاضات إضافية في الناتج والتوظيف وسط ضعف الطلب الأساسي.
على الرغم من أن الانخفاض في الناتج كان بمعدل أبطأ قليلاً في أكتوبر، إلا أن الانخفاض في التوظيف اكتسب سرعة.
مما أظهر أشد انخفاض في أعداد القوى العاملة منذ ما يقرب من أربع سنوات ونصف. بينما انتعشت توقعات الأعمال بعد أن تحولت إلى سلبية لأول مرة منذ عام في سبتمبر، إلا أن مستوى التفاؤل ظل خافتًا مقارنة بالمعايير التاريخية.
من الجدير بالذكر أن أحدث البيانات أظهرت استقراراً شبه كامل في متوسط الأسعار التي تفرضها الشركات الألمانية.
حيث شهد قطاع الخدمات تباطؤًا في التضخم، مع أعمق تخفيضات في أسعار الناتج الصناعي منذ سبتمبر 2009. ارتفع مؤشر الناتج الصناعي المركب لشركة HCOB Flash Germany من أدنى مستوى له في سبعة أشهر عند 47.5 في سبتمبر إلى 48.4 في أكتوبر.
لكنه ظل دون مستوى 50.0 الذي يفصل بين النمو والانكماش، وهي الحالة التي استمرت منذ يوليو. رغم ذلك، لا يزال معدل الانخفاض في الإنتاج الصناعي حادًا تاريخيًا.
حيث سجل المؤشر 42.4، مع تباطؤ طفيف عن المعدل الذي شهدناه في الشهر السابق. في الوقت نفسه، أظهر قطاع الخدمات بعض المرونة، مسجلاً نشاطًا تجاريًا أعلى للشهر الثامن على التوالي، مع تسجيل معدل نمو modest (المؤشر عند 51.4).
تراجع الطلب وأثره على قطاع الخدمات والتوظيف في ألمانيا
في أكتوبر، أظهرت بيانات المسح استمرار ضعف الطلب الأساسي، حيث تراجعت تدفقات الأعمال الجديدة بشكل حاد للشهر الخامس على التوالي. وكان قطاع الخدمات، فقد شهد تراجعاً شهرياً ثانياً على التوالي في الأعمال الجديدة.
ويرتبط ذلك جزئياً بالصعوبات التي يواجهها قطاع إنتاج السلع. ومع ذلك، تباطأت معدلات انخفاض الطلبات الجديدة مقارنة بشهر سبتمبر. أما في قطاع التصنيع هو الأكثر تأثراً، نتيجة عزوف العملاء عن الإنفاق بسبب تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي، إلى جانب ضعف الطلب في قطاع السيارات.
هذا الانخفاض في الطلبات الجديدة انعكس بوضوح في تراجع كبير في الأعمال القائمة في أكتوبر، مما دفع الشركات إلى تقليص سعة التوظيف.
مسجلةً بذلك انخفاضاً في العمالة للشهر الخامس على التوالي. كما بلغ معدل فقدان الوظائف أسرع وتيرة له منذ يونيو/حزيران 2020، مدفوعاً بتراجع كبير في مصانع قطاع التصنيع وتزايد فقدان الوظائف في قطاع الخدمات.
ورغم هذا التراجع في التوظيف، ارتفعت توقعات الأعمال.
حيث تجاوزت الشركات المتفائلة بارتفاع النشاط في العام المقبل عدد الشركات المتشائمة، عاكسةً بذلك الأجواء السلبية التي سادت في نهاية الربع الثالث. ويرجع هذا التحسن بشكل أساسي إلى انتعاش التفاؤل في قطاع الخدمات.
في حين بقيت معنويات قطاع التصنيع منخفضة عند أدنى مستوى لها في 11 شهراً.
من جانب التضخم، استقرت أسعار المنتجات الألمانية بشكل عام في أكتوبر. ورغم استمرار ارتفاع أسعار الخدمات، إلا أن معدل الزيادة تباطأ إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات ونصف.
بينما قدم منتجو السلع خصومات كبيرة، مسجلين أكبر انخفاض في رسوم المصنع منذ أكثر من 15 عاماً.
في الوقت نفسه، ارتفعت تكاليف المدخلات بمعدل متواضع، واستقرت عند أدنى مستوى لها في 14 شهراً.
حيث استمرت زيادات الأجور في دفع نفقات التشغيل لمقدمي الخدمات. ومع ذلك، ظل معدل التضخم في قطاع الخدمات في اتجاه هبوطي، حيث تباطأ إلى أدنى مستوى له منذ فبراير 2021.
آفاق الاقتصاد الألماني: تحسن مؤشر مديري المشتريات وصعوبات صناعية
علق الدكتور سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في بنك هامبورج التجاري، على بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولية قائلاً:
“بدأ الربع الرابع بشكل أفضل من المتوقع، حيث شهدت خدمات النمو تسارعاً ملحوظاً.
بينما انخفضت وتيرة انكماش القطاع الصناعي مقارنة بالشهر السابق. مما يعكس آفاق نمو مميزة في الربع الرابع. ومع ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل الناتج المحلي الإجمالي مستقراً على مدار العام بعد تسجيل انخفاض قدره 0.3٪ في 2023.
مما يعكس نقاط الضعف الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الألماني.
مثل ارتفاع تكاليف الطاقة، وزيادة المنافسة من الصين، ونقص في القوى العاملة الذي يؤثر بشكل كبير على القطاع الصناعي.
من المشجع أن النشاط في قطاع الخدمات شهد توسعاً أسرع مقارنة بشهر سبتمبر، بعد فترة من التباطؤ استمرت أربعة أشهر. ورغم أن الشركات العاملة في هذا القطاع قلصت عدد موظفيها أكثر مما فعلت في سبتمبر.
إلا أن توقعات الأعمال شهدت تحسناً كبيراً. وهذا يتماشى مع المؤشرات التي تفيد بأن المستهلكين الألمان بدأوا في زيادة إنفاقهم خلال فصل الصيف، مدعومين بارتفاع الأجور وانخفاض مستويات التضخم، وفقاً للأرقام الرسمية لمبيعات التجزئة. ويبدو أن هذا الاتجاه مستمر، حيث عاد قطاع الخدمات ليكون ركيزة للاستقرار الاقتصادي بشكل عام.
تشير نتائج المسح إلى أننا قد نبدأ في رؤية بصيص من الأمل في القطاع الصناعي. على الرغم من أن الإنتاج لا يزال في حالة انكماش سريع.
وكذلك العمالة، إلا أن وتيرة هذا التدهور قد تباطأت قليلاً مقارنة بشهر سبتمبر. والأهم من ذلك هو أن الطلبات الجديدة.
التي انخفضت بشكل حاد على مدى الشهرين الماضيين، قد فقدت بعضاً من ديناميكيتها السلبية. من المحتمل أن يستمر القطاع الصناعي في الركود خلال الربع الرابع.
ولكنه قد يبدأ العام المقبل بظروف أفضل، على الرغم من أن هذا التقييم المستند إلى تحسن شهري واحد يجب أن يُؤخذ بحذر.”