تشهد عملة البيتكوين اليوم حالة من التذبذب الحاد في قيمتها، حيث تحوم حول 80 ألف دولار، بعد أن سجلت تراجعًا ملحوظًا يوم الجمعة. كانت العملة المشفرة قد شهدت انتعاشًا طفيفًا في وقت سابق، لكنها عادت لتسجل انخفاضًا بسبب القلق المتزايد بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقد تسببت هذه الحرب في تراجع شهية المستثمرين للمخاطرة، مما أدى إلى الضغط على أسواق العملات الرقمية بشكل عام.
سجلت عملة البيتكوين خسائر متواصلة في أسواق المخاطرة الأوسع، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة والصين فرض رسوم جمركية باهظة على بعضهما البعض. وقد أثار هذا التصعيد مخاوف من أن يؤدي إلى اندلاع حرب تجارية مريرة بين أكبر اقتصادات العالم.
وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على النمو الاقتصادي العالمي.
في الساعة 01:51 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (05:51 بتوقيت جرينتش)، تراجعت قيمة البيتكوين بنسبة 1.8% ليصل سعرها إلى 80,680.4 دولار. وقد شهدت العملة الرقمية موجة من التراجع بعد أن تسبب عدم اليقين بشأن التوترات التجارية العالمية في دفعها إلى الهبوط.
التأثيرات السلبية للحرب التجارية على البيتكوين
كان الأسبوع الماضي قاسيًا على البيتكوين، حيث انخفضت قيمتها بنسبة 3.4% حتى الآن بسبب التوترات التجارية العالمية. هذه التوترات أثرت على الأسواق المالية بشكل عام.
حيث شهدت العملات المشفرة تقلبات حادة نتيجة لعدم اليقين حول التجارة العالمية والنمو الاقتصادي. انخفضت قيمة البيتكوين إلى 74 ألف دولار بعد أن أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البداية عزمه على المضي قدمًا في فرض رسوم جمركية جديدة على الصين.
لكن، انتعشت البيتكوين بشكل مفاجئ بعد أن أعلن ترامب عن تمديد لمدة 90 يومًا في تنفيذ الرسوم الجمركية المتبادلة على بعض الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة. إلا أن هذا التمديد لم يشمل الصين.
حيث قرر ترامب رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 145%، مما أثار رد فعل غاضبًا من بكين. فقد ردت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة 84% على الولايات المتحدة، مما زاد من حدة التوترات الاقتصادية بين البلدين.
التأثيرات على الأسواق الأوسع والعوامل المحيطة
تمثّل هذه التحركات التصعيدية في الحرب التجارية زيادة واضحة في حالة عدم اليقين داخل الأسواق المالية.
وأثرت بشكل ملحوظ على العملات المشفرة. في وقتٍ واحد، تزامن تراجع البيتكوين مع تراجع حاد في أسواق الأسهم، مما دفع العديد من المحللين للتساؤل عن جدوى العملات المشفرة كملاذات آمنة أو تحوط ضد التضخم. مقارنةً بذلك، كان الذهب والين الياباني هما الأصول التي سجلت أفضل أداء في هذه الفترة من التوترات الاقتصادية.
تأثرت البيتكوين أيضًا بعد أن أعلنت شركة Strategy، وهي إحدى الشركات الكبرى في مجال الأصول الرقمية، عن خسارة غير محققة قدرها 5.9 مليار دولار على حيازاتها من العملات المشفرة. وكان هذا الإعلان بمثابة ضربة أخرى للبيتكوين.
حيث تزايدت المخاوف بشأن تراجع أسعار العملات الرقمية بعد فترات طويلة من التراجع في قيمتها. كما تم رصد حركات كبيرة من قبل “الحيتان” (أي المستثمرين الكبار) الذين قاموا ببيع كميات ضخمة من البيتكوين في البورصات، مما قد يشير إلى مزيد من التراجع في الأسعار.
العملات البديلة تتبع البيتكوين في تراجعها
على الرغم من تراجع البيتكوين، فإن أسواق العملات المشفرة بشكل عام شهدت أيضًا انخفاضًا في قيمتها. العملات البديلة مثل الإيثريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم، سجلت انخفاضًا بنسبة 4% ليصل سعرها إلى 1,551.28 دولار. بينما استقرت عملة الريبل عند 2.0009 دولار، ولكنها شهدت انخفاضًا بنسبة 7% هذا الأسبوع. في المقابل، سجلت بعض العملات مثل كاردانو وسولانا وبوليجون مكاسب صغيرة، مما يعكس التذبذب المستمر في هذه الأسواق.
تأثير انتهاء صلاحية خيارات البيتكوين على السوق
يواجه سوق العملات المشفرة حاليًا تقلبات متزايدة، مع اقتراب انتهاء صلاحية أكثر من 2.5 مليار دولار من خيارات البيتكوين والإيثريوم. هذه الخيارات تؤثر بشكل كبير على ديناميكيات السوق على المدى القصير. في هذا السياق، تظهر بيانات من بورصة “Deribit” أن القيمة الاسمية لخيارات البيتكوين المنتهية اليوم تصل إلى 2.23 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة خيارات الإيثريوم 283.6 مليون دولار.
