تشهد السوق السعودية في الوقت الحالي حالة من الترقب وسط انخفاض تاريخي لأحجام التداول. على الرغم من الارتفاع الطفيف في مؤشر سوق الأسهم السعودية “تاسي”، إلا أن التعاملات تشهد قلة كبيرة في النشاط. هذا التراجع في أحجام التداول يلفت انتباه المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، حيث يتوقع البعض أن يتعافى السوق تدريجياً مع عودة المستثمرين الأجانب بعد عطلة عيد الميلاد.
الارتفاع الطفيف في مؤشر “تاسي” وسط انخفاض التداولات
في تعاملات اليوم الخميس، ارتفع مؤشر “تاسي” بنسبة 0.14% ليصل إلى مستوى 11,908 نقطة. ورغم هذا الارتفاع الطفيف، إلا أن السوق لا يزال يعاني من انخفاض كبير في أحجام التداول. في المقابل، سجل مؤشر السوق الموازية انخفاضًا بنسبة 0.12%، مما يعكس حالة من التذبذب في الأسواق السعودية.
هذا الانخفاض الكبير في أحجام التداول يُعتبر الأضعف منذ فبراير 2023. وتزامن هذا مع عطلة عيد الميلاد في الأسواق العالمية، ما قد يساهم في هذا التراجع. كما أظهرت البيانات أن التداولات قد انخفضت بنسبة 55% مقارنة بالمتوسط اليومي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهو مؤشر على انخفاض حجم الأنشطة الاستثمارية.
الدور المحوري للمستثمرين الأجانب
خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، كان المستثمرون الأجانب يمثلون أكثر من ربع قيم التداولات في السوق السعودية. لكن مع غيابهم خلال فترة الإجازات، شهدت السوق انخفاضًا ملحوظًا في النشاط. لكن مع بداية الأسبوع الحالي، هناك توقعات بأن السوق ستشهد عودة تدريجية للمستثمرين الأجانب مع انتهاء موسم الإجازات.
وفقًا للمذكرة البحثية الصادرة عن شركة “إي إف جي هيرميس”، فقد حقق المستثمرون الأجانب صافي شراء في الأسهم السعودية بقيمة تقترب من 5 مليارات دولار منذ بداية العام. هذا يبرز الثقة الكبيرة التي يضعها المستثمرون الأجانب في السوق السعودية، بالرغم من التحديات الحالية.
القطاع البنكي تحت الضغط
واحدة من أبرز القطاعات التي تواجه ضغطًا حاليًا هي أسهم البنوك السعودية. هذه الأسهم تحت ضغط كبير في ظل حالة من الترقب لآفاق أسعار الفائدة في المملكة. حيث تتداول أسهم البنوك بمكررات ربحية منخفضة، تصل إلى حوالي 12 مرة، مقارنة بمتوسط السوق الذي يبلغ نحو 17.7 مرة. هذه الفجوة الكبيرة في مكررات الربحية تشير إلى قلق الأسواق بشأن قدرة البنوك على تحقيق نمو مستدام في الفترة المقبلة.
الرئيس التنفيذي لشركة “تقنيات مكيال المالية”، أوضح أن أداء قطاع البنوك لا يعكس الواقع الاقتصادي الحالي. فقد أشار إلى أن هناك زيادة كبيرة في الطلب على التمويل من قبل الشركات والأفراد في المملكة، وسط احتمالات خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي السعودي. هذه التوقعات قد تعزز من قدرة البنوك على تقديم قروض بشروط أكثر تنافسية، ما يدفع البعض إلى النظر إلى أسهم البنوك كفرصة استثمارية على المدى الطويل.
الترقب لاكتتاب “الإعادة السعودية“
إحدى القضايا التي تثير اهتمام المستثمرين حاليًا في السوق السعودي هي عملية اكتتاب زيادة رأسمال شركة “الإعادة السعودية”. الشركة أعلنت عن اكتتاب بنسبة 30% لصالح “صندوق الاستثمارات العامة”، وهو ما يشير إلى دور متزايد للصندوق السيادي في دعم الشركات السعودية. وقد تم تعيين عضوين من الصندوق السيادي في مجلس إدارة الشركة، وهما “فهد الجميح” و”محمد السديري”.
هذا الاكتتاب يتوقع أن يساهم في تعزيز وضع الشركة المالي، ويزيد من اهتمام السوق في أسهمها. ومع دخول “صندوق الاستثمارات العامة” كشريك رئيسي، يعكس ذلك التزام الحكومة السعودية بدعم القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات المحلية.
