الإعفاءات الجمركية الأمريكية تدفع العملات المشفرة للصعود وتعيد تشكيل هيمنة بيتكوين

شهدت أسعار العملات المشفرة الرئيسية، وعلى رأسها بيتكوين، ارتفاعًا ملحوظًا صباح الثلاثاء، بعد إعلان أمريكي مهم. حيث صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إعفاءات جمركية جديدة شملت بعض الأجهزة الإلكترونية المستوردة، مما أدى إلى تعزيز ثقة المستثمرين.

وقد ارتفعت بيتكوين لتتجاوز 85,000 دولار، بينما لحقت بها إيثيريوم بنسبة أقل. جاء هذا الارتفاع بعد إعلان ترامب عن دراسة لتعديل الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات وقطع غيارها المستوردة من المكسيك وكندا.

وقد رافقت تلك التصريحات مؤشرات أخرى، شملت إعفاءات سابقة للهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر. مع ذلك، تم فتح تحقيقات جديدة حول واردات أشباه الموصلات، مما يضيف مزيدًا من التوتر للأسواق.

الهيمنة المتراجعة لبيتكوين تشير إلى تغير محتمل في ديناميكية السوق

بلغت نسبة هيمنة بيتكوين على سوق العملات المشفرة 63.3%، وهو ما يمثل انخفاضًا بعد ارتفاع مستمر منذ منتصف مارس. هذا التراجع في الهيمنة يُفسَّر غالبًا كإشارة لبداية موسم العملات البديلة، والذي يتميز بتحول المستثمرين نحو عملات رقمية أخرى.

يعتبر كثير من المحللين هذه الحركة مؤشرا محتملاً على بداية دورة توزيع جديدة، حيث يُعاد توازن المحافظ الاستثمارية. بالإضافة إلى ذلك، تثير هذه التغيرات اهتمام المتداولين الباحثين عن فرص نمو سريعة في الأصول منخفضة القيمة مقارنةً ببيتكوين.

منطقة الـ 65,000 دولار تمثل دعمًا نفسيًا وتقنيًا لعملة بيتكوين

يُنظر إلى مستوى 65 ألف دولار لبيتكوين على أنه منطقة دعم حرجة للغاية. إذ حافظ السعر على استقراره فوق هذا المستوى رغم تذبذب السوق. يشير هذا الثبات إلى احتمال وجود عمليات توزيع أرباح من قبل المستثمرين قصيري الأجل.

في المقابل، بقي المستثمرون طويلو الأجل متمسكين بحيازاتهم، مما يدل على ثقتهم بمستقبل العملة. لكن استمرار هذا السلوك قد يفتح المجال أمام حركة سعرية مفاجئة، خاصة في حال حدوث تغييرات في الطلب أو المعروض.

التحليلات النفسية للسوق تكشف مرحلة “الأمل والقلق

أشارت عدة تقارير تحليلية إلى دخول السوق في مرحلة تُعرف باسم “الأمل والإنكار”، وهي جزء من الدورة النفسية للمستثمرين. ففي هذه المرحلة، تسيطر مشاعر مختلطة على السوق، ما بين الحذر والتفاؤل. يميل المعدنون إلى بيع جزء من أرصدتهم، في محاولة لجني الأرباح قبل حدوث تصحيحات محتملة. بينما يستمر اللاعبون الكبار من أصحاب الاستثمارات الطويلة بتثبيت مراكزهم دون تغيير. مثل هذا التباين بين سلوك المستثمرين عادةً ما يُؤدي إلى تذبذب كبير في السوق. لذلك، ينصح المحللون بتوخي الحذر خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع اقتراب صدور قرارات تنظيمية جديدة.

هل نحن على أعتاب موسم العملات البديلة؟

تشير التوجهات الأخيرة إلى احتمالية بدء موسم العملات البديلة، الذي يشهد خلاله السوق تحولات هيكلية. حيث تتدفق الاستثمارات نحو العملات الرقمية الأصغر بعد بلوغ بيتكوين ذروتها المؤقتة. يؤكد تحليل شركة “COINOTAG” أن انخفاض الهيمنة عند 63.3% غالبًا ما يُمثل بداية لموجات صعود في الأصول البديلة. وقد لوحظ في دورات سابقة أن موسم البدائل يبدأ بعد ثبات بيتكوين في نطاق سعري معين، تليه تحركات قوية في عملات أخرى.