توجهات السوق وتعزيز الاستراتيجيات التحوطية
تشير هذه البيانات إلى تأثير كبير على تحركات الأسعار المتوقعة للعملات الرقمية. في حين أن نسبة خيارات البيع إلى الشراء في سوق البيتكوين هي 0.86، مما يعني أن هناك اهتمامًا أكبر بالخيارات الصعودية.
إلا أن التحليل الفني يشير إلى احتمال حدوث هبوط في الأسعار قريبًا. يُعتبر الحد الأقصى لنقطة الضعف في خيارات البيتكوين هو 81,000 دولار، ما يعني أن معظم الخيارات ستنتهي دون قيمة إذا تراجعت الأسعار عن هذا المستوى.
في ظل التوترات المستمرة في السوق والاضطرابات الجيوسياسية، فإن بعض المحللين يتوقعون ضعفًا في السوق خلال الفترة المقبلة. يُظهر التحليل أنه من المرجح أن يظل السوق تحت ضغط حتى سبتمبر، حيث يتوقع الخبراء في “Deribit” أن يتواصل انخفاض الأسعار في الأشهر القادمة، وهو ما دفع المتداولين إلى تكثيف الطلب على خيارات البيع.
تُشير هذه التحولات إلى أن السوق قد يشهد تحولًا في المعنويات مع اقتراب انتهاء صلاحية هذه الخيارات. بينما قد تشهد بعض العملات تحسنًا في أسعارها بعد نهاية صلاحية الخيارات، يبقى الحذر سائدًا في أوساط المستثمرين. وبالنسبة للمستثمرين في سوق العملات المشفرة، سيكون من المهم اتخاذ استراتيجيات التحوط، مثل شراء خيارات البيع أو التنويع بين الأصول المختلفة، لتقليل المخاطر المحتملة.
هل يصل سعر البيتكوين إلى 250 ألف دولار؟
رغم أن البيتكوين يعاني من تقلبات في القيمة، فإن هناك بعض التوقعات التي تشير إلى أن العملة قد تشهد صعودًا كبيرًا في المستقبل القريب. في مقابلة مع CNBC، توقع تشارلز هوسكينسون، مؤسس “Cardano”، أن يصل سعر البيتكوين إلى أكثر من 250 ألف دولار في العام المقبل. وأشار إلى أن هذا الصعود قد يكون مدفوعًا بتخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية، بالإضافة إلى اللوائح الجديدة للعملات المشفرة.
والتي قد تؤدي إلى زيادة الاعتماد على العملات الرقمية في المستقبل.
وأضاف هوسكينسون أن الصراعات التجارية العالمية قد لا تؤثر بشكل كبير على نمو البيتكوين على المدى الطويل.
مشيرًا إلى أن الأسواق ستتأقلم تدريجيًا مع الوضع الطبيعي الجديد.
الآفاق المستقبلية لسوق البيتكوين
على الرغم من التقلبات الحالية، يظل هناك تفاؤل حذر بشأن مستقبل البيتكوين. على المدى القصير، من المحتمل أن يستمر السعر في التذبذب حول 80 ألف دولار، ولكن مع تحسن النشاط في الشبكة وعودة الاهتمام المؤسسي بالعملات المشفرة.
قد يرتفع السعر بشكل تدريجي. ومن المتوقع أن يشهد السوق طفرة جديدة في الطلب على العملات الرقمية بحلول نهاية العام أو في بداية العام المقبل.
من ناحية أخرى، فإن الفجوة بين العرض والطلب على البيتكوين تزداد، حيث يتزايد الاهتمام المؤسسي بهذه العملة. وعلى الرغم من تراجع نشاط الشبكة بنسبة 22% في الربع الأول من العام.
إلا أن هناك توقعات بأن يرتفع الطلب على البيتكوين مع زيادة استخدامه في التسويات الدولية.
خاصة بعد التنظيمات الجديدة التي قد تساهم في دفع المزيد من الشركات الكبرى نحو اعتماده.
بالتأكيد، يواجه سوق البيتكوين والعملات المشفرة تحديات كبيرة في الوقت الحالي، بسبب التوترات التجارية العالمية وصعوبة التنبؤ بتحركات السوق. مع انتهاء صلاحية خيارات البيتكوين والإيثريوم، ستظل معنويات السوق في حالة من التذبذب المستمر. لكن، مع توقعات بزيادة الطلب على العملات المشفرة في المستقبل.
لا يزال هناك احتمال لصعود البيتكوين بشكل كبير في السنوات القادمة. في هذه الأوقات المضطربة، سيكون من الضروري للمستثمرين أن يتبّعوا استراتيجيات التحوط الفعالة لتقليل مخاطر الخسائر الكبيرة.