دور السياسات المالية في تعزيز النمو
تلعب السياسات المالية الحكومية دورًا حيويًا في دعم السوق السعودي في هذه الأوقات الحساسة. مع تزايد التحديات الاقتصادية العالمية، تحتاج المملكة إلى تبني استراتيجيات مبتكرة لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز قدرة الشركات على النمو والتوسع. إن تشجيع الاكتتابات وزيادات رؤوس الأموال ليس كافيًا بمفرده، بل يجب أن يترافق مع خطط حكومية مدروسة لتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
اكتتابات وتحفيز السيولة: دعم نمو السوق السعودي
يشهد السوق السعودي في الفترة الحالية حالة من الترقب والانتظار لعدة عوامل محورية. من أبرز هذه العوامل، نتائج أعمال الشركات للربع الرابع من العام، بالإضافة إلى الاكتتابات الجديدة وزيادات رؤوس الأموال التي ستؤثر بشكل كبير على تحفيز السيولة في السوق. هذه الأحداث تعتبر بمثابة محركات رئيسية للنمو الاقتصادي، التي ينتظرها المستثمرون المحليون والأجانب سواء.
أهمية الاكتتابات في تعزيز السيولة
يشار إلى أن السوق السعودي في وضع انتظاري، حيث تتجه الأنظار نحو النتائج المالية للربع الرابع من العام.
وكذلك الاكتتابات الجديدة التي تعد بتحفيز السيولة. في هذا السياق، يمكن القول إن هذه الاكتتابات تعمل على تنشيط السوق المحلي وفتح فرص جديدة للمستثمرين. من بين الاكتتابات المنتظرة، موافقة هيئة السوق المالية على طرح 9% من أسهم “أم القرى للتنمية والإعمار”، إضافة إلى طرح 45% من رأسمال “إجادة للنظم” التابعة لمصرف الراجحي. هذه الاكتتابات ستساهم في جذب الاستثمارات وفرص جديدة في السوق المالي السعودي.
إلى جانب الاكتتابات، تخطط شركة “أكوا باور” لزيادة رأس المال بقيمة 7.1 مليار ريال.
وهو ما يعتبر خطوة استراتيجية لدعم نمو الشركة وتعزيز استثماراتها المستقبلية. هذا النوع من التحركات يساهم في تنشيط حركة الأموال داخل السوق ويحفز الاقتصاد بشكل عام. كما أن هذه الاكتتابات تساعد في تنويع مصادر التمويل للشركات وتوفير فرص استثمارية.
العوامل الاقتصادية العالمية وتأثيرها المحلي
لا يقتصر التأثير على الاكتتابات فقط، بل يمتد إلى العوامل الاقتصادية العالمية التي تؤثر بشكل مباشر على السوق السعودي. على المستوى الدولي، أبقت الصين على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير في الوقت الحالي، مع الحفاظ على خياراتها مفتوحة لمواجهة أي تطورات تجارية مع الولايات المتحدة. الصين، كونها أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للمملكة العربية السعودية، تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد السعودي.
البيانات الأخيرة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية تشير إلى تراجع فائض الميزان التجاري بنسبة 28% في أكتوبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. جاء هذا التراجع نتيجة لانخفاض الصادرات النفطية السعودية، التي تعتبر المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية.
التوازن بين العوامل المحلية والدولية
يشير هذا المشهد إلى توازن دقيق بين العوامل المحلية والدولية التي تؤثر على السوق السعودي. من جهة، تتزايد الحاجة إلى محفزات أقوى لدعم السوق المحلي ودفعها نحو النمو المستدام. ومن جهة أخرى، تؤثر العوامل الخارجية، مثل تغيرات أسعار الفائدة في الدول الكبرى وتذبذب أسعار النفط، بشكل ملحوظ على الوضع الاقتصادي في المملكة. في هذا الإطار، تحتاج الحكومة السعودية إلى الاستمرار في تنفيذ سياسات مالية مرنة لتقليل تأثير هذه المتغيرات على السوق المحلي.
إن التأثيرات الاقتصادية العالمية، خاصة تلك المتعلقة بالاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
تظل أحد أكبر التحديات التي تواجه المملكة في الوقت الحالي. ولكن بالمقابل، هناك فرص كبيرة يمكن استغلالها من خلال تحفيز الاكتتابات وزيادة رأس المال، مما يسهم في تعزيز السيولة في السوق السعودي.
التوقعات المستقبلية للسوق السعودي
من المتوقع أن يستمر السوق السعودي في مواجهة تحدياته الاقتصادية بسبب التأثيرات العالمية والمحلية على حد سواء. ومع ذلك، يُنتظر أن تساهم الاكتتابات القادمة وزيادات رؤوس الأموال في تحفيز السيولة وتنشيط حركة التداول في السوق. كما أن الاستثمار في القطاعات غير النفطية مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا قد يكون من العوامل الأساسية التي تساهم في دعم النمو المستدام في المملكة.
وفي إطار هذه التطورات، يجب على المستثمرين في السوق السعودي أن يكونوا على دراية كاملة بالتحديات الاقتصادية المحلية والعالمية التي قد تؤثر على استثماراتهم. ولكن في الوقت ذاته، يمكن الاستفادة من الفرص المتاحة عبر مراقبة الاكتتابات وزيادات رؤوس الأموال في الشركات الكبرى، التي تعد من العوامل المحفزة للسوق في المستقبل.