الوضع الجيوسياسي يزيد من تعقيد السوق

على الجانب السياسي، لا تزال الأسواق تتابع تطورات السياسة التجارية الأمريكية عن كثب. إذ أثرت تصريحات ترامب بشأن تعديل الرسوم الجمركية على أسواق متعددة، من بينها العملات المشفرة.

بالرغم من بعض الإعفاءات، بدأت إدارته تحقيقات جديدة حول واردات حساسة، منها الرقائق الإلكترونية. وصرح ترامب بأنه قد يعلن قرارات جديدة تخص الرسوم الجمركية خلال أيام.

كل هذه العوامل خلقت بيئة من الحذر والترقب، مما يجعل الذهب والبيتكوين من الخيارات المفضلة للتحوّط في الوقت الراهن.

ردود أفعال السوق تعكس قلقًا من تباطؤ اقتصادي محتمل

أعربت جهات مالية، من ضمنها بنك الاحتياطي الفيدرالي، عن قلقها من تباطؤ في النمو نتيجة هذه السياسات. كما أشار محافظ البنك، رافائيل بوسيك، إلى ضرورة الحفاظ على سعر الفائدة دون تغيير مؤقتًا.

تحذيرات فنية وتحليلات مستقبلية لسلوك بيتكوين

أدت حالة عدم اليقين إلى إعادة ترتيب الأولويات الاستثمارية. إذ اتجه بعض المستثمرين من الأسهم إلى العملات المشفرة، بينما يفضل آخرون الأصول التقليدية مثل الذهب وسندات الخزانة. مع ذلك، لا تزال العملات المشفرة تمثل خيارًا جذابًا لمن يتحمل مستوى مخاطرة أعلى. وقد أثبت السوق مرارًا مرونته في التكيف مع التحولات المفاجئة. و قد أظهر متوسط الحركة اليومية لبيتكوين تقلبات واضحة خلال الأسبوع الماضي. ويشير بعض المحللين إلى وجود إشارات تُظهر عودة السوق إلى حالة “ذروة الشراء”، مما يتطلب الحذر. في الوقت نفسه، يتفق معظم المحللين على أن مستوى 65 ألف دولار يشكل نقطة محورية. فإذا ما تم كسر هذا الحاجز للأسفل، قد يتعرض السوق لموجة بيع قوية. أما إذا استمر في دعمه، فقد يفتح ذلك الباب لمزيد من الصعود في المستقبل القريب.

ما الذي يجب مراقبته خلال الأيام المقبلة؟

يركز المستثمرون الآن على عدة عوامل، أهمها: تطورات الرسوم الجمركية الأمريكية، تغيرات سياسة الفيدرالي، وحجم التداول على العملات البديلة. كما يُعد تراجع هيمنة بيتكوين مؤشرًا رئيسيًا يجب متابعته.

في حال استمرار هذا الاتجاه، قد نرى ضخ المزيد من السيولة في عملات أخرى مثل سولانا، كاردانو، وبولكادوت. وفي الوقت ذاته، قد يُظهر السوق مرونة أكبر في التفاعل مع الأخبار الاقتصادية العالمية.

بيتكوين تقود المشهد لكن العملات البديلة تقترب من الأضواء

رغم تقلب الأسعار، تظل بيتكوين المحرك الأساسي لسوق العملات المشفرة. إلا أن تراجع هيمنتها يُشير إلى تحول قادم في طبيعة السوق. وعلى الرغم من التفاؤل الحالي، يجب على المستثمرين توخي الحذر ومراقبة التحولات التقنية والاقتصادية بدقة.

من المتوقع أن تكشف الأسابيع القادمة عن اتجاهات أكثر وضوحًا، سواء باستمرار استقرار بيتكوين أو صعود العملات البديلة. في الحالتين، يتطلب الوضع الحالي مرونة واستراتيجية مدروسة للتعامل مع سوق يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

مقالات ذات صلة